جهود حكومية وشعبية لمواجهة ندرة المياه في المغرب
عربي
منذ 7 ساعات
مشاركة

تنشط مؤسسات حكومية وفعاليات مدنية في المغرب بتنظيم حملات توعوية لتنبيه المواطنين إلى ضرورة الحفاظ على المياه، وذلك وسط أزمة مائية مقلقة تعيشها البلاد منذ العام 2018، ما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات عاجلة تضمن تزويد المياه لعدد من جهات المملكة، بشكل مستمر. 
ومنذ يوليو 2022، يعيش المغرب في ظل حالة "طوارئ مائية"، بعدما أعلنت الحكومة ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة النقص الحاد في الموارد المائية، الذي قالت إنه يضع الأفراد في وضعية مقلقة تؤثر في قدرتهم على الحصول على الكميات اللازمة للاستعمال اليومي من المياه، وأيضاً في أنشطتهم الاقتصادية، وتضر كذلك بجهود التنمية.
وخلال الأيام الماضية، بدا لافتاً تأكيد لجنة قيادة البرنامج الوطني للتزويد بماء الشرب ومياه السقي الحكومية، خلال اجتماعها برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الحاجة إلى توخي مزيد من الحذر، خاصة خلال فصل الصيف الذي يشهد عادة ضغطاً كبيراً على الموارد المائية، داعية، في بيان أصدرته رئاسة الحكومة في 9 يوليو/تموز 2025، إلى تكثيف حملات تشجيع المواطنين على ترشيد استهلاك المياه، مع الاستمرار بتنفيذ التدابير العاجلة، خاصة في المناطق القروية التي تواجه تحديات في التزود بالمياه الصالحة للشرب.
وأطلقت الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء - سطات (حكومية) مع بداية الصيف، حملة توعوية تهدف إلى ترسيخ ثقافة الترشيد والحفاظ على الموارد المائية، وترتكز على الدعوة إلى تبني سلوكيات بسيطة وفعالة للمساهمة بترشيد وتقليص الاستهلاك اليومي للمياه، من خلال مقاطع فيديو تبثها الشركة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وتتضمن الحملة تنظيم أنشطة توعوية ميدانية على مستوى المديريات الإقليمية التابعة للشركة، إضافة إلى ورشات تثقيفية وترفيهية للمصطافين والأطفال والشباب، بالتعاون مع النسيج الجمعوي المحلي.
تندرج الحملة في إطار التعبئة المتواصلة للشركة الجهوية لمواجهة التحديات المرتبطة بالإجهاد المائي، من خلال برامج ميدانية تشمل التوعية وكشف وإصلاح تسربات المياه على مستوى الشبكات، ومشاريع مهيكلة كبرى، من ضمنها مشروع تأمين تزويد المنطقة الغربية للدار البيضاء بالمياه الصالحة للشرب، وبرنامج إنجاز 28 محطة متنقلة لتحلية مياه البحر وإزالة المعادن من المياه الجوفية بمختلف الأقاليم التابعة للجهة.
وأطلقت جمعية "أمل سلا" (غير حكومية) حملة توعية لترشيد استهلاك المياه واتباع سلوكيات إيجابية تحافظ على هذا المورد الحيوي. ويقول الرئيس المؤسس للجمعية، يوسف الشفوعي لـ"العربي الجديد"، إن الحملة تهدف إلى توعية المواطنين بشأن أهمية الحفاظ على الموارد المائية التي يزداد استهلاكها خلال الصيف، لا سيما في المدن الكبرى، كما يعتري استعمالها سوء تدبير من قبل بعض المصطافين والمواطنين. ويتابع: "الحملة فرصة لتلسيط الضوء على الصعوبات التي يواجهها المواطنون في القرى، ففي الوقت الذي يكون فيه الوصول إلى المياه في المدن ميسّراً ومتاحاً، يكون الوضع صعباً في القرى وفي عدد من المناطق، حيث يضطر المواطنون إلى قطع مسافات بعيدة من أجل الوصول للمياه الضرورية لهم ولدوابهم ولأنشطتهم اليومية".

ويؤكد الشفوعي أن الحفاظ على المياه مسؤولية مشتركة تقع على الحكومة والمجتمع المدني، متحدثاً عن فيديو توعوي أنتجته جمعية "أمل سلا" ونشرته على أوسع نطاق، وصولاً إلى الجمعيات الناشطة في مجال التخييم، من أجل تحفيز أطفال المخيمات على حسن ترشيد استهلاك المياه. ويضيف: "طالما نتقاسم المجال العام، فإن من واجبنا جميعاً أن نسهم في تدبير الموارد الطبيعية، خصوصاً المياه التي ينبغي أن تكون متاحة للجميع، مع العلم أن عدم المحافظة عليها سينعكس سلباً على الأجيال الصاعدة".
ويُعدّ المغرب من بين البلدان التي تواجه شحّاً كبيراً بكميات مياه الشرب، ويقترب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنويّاً، بحسب البنك الدولي. في حين، توقع تقرير دولي حديث بعنوان "مناطق الجفاف العالمية (2023-2025)" نشره المركز الأميركي للتخفيف من آثار الجفاف، بداية يوليو 2025، حصول نقص حاد في المياه بحلول العام 2050 إذا استمرت الاتجاهات الحالية، مع انخفاض معدلات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية.
ويبلغ متوسط نصيب الفرد من المياه في المغرب نحو 645 متراً مكعباً سنوياً، مقارنة بـ10 آلاف متر مكعب في الدول الغنية بالمياه. وقد ينخفض هذا الرقم إلى 500 متر مكعب بحلول العام 2050، ما يضع البلاد في فئة "ندرة المياه الشديدة"، بحسب تقرير المركز الأميركي للتخفيف من آثار الجفاف.

يقول الخبير البيئي، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ (أهلية) مصطفى بنرامل، لـ"العربي الجديد"، إن المغرب يعيش وضعية غير مستقرة من حيث الموارد المائية، حيث إن العديد من المناطق تتوفر فيها المياه بشكل وافر ومناطق أخرى لا توجد فيها مياه حتى للشرب، فما بالك بالاستعمالات الأخرى. ويلفت إلى أن الاحتجاجات التي سجلت مؤخراً "تحتم علينا تكثيف الحملات التوعوية والتدابير التي من شأنها ترشيد استخدام المياه أو توفيرها، ولا سيما في المناطق التي تلجأ إلى حفر آبار وأثقاب مائية للتزود بمياه الشرب. كما يجب حثّ الجهات المعنية على تزويد تلك المناطق بصهاريج مياه، تفادياً لأزمة مائية مماثلة لتلك التي شهدناها أخيراً في بعض المداشر بمنطقة بني ملال ومناطق أخرى".
ويؤكد بنرامل أن سلوك الترشيد والتعامل بعقلانية مع الموارد المائية يجب أن يكون طوال السنة، وفي كل المجالات والفضاءات، سواء كانت عمومية أو خاصة، على اعتبار أن هذه المادة الحيوية الثمينة أصبحت اليوم نادرة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية