
عرض رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي في اجتماع المجلس الوزاري المصغّر الليلة الماضية (الاثنين – الثلاثاء) توجهاً جديداً للعمل في قطاع غزة، مع التركيز على "تغيير النهج" السياسي والاستراتيجي، محذراً الوسطاء في مفاوضات الصفقة، بضم قطاع غزة في حال فشل التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس. ويقصد نتنياهو بذلك، صفقة على مقاسات إسرائيل ووفق إملاءاتها، وهو الذي لم يتعهد حتى اليوم بإنهاء حرب الإبادة، علماً أنه من أفشل استمرار الصفقة السابقة.
وذكر موقع والاه العبري اليوم الثلاثاء، أنه وفقاً للخطة التي قُدمت لأعضاء الكابنيت المصغّر، ستمنح إسرائيل فرصة إضافية للوسطاء لمحاولة دفع حماس للتراجع والموافقة على مقترح الصفقة الذي طُرح قبل نحو أسبوعين، ووافقت عليه إسرائيل. مع ذلك، أوضح نتنياهو أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تنوي الانتظار إلى أجل غير مسمى، وسيتم تحديد مدة زمنية واضحة للحصول على رد إيجابي من حماس، يتيح التقدّم في المحادثات نحو اتفاق.
وفي حال "رفض أو مراوغة حماس"، وفق الموقع العبري، ستبدأ إسرائيل في ضم مناطق داخل قطاع غزة، وهو ما سبق أن أشارت إليه صحيفة هآرتس أيضاً مساء أمس الاثنين، قبل انعقاد الجلسة.
ولفت "والاه" أنه من أجل هذا الغرض، اقتُرح في الاجتماع إنشاء إدارة خاصة لتولّي السيطرة المدنية والأمنية في تلك المناطق. وأضاف الموقع العبري أنه في حال تنفيذ هذه الخطوة، فإنها ستمثّل تحولاً حاداً في سياسة إسرائيل تجاه غزة، وتشير إلى انتقال من سياسة الضغط للوصول إلى اتفاق، نحو فرض حقائق على الأرض. ومع ذلك، يعتقد المستوى السياسي الاسرائيلي أن هناك احتمالاً واقعياً للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وليس واضحاً مدى جدية هذه التهديدات الإسرائيلية وواقعيتها، في ظل ازدياد الضغوطات الدولية على إسرائيل لوقف الإبادة والتجويع، ومطالبات داخلية بإنهاء الحرب واستعادة المحتجزين، فضلاً عن إرهاق جنود جيش الاحتلال جسدياً ونفسياً، ما دفع عدداً منهم إلى الانتحار في الآونة الأخيرة، وتحذيرات من البقاء في وحل غزة، واستمرار وقوع جنود قتلى وجرحى، فاق عددهم الأربعين منذ استئناف القتال، فضلاً عن تشكيل قيادات سياسية وعسكرية بجدوى استمرار الحرب.
وكانت صحيفة هآرتس، قد ذكرت قبل جلسة الكابنيت، أنه من المتوقع أن يقترح رئيس نتنياهو على المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) خطة لضمّ مناطق في قطاع غزة، في محاولة للإبقاء على وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ضمن حكومته.
ووفقاً للخطة التي أشارت إليها صحيفة هآرتس العبرية، مساء الاثنين، ستعلن إسرائيل أنها تمنح حركة حماس أياماً عدّة للموافقة على وقف إطلاق النار، وإن لم يحدث ذلك، ستباشر بضمّ أراضي القطاع. وسيجري عرض هذه الخطوة على أعضاء الكابنيت في أعقاب قرار نتنياهو السماح بزيادة المساعدات الإنسانية المقدّمة للقطاع، الذي اتُّخذ رغم معارضة حزب الصهيونية الدينية، برئاسة سموتريتش، في ظل الضغط الدولي على دولة الاحتلال التي تواصل حرب الإبادة والتجويع.
وبحسب الخطة، ستُضم أولاً مناطق في المنطقة العازلة، وبعد ذلك تُضم مناطق في شمال القطاع المحاذية لمدينتَي سديروت وعسقلان. وسيتواصل هذا المسار تدريجياً حتى ضمّ القطاع بأكمله. ووفق التفاصيل التي قدّمها نتنياهو خلال محادثاته مع وزراء، فإن الخطة حصلت على الضوء الأخضر من إدارة ترامب.
وبحسب مصادر سياسية لم تسمّها الصحيفة، قال سموتريتش لنتنياهو في الأيام الأخيرة إنه "سيحكم على الأمور بحسب الأفعال"، وأضاف أنه إذا جرى تنفيذ خطة الضم، "فسيبقى في الحكومة في الوقت الراهن". وسبق أن أوضح سموتريتش، الذي لم يُعلّق بعد علناً على زيادة المساعدات المقدّمة لسكان غزة، سبب عدم اتخاذه خطوات تصعيدية قائلاً: "نحن نُعزّز خطوة استراتيجية جيّدة لا ينبغي التوسّع في الحديث عنها الآن. خلال وقت قصير سنعرفإأن كانت ناجحة وإلى أين نتجه"، وأضاف: "في وقت الحرب ليس من الصواب الانشغال بالاعتبارات السياسية. سنُقيّم الأمور بناءً على النتيجة، الحسم ضدّ حماس".
ولفتت الصحيفة إلى أن التهديد بضم أراضٍ في قطاع غزة، بالتوازي مع تصريحات العديد من وزراء الحكومة بشأن الحاجة لإقامة مستوطنات في غزة، سيدفع إسرائيل نحو مسار تصادم مباشر مع المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة. ومن المحتمل أن مثل هذا الإعلان سيؤدي أيضاً إلى انجراف دول أخرى خلف فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطينية وفرض عقوبات على إسرائيل.
نتنياهو لم يكن متحمّساً في السابق لضمّ الأراضي لكنه مستعد الآن لمحاولة دفع مثل هذه الخطة
وتابعت بأن نتنياهو لم يكن متحمّساً في السابق لضمّ الأراضي، لكنه مستعد الآن لمحاولة دفع مثل هذه الخطة، في مسعى لإنقاذ حكومته. وفي محادثات مع وزرائه، قال نتنياهو إن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، قد عرض الخطة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وقد حظيت بدعم البيت الأبيض، فيما لم يكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يزور هذه الأيام اسكتلندا، حاضراً في الاجتماع.
وصرّح سموتريتش الأسبوع الماضي، أن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير قال له إنّه "من الضروري ضمّ الجزء الشمالي من القطاع لأسباب أمنية". وفي مؤتمر عُقد في الكنيست تحت عنوان "الريفيرا الخاصة بغزة"، قال الوزير: "يمكن البدء بالمنطقة الشمالية العازلة وإنشاء ثلاث مستوطنات هناك"، كما أشار إلى أن "الحديث جارٍ بالفعل حول هذا الأمر"، وأضاف: "هناك من يطلق عليه اسم الضم الأمني، إذا كان ذلك يساعد البعض على الشعور بالارتياح تجاهه".
