
حثّ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المواطنين على شراء السلع المصنوعة محلياً لدعم الاقتصاد في ظل حالة عدم اليقين العالمية المتزايدة. وجاءت تصريحاته بعد أيام من فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 25% على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، إلى جانب رسوم أعلى على عدة دول أخرى، ما أثار مخاوف من تباطؤ النمو العالمي وتقلبات في الأسواق، بحسب ما أوردته وكالة بلومبيرغ.
وخلال تجمع جماهيري في ولاية أوتار براديش شمالي الهند أمس السبت، لم يُشر مودي مباشرة إلى الرسوم الأميركية، لكنه قال إنّ "الاقتصاد العالمي يمرّ بحالة من القلق، وهناك أجواء من عدم الاستقرار. الآن، يجب أن يكون لدينا مقياس واحد لما نشتريه: أن نشتري فقط ما صُنع بعرق الهنود". ويعكس تركيز مودي المتجدد على التصنيع والاستهلاك المحليين مبادرته القديمة "صُنع في الهند"، غير أنّ رسالته باتت أكثر إلحاحاً بعد فرض الرسوم الجمركية الأميركية.
وكان ترامب قد اتهم الهند أخيراً بفرض رسوم جمركية مرتفعة بشكل غير متناسب مقارنةً بدول آسيوية أخرى، محذراً من عقوبات إضافية، ومشيراً إلى استمرار نيودلهي في صفقاتها بمجالي الطاقة والدفاع مع روسيا. وشدد مودي في كلمته على أهمية حماية المصالح الاقتصادية للهند في ظل الأوضاع العالمية غير المستقرة قائلاً:"مصالح مزارعينا، وصناعاتنا الصغيرة، وتوظيف شبابنا لها الأهمية القصوى". وأضاف أنّ على الهند أن تبقى يقظة في ما يتعلق بمصالحها الاقتصادية، خاصة في الوقت الذي تركز فيه الدول الأخرى على حماية مصالحها الخاصة.
تأتي هذه التطورات، وفقاً لـ"بلومبيرغ"، في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية بين واشنطن ونيودلهي توترات متزايدة، لا سيما بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2019 من برنامج نظام الأفضليات المعمم (GSP) الذي كان يمنح الهند إعفاءات جمركية على صادرات معينة. ومنذ ذلك الحين، تزايدت الخلافات حول الرسوم الجمركية، وقضايا الملكية الفكرية، ومعايير التجارة الإلكترونية، إلى جانب الموقف الهندي الحذر في الملف الأوكراني وعلاقاتها الاقتصادية المستمرة مع روسيا، خصوصاً في قطاع الطاقة.
ورغم أنّ الولايات المتحدة تعد من أكبر الشركاء التجاريين للهند، إلا أنّ الحكومة الهندية تسعى منذ سنوات إلى تقليل اعتمادها على الأسواق الخارجية من خلال تعزيز التصنيع المحلي وزيادة الاعتماد على المنتجات الوطنية، وهي سياسة تراها ضرورية لمواجهة الصدمات الخارجية وحماية فرص العمل الداخلية.
تصريحات مودي الأخيرة تعكس إدراكاً متزايداً لدى القيادة الهندية بأنّ تقلبات الاقتصاد العالمي والنزاعات التجارية بين القوى الكبرى قد تدفع الدول النامية إلى إعادة النظر في أولوياتها الاقتصادية. ومع استمرار الضغوط الأميركية، قد تجد الهند نفسها مضطرة لتسريع خططها في تحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي والاعتماد على سوقها المحلية، ليس فقط خياراً اقتصادياً، بل ضرورة استراتيجية لحماية استقرارها في عالم يسوده عدم اليقين.

أخبار ذات صلة.
