
أعلن الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب استعداده للموافقة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال تقدّمت الحكومة بمثل هذا الاقتراح. وتعهّدت دول عدّة بينها فرنسا وكندا، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية بالتزامن مع دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرّر عقدها في سبتمبر/أيلول المقبل. وكتب ستاب في منشور على منصة "إكس" أمس الخميس "قرارات فرنسا وبريطانيا وكندا تعزّز التوجّه نحو الاعتراف بفلسطين، في إطار الجهود الرامية إلى إحياء عملية السلام".
ورغم أن الرئيس الفنلندي المُنتخب لولاية من ست سنوات يتمتّع بصلاحيات محدودة، لكنه يشارك في تنسيق السياسة الخارجية للبلاد بالتعاون الوثيق مع الحكومة. وأضاف ستاب "إذا تلقيت اقتراحاً للاعتراف بدولة فلسطين، فأنا مستعد للموافقة عليه"، مندّداً بالوضع غير الإنساني في قطاع غزة.
وأشار إلى أنّه يُدرك وجود "آراء متباينة" لدى الفنلنديين حيال الاعتراف بالدولة الفلسطينية إضافة إلى "مخاوف"، داعياً إلى "نقاش منفتح وصادق". ويُعارض حزبا "الفنلنديون الحقيقيون" اليميني المتطرف و"الديمقراطيون المسيحيون" الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
من جهته، جدّد رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو الجمعة، تأكيد دعم هلسنكي لحل الدولتين، من دون أن يُحدّد ما إذا كانت حكومته تعتزم المضي قدماً في الاعتراف. وأوضح أنّ المشاورات مع الرئيس بشأن السياسة الخارجية وقضايا الشرق الأوسط ستتواصل حتى موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية سبتمبر.
ورحبت دول ومنظمات عربية، باعتزام عدد من الدول الغربية الاعتراف بدولة فلسطين، ووصفت الخطوة بأنها "مهمة نحو تحقيق السلام في المنطقة". وشملت بيانات الترحيب، التي صدرت عبر وزارات الخارجية، كلّاً من السعودية، وقطر، والكويت، وسلطنة عمان، والإمارات، ومصر، والأردن، والعراق، ومجلس التعاون الخليجي. والأربعاء، أطلقت 15 دولة غربية، بينها فرنسا وإسبانيا، نداء جماعياً للاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة.
ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن الإعلانات المتتالية لدول أوروبية وغربية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تعكس نهاية الدعم غير المشروط لإسرائيل وحدوث تحول جذري في سياسات تلك الدول بشأن المنطقة. ووفقاً لخبراء تحدثوا لوكالة "الأناضول"، فإن اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بدولة فلسطين على حدود 1967 في عام 2024، ومن ثم قرار فرنسا المماثل، وإعلان بريطانيا أنها ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا لم تستجب إسرائيل لشروط معينة أو توافق على وقف إطلاق النار في غزة، يعد مؤشرًا على تحول في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل.
البروفيسور جون كويغلي، خبير القانون الدولي المتقاعد من جامعة أوهايو الأميركية، ذكر أن إعلان فرنسا نيتها الاعتراف بفلسطين يحمل أهمية رمزية وسياسية وقانونية كبيرة. وأوضح كويغلي أن هناك صلة بين قرار فرنسا الاعتراف بفلسطين والإبادة الجماعية في غزة، مشيرًا إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ذكر هذه الصلة صراحة.
من جانبها، شددت الخبيرة في القانون الدولي، لينا الملك، على أن اعتراف الدول بفلسطين سيكون له تبعات قانونية. وقالت إنه "ستكون لدى الدول المعترفة مسؤولية بعدم دعم الاحتلال المستمر وانتهاكات القانون الدولي بأي شكل". وأضافت أن هذه المسؤولية موجودة أصلاً، ولكن مع الاعتراف بفلسطين دولةً، سيتعين على تلك الدول الوفاء بها بشكل أكثر وضوحاً.
بدورها، أكدت الباحثة في الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان البريطاني، لارا بيرد-ليكي، أن نهج لندن في ربط الاعتراف بفلسطين بشروط مسبقة يعتبر إشكالياً. وقالت إنه "من المهم توضيح ما تقوله الحكومة البريطانية بالضبط، فقد أعلنت بريطانيا أنها ستعترف بفلسطين في سبتمبر، لكنها ربطت ذلك بشروط تتعلق بأفعال إسرائيل". وأكدت أن "هذا يمنح إسرائيل دوراً رئيسياً في تحديد ما ستفعله الحكومة البريطانية".
ومن أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة، تعترف 148 دولة بفلسطين، وفي الفترة الأخيرة أعلنت أكثر من دولة، بينها فرنسا وبريطانيا، اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين، كما لوحت أستراليا بخطوة مماثلة. ويتصاعد حراك الاعتراف بدولة فلسطين على خلفية حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، بدعم أميركي، على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، متجاهلة كل النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)
