
حُكم على السويدي المتطرف أسامة كريم، اليوم الخميس، بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بالمشاركة في قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً في سورية من قبل تنظيم "داعش" الإرهابي عام 2015. وقالت القاضية آنا ليلينبرغ غوليسيو، في بيان صدر عن محكمة استوكهولم: "كان المتهم موجوداً في مكان الإعدام بزي عسكري ومسلح ووافق على تصويره (..) وساهم بشكل حاسم في مقتل الضحية، ويجب أن يُعتبر مشاركاً في تنفيذ الوقائع".
والمحكمة السويدية هي الجهة الأولى التي تحاكم شخصاً على خلفية جريمة قتل الكساسبة، التي أثارت استنكاراً دولياً عام 2015. وبينما أشارت القاضية إلى أن أدلة الفيديو أظهرت أن رجلاً آخر أشعل النار "ما تسبب مباشرةً في وفاة الطيار الأردني"، قالت إن "أفعال المدعى عليه ساهمت كثيراً في وفاة الضحية، ما يستدعي اعتباره مرتكباً للجريمة". وأضافت غوليسيو أن أفعال كريم تمثلت في "حراسة الضحية قبل الإعدام وفي أثنائه، ونقله إلى القفص حيث أُحرق وهو لا يزال حياً"، وقضت المحكمة بتعويض والدي الطيار الأردني وأخوته بمبلغ قدره 80 ألف كرونة سويدية (8200 دولار) لكل منهم.
من جانبه، قال جودت الكساسبة، شقيق الطيار، لفرانس برس إن "الفيديو الذي أصدرته داعش عام 2015 كان اسمه (شفاء صدور المؤمنين)، وهذا الحكم نوعاً ما جاء يشفي صدورنا (كعائلة) فهذه أشد عقوبة يمكن صدورها في أوروبا". وأضاف: "لدينا نوع من الرضى عن القرار، وباسم عائلة معاذ الكساسبة وباسم الشعب الأردني نشكر السويد وقضاءها النزيه على متابعة القضية، وندعو الدول الأخرى إلى عقد محاكمات مدنية في حال التعرف إلى الإرهابيين الذين شاركوا في الجريمة ضد الشهيد". وأشار إلى أن العائلة كانت "تتوقع هذا الحكم، فالمدان إرهابي لديه أحكام سابقة في باريس وبروكسل، وأقدم على عمليات قتل جماعي وعمليات إرهابية ضد الإنسانية بالعموم، فهذا الحكم نوعاً ما يريح العائلة".
في 24 ديسمبر/كانون الأول 2014، أُسقطت طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني في سورية بالقرب من الرقة، وأُسر الطيار في اليوم نفسه. وفي مقطع فيديو نُشر في 3 فبراير/شباط 2015 لعملية الإعدام، وُضع الطيار معاذ الكساسبة، الذي كان يرتدي ملابس برتقالية اللون، في قفص ثم أشعل أحد المسلحين الـ13 الذين ظهروا في الفيديو النار في القفص، ما أدى إلى مقتله. ولم يتمكن المدعون من تحديد التاريخ الدقيق للجريمة، لكن التحقيق حدد موقعها. وأثارت الجريمة صدمة في الأردن، الذي شارك مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في ضرب مواقع تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف في سورية.
ويقضي المتهم أسامة كريم، السويدي البالغ من العمر 32 عاماً، بالأساس أحكاماً بالسجن لفترات طويلة لدوره في هجمات باريس وبروكسل عامي 2015 و2016. وخلال جلسات المحاكمة، التي عُقدت بين الرابع من يونيو/حزيران الماضي و26 منه، طلب الادعاء من المحكمة الحكم على كريم بالسجن مدى الحياة بتهمة ارتكاب "جرائم حرب خطرة وجرائم إرهابية" لدوره في قتل الطيار. وطوال جلسات الاستماع لزم كريم الصمت، وقالت غوليسيو لفرانس برس إن حقيقة أن المتهم لم يتحدّث لم "تؤثر كثيراً في الحكم، إذ إن الادعاء قدّم أدلة ملموسة، وكان التحقيق دقيقاً".
لا تعاطف ولا ندم
ووفقاً لمحاميه، أقر كريم بوجوده وقت الجريمة في الموقع، لكنه أصر على أنه لم يمضِ سوى 15 إلى 20 دقيقة هناك، وأنه لم يكن لديه أي علم بما سيحدث. من جهته، قال ميكائيل ويسترلوند، محامي الطرف المدني في هذه القضية، إن كريم لم يُبد أي تعاطف أو ندم في المحكمة على ما ارتكب. وأضاف أن "معظم من شهدوا ما مر به معاذ سيحتاجون على الأرجح إلى علاج مدى الحياة، أو على الأقل طويل الأمد، للتغلب على الصدمة النفسية التي يتسبب بها أمر كهذا لأي شخص طبيعي". وحُكم على كريم بالسجن 30 عاماً بتهمة التواطؤ في هجمات باريس عام 2015، وبالسجن مدى الحياة في بلجيكا بتهمة الهجمات على مطار بروكسل الرئيسي ومترو الأنفاق عام 2016.
وكان شقيق الطيار قد انتقل من الأردن إلى السويد لحضور بعض جلسات المحاكمة والإدلاء بشهادته على الألم الذي لا يزال يتشاركه مع أحبائه. وقال ويسترلوند: "يبدو أنّ كريم لم يُصَب بصدمة نفسية، بل أُلهِم. لقد أُلهِم لمواصلة مشروعه الإرهابي، ما دفعه إلى المشاركة في أعمال إرهابية في أوروبا أدين لاحقاً بها".
وصورت عملية قتل الكساسبة حرقاً ونشرت في الثالث من فبراير/شباط 2015 في مقطع مصور مدته 22 دقيقة مرفقة بنشيد أُلِّف خصيصاً للواقعة، وتعذر تحديد تاريخ عملية القتل، إلا أن التحقيق سمح بتحديد المكان الذي حصلت فيه. ويُعتقد أن المشاركين الآخرين الذين ظهروا في مقطع الفيديو قد قُتلوا.
(فرانس برس)
