
قال رئيس حركة حماس في قطاع غزة خليل الحية، مساء اليوم الأحد، إن فصائل المقاومة الفلسطينية "قدّمت أقصى درجات المرونة" في جولات التفاوض الأخيرة، و"قدّمت رؤية إيجابية ومتقدّمة في الملفات الجوهرية، على رأسها الانسحاب، والأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية"، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي "انقلب فجأة على ما تم التوافق عليه، في خطوة تهدف إلى المماطلة" وإطالة أمد الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. وشدد على أن "لا معنى لاستمرار المفاوضات تحت الحصار والتجويع والإبادة"، مضيفاً: "إدخال الطعام والمساعدات فوراً هو الطريقة الوحيدة للتعبير عن جدية المفاوضات".
وأوضح الحية، في كلمة متلفزة بشأن تطورات الحرب والملف التفاوضي، أن الوسطاء نقلوا للحركة "رداً إيجابياً من العدو على المقترح الذي قدّمته الحركة"، إلا أن الاحتلال "انسحب فجأة من المفاوضات، وبدعم مباشر من المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف"، في ما وصفه الحية بأنه "خطوة مكشوفة لحرق الوقت، ومواصلة الإبادة، مع تقديم ملاحظات شكلية تتعلق بآلية توزيع المساعدات".
وأشار القيادي في حماس إلى أن الاحتلال "أصرّ على إبقاء آلية المساعدات كما هي، رغم تحولها إلى مصائد موت قتلت وجرحت الآلاف من أبناء شعبنا"، كما واصل اشتراطه السيطرة على مناطق واسعة في رفح لإقامة "منطقة عزل للنازحين"، معتبراً ذلك تمهيداً لتهجير الفلسطينيين من غزة "عبر مصر أو عبر البحر، ضمن مخطط واضح لتصفية القضية الفلسطينية". وانتقد الحية بشدة ما وصفها بـ"مسرحيات هزلية لإنزال المساعدات جواً"، قائلاً إن "خمس عمليات إنزال لا توازي شاحنة صغيرة"، وإن هذه الخطوات تُستخدم للتعمية عن جرائم التجويع التي ترتكبها إسرائيل بحق أكثر من مليوني فلسطيني.
وفي سياق كلمته، توجّه الحية بتحية إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، قائلاً: "شعبنا وأهلنا الصابرين الطاهرين، تقف الكلمات أمامكم صامتة، تفقد معانيها، وتبدو عاجزة عن التعبير. فقد عانيتم الأهوال، وتحملتم ما عجزت عنه أمة بأكملها. كنتم الأعزة عندما هان كلّ شيء، وعلوتم وسموتم حين سقط العالم في صمت الخذلان والهوان". وأضاف: "تضحياتكم وصرخاتكم ومعاناتكم كلها أمانة في أعناقنا، لن نفرّط فيها ما حيينا. لا يأس يدرككم، فالله معكم ولن يتركم أعمالكم".
ووجّه الحية خطابه إلى الفصائل المسلحة، قائلاً: "يا أبناء كتائب القسام، وسرايا القدس، وفصائل المقاومة، إن ما تقومون به من عمليات بطولية فاق كل تصور، وأعجز العالم عن فهمه. لقد أفشلتم عبر بسالتكم وحمم نيرانكم ما سمّاه العدو عملية (عربات جدعون)، وهي أكبر عملية عسكرية صممها جيش الاحتلال". وقال إن "رئيس أركان العدو يستجدي قيادته السياسية لسحب قواته من القطاع، ويغطي على فشله بالإبادة الجماعية والتجويع".
وفي ختام كلمته، دعا خليل الحية الدول العربية والإسلامية، ولا سيما دول الجوار، إلى "الزحف نحو فلسطين التاريخية"، مطالبًا جميع مكونات الأمة بـ"قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الكيان الصهيوني"، ردًا على المحرقة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني. وتساءل الحية: "أما آن الأوان لتتحرك الأمة عمليًا لكسر الحصار عن غزة، ولإيصال الطعام والماء والدواء لأهلكم وإخوانكم؟ أليس من المؤلم، بل من المفجع، أن يحصل المحتل الصهيوني المجرم على دعم لا محدود، فيما لا تمتد إلى شعبنا يدٌ تدعمه، ولو بالطعام ومقوّمات الحياة؟".
رسالة إلى مصر
وخصّ الحية مصر برسالة مباشرة، قائلاً: "أشقاءنا في مصر الكنانة، نخاطبكم انطلاقاً من مكانتكم السياسية والاجتماعية في الأمة، وفي الساحة الدولية، وندرك أنكم تتألمون لألم إخوانكم في غزة". ودعا مختلف مكونات المجتمع المصري إلى تحمّل مسؤولياتهم، متسائلًا: "أيموت إخوانكم في غزة من الجوع وهم على حدودكم؟!"، مؤكداً أن الاحتلال "حوّل معبر رفح من شريان حياة إلى معبر للموت والقتل والتجويع، ضمن مخطط لتهجير شعبنا". وختم بالقول: "نتطلع بثقة إلى أن تقول مصر كلمتها الفاصلة: إن غزة لن تموت جوعاً، ولن تقبل بإبقاء معبر رفح مغلقاً أمام حاجات أهلها".

أخبار ذات صلة.
