
أهلي
منح معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة، الباحث اليمني حزام بن ناجي الشايف درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بمرتبة الشرف الأولى، عن أطروحته الموسومة: "الصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر وأثره على الأمن القومي اليمني (2001–2021)".
وتكونت الدراسة، التي تقع في 388 صفحة، من خمسة فصول رئيسية، تضمنت في بدايتها عرضًا لمفهومَي الصراع الدولي والأمن القومي، مع تحديد الإطار النظري للدراسة، قبل أن تتناول الأهمية الاستراتيجية والجغرافية للبحر الأحمر، وأبعاد الأمن القومي اليمني وتحدياته الداخلية والخارجية.
وهدفت الدراسة إلى تحليل الأبعاد المختلفة للصراع الدولي والإقليمي في البحر الأحمر، مع التركيز على توجهات القوى الدولية والإقليمية وتأثيرها على اليمن. وقد اعتمد الباحث على المنهج التاريخي والتحليل الوصفي لتقديم رؤية شاملة حول هذا الصراع وأبعاده الجيوسياسية والأمنية.
وأشارت الدراسة إلى أن تعدد القواعد العسكرية الأجنبية وتضارب مصالح الفاعلين الدوليين ساهم في تدهور الأوضاع في اليمن، مشددة على ضرورة تبني رؤية يمنية وطنية واستراتيجية عربية شاملة لمواجهة التحديات المتصاعدة في المنطقة.
وفي فصل خاص، ناقشت الدراسة الصراع الدولي في البحر الأحمر عبر مراحل تاريخية مختلفة، بدءًا من صراع القوى التقليدية، مرورًا بمرحلة القطب الواحد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وصولًا إلى التواجد العسكري الأجنبي المتزايد في المنطقة.
ولفت الباحث إلى أن البحر الأحمر تحول، خلال العقدين الماضيين، إلى ساحة تنافس دولي محموم بفعل موقعه الجيوسياسي كأحد أهم الممرات البحرية العالمية، مما جعله هدفًا استراتيجيًا للقوى الكبرى، خصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر، التي استخدمتها الولايات المتحدة كمبرر لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة تحت شعار "مكافحة الإرهاب".
وبحسب الدراسة، فإن هذا التنافس أدى إلى تفاقم الأزمات في اليمن والمنطقة، وسط تراجع دور الدول المشاطئة للبحر الأحمر، مقابل تصاعد نفوذ الفاعلين الدوليين، ما انعكس سلبًا على استقرار اليمن وأمنه القومي، سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا.
وأكد الباحث، أن البحر الأحمر لم يعد مجرد ممر ملاحي، بل أصبح ساحة لتنافس عسكري وسياسي بين قوى إقليمية ودولية، في ظل غياب موقف عربي موحد، وانكشاف اليمن داخليًا وخارجيًا، مما أدى إلى تراجع دوره الجيوسياسي، وتصاعد التهديدات الأمنية والاقتصادية التي تحيط به.
وأضاف أن تصاعد النفوذ العسكري الأجنبي في منطقة باب المندب وخليج عدن، ووجود أكثر من 13 قاعدة عسكرية تابعة لقوى كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا، يعكس تحول البحر الأحمر إلى ساحة صراع مفتوحة قد تهدد استقرار المنطقة بأكملها.
وحذّرت الدراسة من الطموحات الإسرائيلية الرامية إلى تدويل البحر الأحمر، وسعيها لإلغاء الطابع العربي عليه، من خلال بناء تحالفات أمنية جديدة بدعم أمريكي، في إطار ما يُعرف بـ"ناتو الشرق الأوسط"، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح الدول العربية المشاطئة.
وفيما يتعلق بالأمن القومي اليمني، بيّنت الدراسة أن الصراعات الدولية أثرت سلبًا على استقرار اليمن داخليًا وخارجيًا، مع تحذير من أن استمرار التوترات قد يؤدي إلى مزيد من التدهور الأمني والسياسي في المنطقة.
ونبّه الباحث إلى أن مضيق باب المندب بات مهددًا بالتحول إلى نقطة صراع دولي، نتيجة التنافس على النفوذ العسكري والاقتصادي، معتبرًا أن ذلك يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي اليمني، الذي يعاني من هشاشة داخلية وتدخلات خارجية متشابكة.
واعتبرت الرسالة أن التدخلات الدولية لتسوية الأزمة اليمنية لم تُثمر، بسبب تضارب مصالح القوى الدولية وتعدد مشاريعها في اليمن، إضافة إلى الانقسام الإقليمي والصراع بين المحاور في المنطقة.
كما حذّرت من استمرار الصراع الدولي في البحر الأحمر دون وجود رؤية إقليمية موحدة، مؤكدة أن ذلك يفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الأجنبية وتدهور الأوضاع في اليمن والمنطقة.
وشدد الباحث في ختام دراسته على ضرورة تبني استراتيجية يمنية وعربية للتعامل مع التحديات الجيوسياسية في البحر الأحمر، ودعا إلى تعزيز التنسيق بين الدول المطلة على البحر لتأمين مصالحها الاستراتيجية، في مواجهة التنافس الدولي المتصاعد.
وأكد أن استمرار الصراع في اليمن، وعدم الاستقرار في دول المنطقة، سيجعلان البحر الأحمر أكثر عرضة للتدخلات الخارجية، وعودة أنشطة الإرهاب والقرصنة، بما يهدد أمن الملاحة الدولية والسلم الإقليمي والدولي.
ودعت الدراسة إلى تبني رؤية يمنية وطنية شاملة تعيد الاعتبار لمكانة اليمن الجيوسياسية، إلى جانب ضرورة بناء موقف عربي موحد يعزز التعاون السياسي والعسكري لمواجهة التهديدات المتنامية في البحر الأحمر.