حافلات وطرود غذائية لدفع الموظفين والبسطاء إلى التصويت بانتخابات مصر
عربي
منذ يوم
مشاركة

من جديد، لجأ حزب "مستقبل وطن" المصري المدعوم من النظام الحاكم إلى استخدام طرود الغذاء، من أجل دفع البسطاء إلى التصويت لصالح مرشحيه في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، التي بدأت في التاسعة من صباح اليوم الاثنين، وتنتهي بحلول التاسعة من مساء غد الثلاثاء.

ورصد "العربي الجديد" إقبالاً محدوداً من الناخبين في معظم لجان العاصمة القاهرة، خلال الساعات الأولى من التصويت، وسط محاولات من أنصار "مستقبل وطن" لإظهار حالة من الزحام أمام عدد من المدارس التي تحتوي مقار للجان الانتخاب، وهو زحام "مصطنع" من أعضاء الحزب، ولا علاقة له بعدد الناخبين الحقيقي ممن يصوتون داخل اللجان نفسها.

وفي مواجهة ضعف الإقبال، تجلت بوضوح محاولات الحزب حشد النساء، اللواتي عمدن إلى تغطية وجوههن أثناء تصويرهن على أبواب اللجان من قبل أنصار الحزب، حتى لا يتعرف إليهن أحد، بعدما تحصلن على الطرود التي تمنح كل واحدة منهن كرتونة غذاء تحتوي على عبوة من زيت الطعام، وكيلوغرام من الأرز، وآخر من السكر الأبيض، وثالث من الدقيق (الطحين).

وقال أمجد إسماعيل، الموظف في شركة مطاحن جنوب القاهرة والجيزة التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، إن رئيس مجلس إدارة الشركة اجتمع بجميع الموظفين صباحاً مطالباً إياهم بتقسيم أنفسهم إلى مجموعتين، الأولى تنصرف باكراً عن مواعيد العمل الرسمية اليوم، في إطار تسهيل عملية التصويت في انتخابات الشيوخ، والثانية تنصرف باكراً غداً للتصويت.

وأضاف إسماعيل لـ"العربي الجديد"، أن الانتخابات البرلمانية تختلف عن انتخابات الرئاسة أو الاستفتاء على الدستور، إذ لا توجد لجان للمغتربين تتيح تصويت جميع موظفي الشركة داخلها، ويشترط فيها التصويت بمحل الإقامة المدون في بطاقة الرقم القومي، مستطرداً بأن أغلب الموظفين بالشركة محل إقامتهم يعود إلى محافظات مثل القليوبية والمنوفية والغربية، وبالتالي لا يمكنهم التصويت في القاهرة أو الجيزة.

وأوضح ن الشركة وفرت حافلتين اثنتين من مقرها الرئيسي في شارع الملك فيصل بمحافظة الجيزة، حيث تجمع نحو 100 موظف أمام إحدى المدارس المعروفة بشارع الهرم للتصوير أمامها على أنهم من الناخبين، ثم سرعان ما عادوا إلى مقر الشركة لاستكمال عملهم من دون أن يصوت أحد منهم.

بدوره، قال أحمد الماحي، الموظف في الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، إن الأمر ذاته تكرر في الهيئة التي يقع مقرها في شارع قصر العيني بوسط القاهرة، بعدما وفرت إدارة الهيئة ثلاث حافلات لنقل الموظفين للتصوير أمام اللجان من دون انتخاب، بالتنسيق مع أمانة حزب مستقبل وطن في القاهرة.

وأضاف الماحي لـ"العربي الجديد"، أن كل ما يهم القائمين على إدارة العملية الانتخابية هو "أخذ اللقطة" عبر المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، والترويج لوجود حشد ناخبين أمام لجان الانتخاب في مجلس الشيوخ، على خلاف الحقيقة، مشيراً إلى استغلال كثير من المرشحين حاجة الفقراء إلى المال، وعملهم على توفير احتياجاتهم الغذائية بالتزامن مع إجراء الانتخابات، أملاً في التصويت لصالحهم، وعدم مقاطعة الانتخابات.

وتجاوزت تكلفة إجراء انتخابات مجلس الشيوخ ثلاثة مليارات جنيه (61.6 مليون دولار) في الخارج والداخل، على خلفية ارتفاع عدد أعضاء الهيئات الدبلوماسية والقضائية والموظفين الحكوميين المشرفين على الانتخابات، وزيادة قيمة البدلات المالية التي يتحصلون عليها. ولأول مرة منذ عام 2011، يشرف أعضاء من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة على عمليات الاقتراع والفرز في انتخابات الشيوخ، بدلاً من الجهات القضائية ممثلة في القضاء العالي والنيابة العامة ومجلس الدولة، بعد تطبيق النص الدستوري الخاص بإلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، بمضي عشر سنوات من تاريخ إقرار دستور 2014.

وفي مقر لجنته الانتخابية بمدرسة مصطفى يسري في حي مصر الجديدة، شرقي القاهرة، أدلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ، رفقة حراسة أمنية مشددة، مع منع للمواطنين والناخبين من الوجود في محيط المدرسة لمدة ساعتين قبل حضوره للتصويت، وساعة بعد مغادرته. كما أدلى رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، بصوته في انتخابات الشيوخ بلجنة مدرسة مصطفى كامل بمنطقة النزهة، ورئيس مجلس الشيوخ، عبد الوهاب عبد الرازق، في مدرسة أحمد عبد الوهاب بحي المعادي، جنوبي القاهرة. كذلك، أدلى رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، بصوته في لجنة المدرسة المصرية اليابانية بمدينة الشيخ زايد في محافظة الجيزة.

وصرح مدبولي بأن "أجهزة الدولة كانت حريصة على اتخاذ التدابير والإجراءات التي تضمن سير العملية الانتخابية في مناخ آمن ومنضبط، في مختلف لجان الاقتراع بـ27 محافظة"، مثمناً جهود الهيئة الوطنية للانتخابات في "توفير بيئة انتخابية حضارية تتيح للمواطنين ممارسة حقهم الدستوري بكل سهولة ويسر وشفافية". وتكشفت معالم أزمة سياسية عميقة في مصر، بعدما ترشحت "القائمة الوطنية من أجل مصر" منفردة على نصف مقاعد مجلس الشيوخ، والمخصصة لنظام القائمة المغلقة المطلقة بواقع 100 مقعد، إثر عزوف الأحزاب والمستقلين عن تشكيل قوائم منافسة لها، باعتبار أن الانتخابات محسومة سلفاً لصالحها.

وتحظى القائمة بدعم واسع من جميع أجهزة الدولة، بما في ذلك الهيئة الوطنية للانتخابات، وهي قائمة شكلت وتدار بمعرفة الأجهزة الأمنية، وتضم 12 حزباً موالياً، أبرزها مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية والشعب الجمهوري. ودفعت هذه الأحزاب الأربعة وحدها بـ94 مرشحاً على النظام الفردي المخصص له 100 مقعد، غالبيتهم الكاسحة من رجال الأعمال البارزين.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية