
خطف السباح التونسي الشاب أحمد الجوادي (20 سنة) قلوب الجماهير التونسية والمتابعين في العالم العربي بشكل عام، بعدما حصد ميداليتين ذهبيتين في مونديال السباحة والألعاب المائية سنغافورة 2025، تحديداً في سباقي 800 متر و1500 متر، ولم تنقطع القصص الجميلة عن الجوادي حتى صار مثالاً يحتذى به من قِبل الرياضيين التونسيين والعرب من أجل تحدي الظروف الصعبة التي يمكن أن تعترضهم في مسيرتهم، وهو ما عاشه النجم الشاب في بداياته، قبل أن يصبح اليوم حديث الصحف العالمية التي أشادت بصعوده السريع في رياضة السباحة.
من المعاناة إلى القمّة
لا يمكن لصورة البطل الخارق، التي أصبح عليها الجوادي، أن تخفي التهميش الذي عاشه هذا السباح في بلاده، حيث صرّح سنة 2023 بأن الاتحاد التونسي للعبة ووزارة الرياضة المحلية واللجنة الأولمبية لم تقدّم له الدعم المالي والمعنوي، ولم تُعِر مستقبله أي اهتمام، رغم تتويجه في ذلك الوقت ببطولتي أفريقيا والعرب، وبطولة فرنسا للشباب. وأكد الجوادي حينها في تصريحات للإذاعة الوطنية التونسية أنّه لم يحصل على الجائزة المالية لتتويجه بميداليتين ذهبيتين في بطولة أفريقيا سنة 2022، مشيراً إلى أنه يشعر بالضياع، وينتظر من الهياكل الرياضية في تونس مجرّد اتصال هاتفي للإطمئنان على وضعه في فرنسا.
التوقف عن الدراسة
في 2023، اضطر الجوادي إلى التوقّف مدة سنة عن الدراسة في فرنسا، وهو في عامه الـ18، وتفرّغ للتدريبات، إذ انضم في شهر سبتمبر/أيلول من ذلك العام إلى الفريق الذي يقوده النجم الفرنسي السابق ومدربه الحالي فيليب لوكاس، ويضمّ أفضل السباحين في هذا البلد الأوروبي، وذلك بطلب من الأخير. وشعر لوكاس بأن الجوادي يملك موهبة تستحق العمل إلى جانبها من أجل التطور وبلوغ المستوى العالمي، وهو ما تحقّق في نهاية الأمر. وبحسب المعطيات التي حصل عليها "العربي الجديد"، فإن سفر النجم التونسي إلى فرنسا كان على نفقته الخاصة وبمساهمة كبيرة من عائلته فقط.
المدرب من دون مستحقات
كان قرار أحمد الجوادي التوقف عن الدراسة يهدف أساساً إلى تطوير مستواه والتركيز على التأهل لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، ليحقق هدفه هذا للمرة الأولى في مسيرته، وقد كان قريباً من كسب ميدالية برونزية في سباق 400 متر في ذلك الأولمبياد (احتل المركز الرابع)، كما قاده المدرب الفرنسي إلى الحصول على الذهب ثلاث مرات، واحدة منها كانت العام الماضي في مونديال المسابح الصغيرة الذي أقيم في المجر. ورغم كل هذه النجاحات، فإنّ المدرب الفرنسي لم يحصل على مستحقاته المادية تماماً طيلة المدة التي عمل فيها مع الجوادي إلى حد الآن، وهو ما جعل البطل التونسي يحتج لدى الاتحاد التونسي ووزارة الرياضة في بلده، وطالبهما باحترام العقد الذي يربطه مع لوكاس، وفقًا لما كشفه مصدر مقرب منه.
هذا ما فعله الجوادي من أجل الحفناوي
تجمع الجوادي علاقة مميزة مع صديقه ومواطنه أحمد أيوب الحفناوي، البطل الأولمبي والعالمي، وقد ظهر تضامنه معه بشكل قويّ عندما استضافه إلى جانبه للعيش والتدرب في فرنسا العام الماضي، وذلك عندما أجبر الحفناوي على مغادرة الولايات المتحدة الأميركية بسبب مشكلة التأشيرة التي حرمته من مواصلة دراسته وتدريباته هناك. وكشف المصدر نفسه في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ الجوادي ساند مواطنه بقوة خلال تلك الفترة، واتصل بالمسؤولين في بلده مطالباً إياهم بمساندة أيوب مادياً ومعنوياً، كما كان سنداً كبيراً له عند إيقافه 21 شهراً بسبب مخالفته لوائح تعاطي المنشطات.
