
شهدت البورصات العالمية، اليوم الجمعة، تراجعات حادة، عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على 68 دولة والاتحاد الأوروبي، في خطوة تهدد بإشعال أزمة تجارية عالمية جديدة. وتأتي هذه التطورات وسط حالة من عدم اليقين تسود الأسواق، بينما يسعى المستثمرون لفهم تداعيات هذا القرار على الاقتصاد الدولي.
وجاء هذا التراجع في أعقاب تقلبات حادة في بورصة وول ستريت، وسط مخاوف من تداعيات القرار على الاقتصاد العالمي. أعلن البيت الأبيض أن القرار سيدخل حيز التنفيذ بعد 7 أيام، إذ أجّل ترامب الموعد النهائي لتطبيق التعرفات من الأول من أغسطس/آب إلى تاريخ لاحق، في خطوة فاقمت حالة عدم اليقين السائدة في الأسواق الدولية.
وفي أوروبا، تراجع مؤشر داكس الألماني بنسبة 1.5% ليبلغ 23,697.31 نقطة، فيما خسر مؤشر فوتسي 100 البريطاني 0.7% مسجلًا 9,068.97 نقاط، وانخفض كاك 40 الفرنسي بنسبة 1.6% إلى 7,647.56 نقاط. وفي آسيا، أغلقت الأسواق على انخفاض أيضًا، حيث تراجع مؤشر نيكي الياباني بنسبة 0.7% إلى 40,799.60 نقطة، وهبط كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة 3.9% إلى 3,119.41 نقاط. أما مؤشر هانغ سينغ في هونغ كونغ فانخفض بنسبة 1.1%، بينما سجل شنغهاي المجمع تراجعًا بنسبة 0.4%.
أما في الأسواق الأميركية، فهبطت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.8%، وكذلك داو جونز الصناعي بالنسبة نفسها، مما يعكس القلق المتزايد في أوساط المستثمرين من تداعيات السياسة التجارية الجديدة. وفي تحليله للتطورات، قال الخبير الاقتصادي ستيفن إينيس من شركة SBI لإدارة الأصول: القرار التنفيذي الجديد لترامب يفرض حدًّا أدنى للرسوم الجمركية بنسبة 10% على معظم الشركاء التجاريين، مع نسب أعلى تصل إلى 15% على الدول ذات الفائض التجاري مع الولايات المتحدة، وهو ما يضع ضغوطًا إضافية على النظام التجاري العالمي، مع استهداف خاص لكندا".
تصعيد جديد في سياسة ترامب التجارية
منذ توليه الرئاسة، تبنّى دونالد ترامب سياسة تجارية حمائية تقوم على مبدأ "أميركا أولًا"، وركّز بشكل خاص على تقليص العجز التجاري مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين. وقد شهدت ولايته الأولى نزاعات جمركية مع الصين وكندا والاتحاد الأوروبي، خلّفت آثارًا طويلة المدى على الأسواق وسلاسل التوريد العالمية.
القرار الجديد، الذي صدر في أمر تنفيذي وقع مساء أمس خلف أبواب مغلقة، يفرض تعرفات بنسبة 10% حدًّا أدنى على معظم الشركاء، ويرتفع إلى 15% أو أكثر بالنسبة للدول التي تحقق فائضًا تجاريًّا كبيرًا مع الولايات المتحدة. ويأتي ذلك بعد أن أجّل ترامب موعد بدء تنفيذ الرسوم إلى سبعة أيام لاحقة، أي بعد الأول من أغسطس/آب، في خطوة تشير إلى محاولة تنسيق جداول الرسوم مع بعض الشركاء الاستراتيجيين. وقد اعتُبرت كندا من بين الدول التي استُهدفت بشكل خاص، رغم كونها شريكًا اقتصاديًّا وجارًا جغرافيًّا، ما أثار تساؤلات حول مستقبل العلاقات التجارية في أميركا الشمالية.
يثير القرار الأميركي الجديد سلسلة من المخاوف تتعلق بتباطؤ النمو العالمي، وزيادة تكلفة السلع المستوردة، وتعقيد سلاسل التوريد الدولية التي لم تتعافَ بعد من آثار جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا. ومن المتوقع أن ترد بعض الدول المتضررة بإجراءات مضادة، سواء من خلال فرض تعرفات انتقامية أو عبر اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية، ما ينذر بتصاعد نزاعات تجارية قد تؤثر على الاستثمارات والوظائف.
كما أن توقيت القرار – في ظل تباطؤ اقتصادي عالمي، وتراجع ثقة المستثمرين، وتضخم مرتفع في العديد من الدول – يضعف القدرة على امتصاص صدمات إضافية في الأسواق. وبينما يرى البيت الأبيض أن هذه الخطوة ضرورية لحماية الاقتصاد الأميركي، قد تكون كلفتها السياسية والاقتصادية باهظة، خاصة على صعيد علاقات واشنطن بحلفائها، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى تعاون دولي لمواجهة التحديات المشتركة. وفي انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، تترقب الأسواق من كثب تحركات الدول المتضررة، وتصريحات الإدارة الأميركية، وسط تساؤلات عن مدى استعداد العالم للدخول في فصل جديد من الحروب التجارية.
(أسوشييتد برس ، العربي الجديد)
