روسيا لم تعد "بلد العرائس"... نقص النساء يفاقم أزمة المواليد
عربي
منذ يوم
مشاركة

ناقش مجلس الدوما (النواب) في منتصف يوليو/ تموز الماضي، أولويات السياسة السكانية في روسيا وضرورة اتخاذ كل الإجراءات لدعم العائلات في الوضع الديمغرافي الراهن، ومن بينها معونة "رأسمال الأم" لتحفيز تعدد الأبناء.

رغم أن السلطات الروسية تحاول تقديم حوافز مادية واجتماعية مختلفة للعائلات من أجل تشجيعها على الإنجاب ومواجهة تحدي تراجع عدد السكان في القرن الـ21، يتناقص عدد السكان عاماً بعد آخر وسط اتباع السكان النمط الغربي للأسر في حصر الإنجاب بطفل واحد أو طفلين حداً أقصى غالباً، وندرة تلك التي تنجب ثلاثة أطفال وأكثر.

وتشير بيانات هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" إلى أن عدد السكان بلغ 146.028 مليون نسمة في بداية العام الحالي، بتراجع طفيف بنسبة 0.08%، بعدما باتت حركة الهجرة الوافدة إلى روسيا تعوض جزئياً الفجوة بين عدد الوفيات والمواليد.

وما يزيد تحديات روسيا الديمغرافية في المرحلة الراهنة هو مرور ثلاثة عقود على تفكك الاتحاد السوفييتي في بداية تسعينيات القرن العشرين، وما ترتب عنه من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وتراجع عدد المواليد، ما يعني أن جيل التسعينيات، قليل العدد أصلاً، دخل سن الإنجاب في السنوات الأخيرة، وسط تراجع عدد النساء في سن الخصوبة.

ومع تحول القضية الديمغرافية إلى الشغل الشاغل للسلطات الروسية، أوضح وزير العمل والرعاية الاجتماعية أنطون كوتياكوف أن الوزارة تعدّ بتكليف من الرئيس فلاديمير بوتين إصلاحاً لمنظومة "رأسمال الأم" لتحفيز حالات إنجاب جديدة".

ويقرّ كوتياكوف بتراجع عدد النساء في سن الإنجاب من 39 مليوناً قبل عقدين إلى 34 مليوناً حالياً. ويشير إلى أن التوقعات الديمغرافية الصادرة عن هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" تظهر استمرار هذا التوجه حتى عام 2046، حين يتوقع أن يتراجع عدد النساء في سن الإنجاب إلى 27.5 مليوناً، معتبراً أن "تعدد الأبناء هو إحدى وسائل ضمان زيادة عدد المواليد". ويكشف اعتماد المعيار الموحد لسياسات مرافقة ودعم العائلات الطلابية التي يكونها الشباب في سن مبكرة حتى قبل تخرجهم من الجامعات.

ويوضح رئيس مجلس الإشراف في معهد الديمغرافيا والهجرة والتنمية الإقليمية في موسكو يوري كروبنوف أن تراجع عدد النساء في سن الإنجاب كان متوقعاً وأمكن التنبؤ به قبل ثلاثة عقود، مشيداً في الوقت نفسه بإجراءات دعم العائلات الطلابية والفتية بما قد يؤدي إلى خفض سن إنجاب الطفل الأول، ويترك متسعاً للنساء لإنجاب طفل ثانٍ وربما ثالث.

ويقول كروبنوف لـ"العربي الجديد": "ثمة نقص في عدد النساء في سن الإنجاب سيتفاقم حتماً في السنوات القادمة. وكان يمكن التنبؤ بذلك حتى قبل ثلاثة عقود، وقد شهدت التسعينيات تراجعاً حاداً في عدد المواليد الذكور والإناث، لكن الإحصاءات تعتمد أعداد النساء فقط، إذ إن المرأة هي التي تنجب وتتخذ القرار النهائي بالإنجاب أو عدمه".

ويعتبر كروبنوف أن "دعم العائلات الفتية إجراء فعّال لزيادة عدد المواليد. ارتفع حالياً متوسط عمر المرأة عند إنجاب الطفل الأول إلى 28 عاماً، وقد يساعد دعم العائلات الفتية في خفض سن إنجاب الطفل الأول، وسيترك للمرأة حيزاً كافياً من سن الخصوبة لإنجاب طفلٍ ثانٍ وثالث". وهو يقلل من دقة الصورة النمطية التي تقدم روسيا بأنها "بلد عرائس" يفوق عدد النساء فيه عدد الرجال، ويقول: "في العالم أجمع، يبلغ عدد المواليد الذكور نحو 105 على كل 100 أنثى بلا تفسير علمي قاطع لذلك. وبحلول سن الـ30، يصبح عدد الذكور والإناث متساوياً، ثم تزداد نسبة النساء. وفي الشرائح العمرية المتقدمة فقط خارج سن الإنجاب، يفوق عدد النساء عدد الرجال كثيراً".

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقرّ بأن روسيا تواجه مشكلة نقص في عدد النساء في سن الإنجاب، مستشهداً بأغنية سوفييتية تورد أن "كل عشر فتيات عليهن تسعة فتيان". ولفت إلى أن "الإحصاءات تغيّرت، وأصبح هناك نقص في النساء". جاء ذلك في إطار تعليقه على إحاطة قدمتها نائبة رئيس الوزراء الروسي تاتيانا غوليكوفا في اجتماع تناول القضايا الاجتماعية، وعزت فيها تراجع عدد النساء في سن الإنجاب إلى موجتي تراجع المواليد أثناء الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، ثم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في التسعينيات.

ومن أجل تحفيز العائلات على الإنجاب، تقدم السلطات الروسية إعانات مختلفة لعائلات لديها أطفال، أبرزها معونة "رأسمال الأم" البالغة قيمتها نحو 690 ألف روبل (نحو 9 آلاف دولار وفقاً لسعر الصرف الحالي) في حال إنجاب طفل واحد، أو 912 ألف روبل (نحو 12 ألف دولار) في حال التقدم بطلب الحصول عليها بعد إنجاب الطفل الثاني.

ولا تصرف المعونة نقداً، بل تستثمر في تحسين ظروف السكن والتعليم وغيرهما من النفقات التي تنفع الأسرة. وحتى عام 2020، كانت معونة "رأسمال الأم" تصرف عند إنجاب الطفل الثاني، ثم أصبحت تصرف بعد إنجاب الطفل الأول، ما أثار تساؤلات علماء الديمغرافيا عن مدى فاعليتها في تحفيز العائلات على إنجاب أبناء.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية