
سجلت الموازنة السعودية عجزاً مالياً بلغ 34 مليار ريال سعودي (نحو 9.1 مليارات دولار) في الربع الثاني من عام 2025، وفق بيانات رسمية بثها التلفزيون السعودي اليوم الخميس، في وقت تتصاعد فيه التحديات المالية التي تواجه أكبر مصدر للنفط في العالم. ووفقاً للبيانات الحكومية، فقد بلغ إجمالي الإيرادات 301 مليار ريال، بينما تجاوزت النفقات 336 مليار ريال خلال الفترة الممتدة من إبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران. وجاءت إيرادات النفط وحدها عند 151 مليار ريال، ما يمثل نحو 50% من إجمالي الدخل الحكومي في هذا الربع.
وفي بيان صادر عن وزارة المالية السعودية، كُشف عن أرقام الموازنة التقديرية للعام المالي 2025، التي تُظهر استمرار العجز عند مستوى 101 مليار ريال، مع تقديرات إيرادات تبلغ 1.18 تريليون ريال، مقابل نفقات متوقعة تصل إلى 1.28 تريليون ريال. وتأتي هذه التوقعات في وقت تواصل فيه المملكة إنفاقها الضخم على مشاريع "رؤية 2030" التي يقودها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، وتهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط مصدراً أساسياً للدخل.
ورغم أن أسعار النفط العالمية شهدت تعافياً نسبياً خلال النصف الأول من العام، إلا أن الإيرادات لم تكن كافية لتغطية النفقات الحكومية المتصاعدة، التي تشمل مشاريع بنى تحتية ضخمة وتوسعاً في الإنفاق الاجتماعي والدفاعي. يُذكر أن السعودية كانت قد سجلت فائضاً مالياً نادراً عام 2022 بدعم من ارتفاع سعر برميل النفط فوق حاجز 100 دولار، إلا أن تراجع الأسعار لاحقاً بالتزامن مع خفض الإنتاج الطوعي في إطار اتفاق "أوبك+" أضعف قدرة المملكة على تحقيق توازن مالي.
وتواجه السعودية تحديات متزايدة في تحقيق أهدافها المالية وسط تنفيذ إصلاحات هيكلية تشمل فرض ضريبة القيمة المضافة، وتوسيع القاعدة الضريبية، وخصخصة عدد من القطاعات. ورغم المكاسب المحققة في قطاعات غير نفطية مثل السياحة والخدمات اللوجستية، فإن هذه القطاعات لا تزال غير قادرة على تعويض التقلبات في أسواق الطاقة. وتُعوِّل الحكومة السعودية على نمو الإيرادات غير النفطية في السنوات المقبلة، ولا سيما مع تنامي الاستثمارات في صندوق الاستثمارات العامة ومشاريع مثل "نيوم" و"القدية" و"الرياض الخضراء".
وأظهر استطلاع أجرته رويترز أن المحللين أبقوا على توقعاتهم لأسعار النفط دون تغيير في الغالب لعام 2025، مع تأثر السوق بارتفاع إنتاج تحالف أوبك+ وحالة الضبابية المستمرة المحيطة بالرسوم الجمركية الأميركية. ونقلت اليوم الخميس، عن محللين قولهم إن استمرار خطر تعطل الإمدادات بسبب الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط يوفر بعض الدعم. وأظهر استطلاع رأي لرويترز شمل 37 محللاً وخبيراً اقتصادياً في الأسبوعين الماضيين أن سعر برميل خام برنت سيبلغ في المتوسط 67.84 دولاراً عام 2025، وأن خام غرب تكساس الوسيط الأميركي سيحوم في حدود 64.61 دولاراً، بما يتماشى إلى حد كبير مع تقديرات الشهر الماضي البالغة 67.86 دولاراً لخام برنت و64.51 دولاراً للخام الأميركي.
