
تتّجه الأنظار في الموسم الجديد 2025-2026 إلى واحدة من أكثر الجبهات اشتعالاً في عالم كرة القدم، وهي صراع المركز الأساسي بين حراس كبار أوروبا، فبعد أن عززت أندية النخبة صفوفها باستقدام حُرّاس مرمى جدد من الطراز الرفيع، بدأت معالم مواجهة محتدمة تتشكّل داخل غرف الملابس، إذ لم يعد المقعد الأساسي مضموناً حتى للحراس الذين قدّموا مواسم مميزة في السابق، وهذه المنافسة، التي تحمل بين طيّاتها رهانات فنية ونفسية، مرشّحة لأن تكون من أبرز عناوين الموسم الكروي الجديد.
في نادي برشلونة، يتصدّر مشهد صراع المركز الأساسي في حراسة المرمى ثلاثي مميز من حراس كبار أوروبا، في مقدمتهم الحارس الألماني المخضرم تير شتيغن (33 عاماً)، الذي كان لسنوات طويلة الخيار الأول في عرين "البلاوغرانا". إلا أن وصول الحارس الشاب خوان غارسيا (24 عاماً) من إسبانيول أشعل المنافسة مبكراً، لا سيما بعد أن أظهر طموحاً واضحاً لفرض نفسه وريثاً شرعياً للقفازات الأساسية، ودخل على الخط الحارس البولندي فويتشيك شتشيسني (35 عاماً)، الذي لعب دوراً حاسماً الموسم الماضي في تتويج الفريق بالألقاب، حين عاد من الاعتزال ليساعد برشلونة في فترة حرجة، وساهم بثباته وخبرته في إنقاذ الموسم. ثلاثي حراسة بمستويات مختلفة وتجارب متباينة، لكنهم اليوم في سباق واحد نحو مكانة لا تتّسع إلا لاسم واحد تحت العارضة.
ولا يختلف الحال كثيراً في ليفربول، حيث بدأ يتشكّل صراع قوي بين الحارس البرازيلي الخبير أليسون بيكر (32 عاماً) والوافد الجديد جيورجي مامارداشفيلي (24 عاماً)، الذي قدِم إلى "الريدز" بطموحات كبيرة وإمكانيات لافتة. أليسون، الذي ظلّ لسنوات عنصراً أساسياً في نجاحات الفريق بفضل ردّة فعله السريعة وخبرته في المباريات الكبرى، بات يشعر بتهديد حقيقي على مركزه، خصوصاً مع إشادة الجهاز الفني بأداء الحارس الجورجي خلال التحضيرات الصيفية. فهذا الحارس لا يرى نفسه مجرد بديل، بل منافساً حقيقياً على القفاز الأول، وهو ما يعد بموسم مشتعل تحت الخشبات الثلاث في ملعب أنفيلد.
وفي أرسنال، لم يكن التعاقد مع الحارس الإسباني كيبا أريزابالاغا (30 عاماً) مجرد خطوة لتعزيز الدكة، بل مؤشراً واضحاً على نية النادي إشعال المنافسة مع الحارس الأساسي دافيد رايا (29 عاماً)، الذي قدّم موسماً قوياً مع "الغنرز" وأثبت جدارته في العديد من المحطات الحاسمة، لكن وصول كيبا، القادم بخبرة كبيرة من ريال مدريد وتشلسي، يضع مركز الحراسة على المحك. الصراع بين الحارسين الإسبانيين لا يتعلق فقط بالجهازية البدنية أو المهارة الفنية، بل بالثقة التي سيمنحها المدرب ميكيل أرتيتا (43 عاماً) لكل منهما في لحظات الحسم، في موسم يتطلّع فيه أرسنال إلى العودة إلى منصات التتويج.
أما في باريس سان جيرمان، فإن صراع المركز الأساسي في الحراسة قد يشهد تطوراً لافتاً في حال تمّت صفقة ضم الحارس الفرنسي الواعد لوكاس شوفالييه (23 عاماً)، حامي عرين ليل. فالنادي الباريسي يدرس بجدية تعزيز مركز الحراسة بوجوه شابة، بعد رواج أخبار تفيد بإمكانية رحيل الإيطالي جيانلويجي دوناروما (26 عاماً) نحو مانشستر سيتي. ما إن يتم التعاقد مع شوفالييه، فإن منافسة قوية ومرتقبة ستنشأ بين حارس يسعى لتثبيت نفسه ليكون رقم واحد، وآخر يُنظر إليه بأنه وجه المستقبل للحراسة في فرنسا. الصراع هنا لا يقتصر على الأداء، بل يشمل الرؤية الفنية التي يضعها النادي للسنوات المقبلة.
هكذا، وبين الأسماء الثقيلة والمواهب الصاعدة، تبدو مراكز الحراسة في كبرى الأندية الأوروبية على موعد مع موسم استثنائي من التنافس والندية. لم يعد القفاز الأساسي حكراً على اسم أو تاريخ، بل أصبح رهيناً بالعطاء اللحظي والثقة المكتسبة. وبين الطموح والتجربة، تتشكّل ملامح صراعات داخلية قد تغيّر شكل الفرق، وتعيد رسم موازين القوى في خطوط المرمى.
