
قُتل على الأقل خمسة من رجال القبائل وأصيب 17 آخرون في منطقة وادي تيراه بمقاطعة خيبر القبلية في شمال غرب باكستان جراء إطلاق النار على متظاهرين، أمس الأحد. وبينما تقول الحكومة الباكستانية والجيش إن عناصر من حركة "طالبان باكستان" هم من أطلقوا النار على المتظاهرين، تؤكد الزعامة القبلية لـ"العربي الجديد" أن قوات الجيش هي التي أطلقت النيران بشكل مباشر على المتظاهرين بعد أن وصلوا إلى أمام مقر رئيسي للجيش في المنطقة.
وانفجرت التظاهرات الشعبية في منطقة وادي تيراه، والتي شارك فيها مئات من ابناء قبائل خيبر (شينواري وآفريدي)، بعد مقتل شاب على يد قوات الجيش الباكستاني أول أمس السبت. وعلى إثره، قررت القبائل الخروج ونقل الجثمان إلى أمام أحد مقرات الجيش في المنطقة، وحين وصل المتظاهرون إلى أمام المقر، في وداي تيراه، تعرضوا لإطلاق نار كثيف، ما أدى إلى مقتل خمسة وإصابة 17 آخرين بجروح، بينما تفرق باقي المتظاهرين.
وأعلن الجيش الباكستاني، وكذلك الحكومة، أن المتظاهرين قتلوا بنيران حركة "طالبان باكستان" ومن وصفوهم بـ"الخوارج"، وأعربا عن أسفهما الشديد حيال قتل المدنيين. وقالت الحكومة إن "أعداء البلاد يسفكون دماء أبناء شعبنا بلا هوادة، وذلك من أجل إثارة الذعر والخوف في أوساطه، ولكنه رغم ذلك يقف إلى جانب القوات المسلحة التي تواصل عملها من أجل القضاء على كل من يخل بأمن بلادنا". كما أصدر مكتب رئيس الوزراء، شهبازشريف، بياناً دان فيه "مقتل المدنيين العزل بيد مسلحي طالبان باكستان"، مؤكداً أن "العدو يقتل كل من يقف إلى جانب الحكومة ويدافع عن أراضيه"، وفق وصفه، مطالباً الشعب بـ"التحلي بالصبر".
لكن مصادر قبلية نفت رواية الحكومة، وشددت على أن "قوات الجيش هي من أطلقت النيران بشكل مباشر وعن بعد أمتار على المتظاهرين، وكانت النية القتل وليس التخويف". ويقول قدرت الله شينواري لـ"العربي الجديد"، وهو أحد المشاركين في التظاهرات، إنه كان "على بعد حوالي 30 متراً من مقر الجيش أمام الباب الرئيسي، وكان معي عدد كبير من الشبان، كنا نرفع الهتافات نطلب فيها مقاضاة من قتل الشاب. وفجأة خرج من البوابة الرئيسية عناصر الجيش وبدؤوا يطلقون علينا النار بشكل مباشر، كانوا يطلقون على رؤوس الشباب وصدورهم، خمسة أشخاص سقطوا بعد أن أصيبوا في الرؤوس والصدور".
ويتساءل قدرت الله: "كيف وصل عناصر طالبان إلى داخل مقر الجيش ليطلقوا علينا الرصاص، ومن السخرية بمكان أن يأتي رئيس الوزراء ويقول إن المسلحين هم من قتلوا الشبان، ما أعجب ما يقولون! نحن لن نخدع بهذه الأمور". ويضيف المتحدث أن "الجيش نقل على الفور المصابين إلى المستشفى العسكري ليثبت أن المسلحين هم أطلقوا النيران، ثم جاء قادة الجيش ليزوروا المصابين داخل المستشفى، قبل أن يدلوا بتصريحات مغايرة تماماً لما حصل على الأرض".
وعُقد اجتماع بين الزعامة القبلية وقادة الجيش في المنطقة عقب الحادث، حيث وجهت الزعامة القبلية "كلاماً شديداً" إلى الجيش وأصرت على أنه المتسبّب في مقتل أبناء القبائل، وأنه "لم يكن يوجد أي مسلح في المنطقة"، قبل أن تطالب بمحاكمة الضالعين في قضية المتظاهرين العزل. وبحسب قدرت الله، فإن قيادة الجيش "اعترفت بشكل غير مباشر (ألمحت) بأن قوات الجيش قتلت أبناء القبائل، وشددت على أنه لم يكن من المفترض أن يقترب المتظاهرون من مقر الجيش". كما أوضح المتحدث أن الجيش "أعلن مساعدة مالية للقتلى والجرحى"، معتبراً أن "ذلك اعتراف بقتل المدنيين على يد الجيش". وأكدت الزعامة القبلية أن "هذه ليست نهاية القصة، فالقبائل عليها أن تقول كلمتها إزاء ما حدث بعد التنسيق مع القبائل الأخرى".
