مأزق أنظمة الانقلابات في أفريقيا جنوب الصحراء
دولي
منذ يومين
مشاركة

لا يكاد يمر يوم دون أن تتناقل فيه وسائل الإعلام المحلية والعالمية أنباء عن عمليات شنتها الجماعات الإرهابية الإسلامية في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي.

والملاحظ أن هذه العمليات أصبحت أكثر تواترا وأكثر خطورة بسبب تزايد عدد القتلى في صفوف جنود هذه البلدان. هو وضع يتعارض مع الخطابات التي صاحبت الانقلابات العسكرية والتي ركزت على ضرورة تحقيق الأمن والتصدي الصارم للجماعات الإرهابية. فالواقع الميداني يقول، إن فترة النشوة بالانقلاب قد ولت وبدأت الأنظمة العسكرية تجد نفسها في مأزق شامل تُمثل عودة نشاط الجماعات الإرهابية مجرد مؤشر عنه. 

في بداية الأسبوع المنقضي، شهدت بوركينا فاسو هجومين جهاديين في شمال شرقي البلاد استهدف واحدا منها فرقة عسكرية واستهدف الثاني قافلة إمدادات للجيش. وقد أدى الهجومان إلى سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الجيش البوركيني والمدنيين. كما شهدت مالي بدورها يوم الجمعة الماضي هجوما شنته جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة استهدف الجيش المالي وعناصر من مجموعة أفريكا كوربس الروسية وأدت إلى سقوط قتلى لم يتم الإعلان عن عددهم. من جهتها، تشكو النيجر منذ أشهر عودة قوية لنشاط الجماعات الإرهابية تميزت بتزايد نسق تواترها وخاصة بارتفاع عدد ضحاياها من الجيش النظامي. إذ يقدر عدد هؤلاء سنتين بعد الانقلاب على حكم الرئيس المنتخب، محمد بازوم، بأكثر من 1400 قتيل حسب مصادر حقوقية نيجيرية.  

من الواضح إذن عبر توسع نشاط الجماعات الإرهابية أن رهان استعادة الأمن ومقاومة الإرهاب الذي تعللت به المجموعات العسكرية التي قادت الانقلابات، قد فقد كل مشروعية. أكثر من ذلك، بدأت حدة هذه الهجمات وقدرتها على الإيقاع بعدد كبير من الضحايا في صفوف العسكريين، تقزم صورة المؤسسة العسكرية الحاكمة وتكشف عن ضعفها ووهنها مما يطرح السؤال حول قدرتها على مواصلة التحكم في الأوضاع في ظل محدودية النجاحات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. فكل ما شهدته هذه البلدان هو فقط ضرب للحريات وضرب للديمقراطية مع تراجع للوضع الاقتصادي تعكسه مستويات التضخم على سبيل الذكر.

تحيلنا جملة التطورات الأمنية وحصيلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في هذه البلدان إلى سؤال أهم يتعلق بطبيعة الانقلابات وخلفياتها. فمن الواضح أنها لم تكن نابعة من حاجة مجتمعية بالرغم من محدودية الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية للتجربة الديمقراطية السابقة. فالمرجح أن يكون تغير توجه الرأي العام في بلدان مالي والنيجر وبوركينا فاسو المعادي لفرنسا وللحكومات المنتخبة مرده الدعاية الروسية على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن يبدو أن روسيا بدورها تقف اليوم أمام مأزق هذا التدخل. 

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية