خيارات واشنطن وتل أبيب "البديلة" في ظل كارثة غزة وجمود المفاوضات
عربي
منذ ساعتين
مشاركة

بينما بدا وكأن صفقة التبادل في طريقها إلى التوقيع، وصلت المباحثات بشأنها إلى طريق مسدود إثر تمسك الاحتلال بموقفه من النقاط الخلافية وعدم رغبة حكومته إظهار أي ليونة بخصوصها، وهو ما انعكس في قرارها إعادة الوفد المفاوض من الدوحة، في خطوة كان للولايات المتحدة مثلها.

وعلى الرغم من ذلك، لفت موقع "واينت"، في تقرير مطوّل أورده اليوم الأحد، إلى أن أسباباً كثيرة تؤشر إلى أن الجمود القائم لا يمكن أن يظل على حاله؛ وأوّل هذه الأسباب الضغط الدولي على إسرائيل بسبب الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، ومواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتعهداته، فضلاً عن الضغط الداخلي الإسرائيلي. وقد انعكس ذلك في شروع جيش الاحتلال بإسقاط مظلي للمساعدات والإعلان عن هدن إنسانية في عدد من المواقع في قطاع غزة للمرة الأولى منذ أكثر من سنة.

حكومة الاحتلال تستفيد من الجمود؟

رد المجتمع الدولي على المشاهد القاسية من القطاع تُصعّب استمرار الوضع الراهن بحسب الموقع، خصوصاً أنّ الضغط الدولي على إسرائيل من المتوقع أن يتعاظم أكثر إذا استمرت صور الهياكل العظمية لأطفال غزة في الانتشار. فضلاً عن ذلك، فإن الولايات المتحدة غير مستعدة لتقبل الجمود في الوضع الحالي، لأن ذلك يناقض كلياً تعهدات ترامب بـ"إرساء السلام ووقف الحرب واستعادة الأسرى".
بالنسبة لإسرائيل أيضاً، الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر. فالرأي العام الإسرائيلي، بحسب الموقع، "لم يعد مستعداً لقبول حالة الجمود القائمة، التي فيها من جهة الأسرى محتجزون في القطاع، وفي المقابل لا يوجد إنجاز عسكري بينما يسقط الجنود قتلى وجرحى تباعاً". الحال كذلك بالنسبة للحكومة؛ إذ إن الفائدة التي تجنيها الأخيرة من استمرار الوضع الحالي "هامشيّة". وبمضي الوقت، وما دام الجمود مستمراً، فإن احتمالات الوقوع في الأخطاء تكبر وتتعاظم؛ حيث ترتفع احتمالات الإضرار بالمدنيين الفلسطينيين وكذلك إمكانية مقتل الجنود وإصابتهم من دون أن يكون هناك حسم واضح أو أي مؤشر على تحقيق "النصر المطلق" الذي يتوعد به نتنياهو.

متاهة نتنياهو

على خلفية ما تقدم، تساءل الموقع عما إذا كانت حكومة نتنياهو مستعدة لاتخاذ قرار بتغيير وجهتها، وما الذي سيعنيه قرار كهذا من النواحي المَدَنِيّة والعسكرية والسياسية. على المستوى السياسي، فإن اتخاذ الحكومة قراراً بتغيير وجهتها قد يتسبب في نهاية ولاية حكومة نتنياهو، واستقالة وزيري الصهيونية الدينية إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ولكن أمراً كهذا في النهاية منوط بالقرار الذي سيتخذ. ففي حال تقرر احتلال غزة أو فرض حصار مطبق، يمكن لليمين السياسي المتطرف تقبل الأمر. والسؤال في هذه الحالة عما إذا كان المجتمع الدولي مستعداً لتقبل ذلك أم لا.
على المقلب الآخر، إذا كانت إسرائيل تسعى لصفقة شاملة يطلق بموجبها سراح الأسرى مقابل إنهاء الحرب، فمن غير الواضح ما إذا كانت حماس ستقبل بذلك من دون ضمانات، لأنها في هذه الحالة ستفقد ورقة الضغط المتمثلة في الأسرى. اليمين المتطرف، من جهته، لن يقبل بذلك أيضاً، وعلى ما يبدو سيستقيل من الائتلاف، حسب ما يوضح الموقع، مشيراً إلى أن "نتنياهو في أزمة معقدة ويمكن الافتراض أن الحل في واشنطن وليس في القدس"، موضحاً أنه "كلما ضغط ترامب أكثر على نتنياهو، ارتفعت الاحتمالات لوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى. ولكن في حال كان الرئيس أقل ضغطاً، فإنه بذلك يمنح نتنياهو حرية أكثر لتطبيق سياسته"، وفي هذه الحالة، من غير الواضح إلى أي مدى سيظل الرأي العام في إسرائيل متقبلاً ذلك، في وقتٍ يعتقد فيه نتنياهو أنه يشتري الهدوء السياسي خلال عطلة الكنيست الصيفية، بينما عليه في الأسابيع القليلة المقبلة في الواقع اتخاذ قرارات مصيرية بشأن مستقبل الحرب.

التفكير في مسار مغاير

حسب ما يتابع الموقع، فإن أزمة المفاوضات وانهيار محادثات الدوحة تجبر إدارة ترامب وإسرائيل على التفكير في مسار بديل واستراتيجية مغايرة، مستدلاً على ذلك بأقوال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لعائلات المحتجزين "الأزمة تطلب تفكيراً جديداً جدياً"، وتصريحات المبعوث الخاص ستيف ويتكوف بشأن فحص إمكانيات أخرى. وهي تصريحات تكشف وفقاً للموقع "الاحباط الكبير لدى واشنطن". 
من جهة ثانية، يلفت إلى أن السياسة الأميركية-الإسرائيلية فشلت فشلاً ذريعاً في التوصل إلى صفقة جزئية، وحتّى في السيطرة على المساعدات من خلال شركة المساعدات الأميركية-الإسرائيلية التي "عقدت الوضع أكثر"، وتسببت في أن تصبح إسرائيل منبوذة أكثر في العالم. 
على هذه الخلفية، فإن أقوال نتنياهو في "المطبخ الأمني" (الكابينت المصغر) "إذا لم تكن هناك صفقة، فسنفرض الحصار على غزة"، إلى جانب تلميح ترامب بالتصعيد العسكري بقوله "حماس لا ترغب في صفقة.. أعتقد أننا ذاهبون لنتصيّدهم؛ على ما يبدو يريدون الموت.. ووصلنا إلى نقطة يجب عندها إنهاء المهمة"؛ تثير بحسب الموقع مجموعة أسئلة: ما هي الخيارات البديلة؟ وهل من الممكن أن تأتي بحل للأزمتين الإنسانية والدبلوماسية؟
فبعد ستة أشهر من عودته إلى البيت الأبيض، الحرب في غزة لا تقترب من نهايتها، والوضع الإنساني وصل إلى مراحل كارثية قياسية، والولايات المتحدة التي دعمت إسرائيل بشكل مطلق تجد نفسها "معزولة" دبلوماسياً إلى جانب حليفتها، في حين بدأت التصدعات بالظهور حتى في القاعدة الداعمة لترامب وخصوصاً من داخل "حركة MAGA".

السيناريوهات: صفقة شاملة أو تهديدات وتصعيد

تصريحات ويتكوف وروبيو، إلى جانب تصريحات نتنياهو وترامب، والسيناريوهات التي عرضها الجيش الإسرائيلي على الكابينت، تشير إلى عدة اتجاهات محتملة قد تمضي بها إسرائيل. وفي هذا السياق، استعرض الموقع الخيارات الرئيسية الماثلة أمام إسرائيل وتحليلاً لمزايا كل منها وعيوبه.
أولاً: تصعيد عسكري: "إنهاء المهمة"
ألمح ترامب إلى أنه "حان الوقت" لأن تصعّد إسرائيل عملياتها العسكرية من أجل "التخلّص من حماس". وفي المقابل، هدد نتنياهو بفرض حصار على غزة، بينما عرض جيش الاحتلال على الكابينت سيناريوهات تشمل تطويق مدينة غزة والمخيمات المركزية، أو حتى احتلال كامل للقطاع، يقوم على تكثيف العمليات العسكرية بواسطة القصف الجوي بموازاة دخول قوات برية. في سيناريو كهذا، فإن الفائدة التي تجنيها إسرائيل هي أن التصعيد العسكري يرفع وتيرة الضغط على حماس، ويقوّض بناها التحتية العسكرية، وربما يجبرها على التنازل في المفاوضات. إلى جانب أنه يرضي جزءاً من الرأي العام الإسرائيلي الذي يطالب بـ"عمل حاسم".
على المقلب الآخر، لفت الموقع إلى أن سيناريو كهذا قد يعرّض حياة المحتجزين للخطر، ويفاقم الكارثة الإنسانية في غزة ويفقد إسرائيل الدعم الدولي، فضلاً عن أن احتلال القطاع سيتطلب تفرغاً طويل الأمد من الجيش الإسرائيلي، وكلفة بشرية ومادية عالية.
ثانياً: تخفيف الأزمة الإنسانية
الخيار الآخر، وفقاً للموقع، هو التركيز على تخفيف الأزمة الإنسانية في غزة من خلال الضغط الأميركي والدولي على إسرائيل للسماح بدخول مساعدات بشكل أوسع. وقد ألمح روبيو إلى أن "إدارة ترامب منزعجة من صور الأطفال الجياع"، وبالتالي، قد تحاول واشنطن تحسين آليات توزيع المساعدات لتقليل الضغط الدولي.
وفي هذا السياق، أسقط جيش الاحتلال – لأول مرة منذ بداية الحرب –  مساعدات إنسانية بالمظلات في سماء القطاع، وأعلن أنه بتوجيهات المستوى السياسي، ستُفتح ممرات لإدخال المساعدات، وأنه يستعد لـ"هدن إنسانية"، كما أعاد الكهرباء لتشغيل محطة التحلية في القطاع.
في سيناريو كهذا، فإن الانتقادات الدولية الموجهة لإسرائيل ستقل، ولكن في المقابل، لن يُقدم ذلك حلاً لمسألة المحتجزين، وقد يُنظر إليه داخل إسرائيل نفسها أنه تنازل لصالح حماس. بالإضافة إلى ذلك، "قد تستغل الأخيرة هذه المساعدات لتعزيز قوتها في القطاع"، كما زعمت إسرائيل منذ بداية الحرب.
ثالثاً: اتفاق لإطلاق سراح 50 محتجزاً وإنهاء الحرب
في ظل فشل مسار الصفقات الجزئية الذي يواجه بانعدام ثقة من جانب حماس التي لا تصدق أن إسرائيل ستوقف الحرب، يُطرح خيار أن تتجه الولايات المتحدة نحو صفقة شاملة تتضمن إعادة جميع المحتجزين دفعة واحدة وإنهاء الحرب. وفي سيناريو كهذا، إسرائيل لا توافق على صفقة تُبقي حماس في الحكم، ومن غير المؤكد أن الأخيرة ستوافق على نفي قادتها من غزة كما تطالب إسرائيل. 
نتيجة هذا السيناريو هي أن مساراً كهذا سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين وإنهاء الحرب بالكامل، ما سيخفف من الضغط الدولي الكبير على إسرائيل. لكن على المستوى السياسي الداخلي، قد يجد نتنياهو صعوبة في تمرير اتفاق شامل داخل حكومته اليمينية المتطرفة، وقد يؤدي ذلك إلى سقوطها والتوجه إلى انتخابات مبكرة.

رابعاً: وقف إطلاق نار دون إعادة المحتجزين
الخيار الآخر بحسب الموقع هو السعي لوقف إطلاق نار دائم – دون اتفاق بشأن المحتجزين – بهدف استقرار الوضع في غزة. خيار كهذا لا ترغب فيه إسرائيل، لأنه قد يُنظر إليه باعتباره تخلياً عن المحتجزين. ففيما يخفف وقف إطلاق النار من الأزمة الإنسانية ويقلل الضغط الدولي على إسرائيل ويخلق ظروفاً مناسبة لاستئناف المفاوضات لاحقاً، فإنه سيُقابل بمعارضة شديدة داخل إسرائيل، لأنه يُبقي المحتجزين في قبضة حماس دون حل. كما قد يعزز من قوّتها في القطاع.

خامساً:عمليات كوماندوز لتحرير الرهائن
بحسب الموقع، قد يحاول الجيش الإسرائيلي، بدعم محتمل من الولايات المتحدة، تنفيذ عمليات إنقاذ للأسرى من داخل أنفاق حماس، على غرار "عملية أرنون" التي نجح فيها بإطلاق فيها سراح أربعة أسرى في يوينو/حزيران من العام الماضي. من جانبها، عززت حماس إجراءاتها الأمنية لمنع مثل هذه العمليات، وهددت بإعدام المحتجزين إذا جرى تنفيذها.

عمليات كهذه قد تعيد جزءاً من الأسرى، وتعزز الدعم الشعبي في إسرائيل، ولكنها تتضمن مخاطر كبيرة على حياة الأسرى، سواء بسبب احتمال استهداف حماس لهم أو إصابتهم خلال العملية.

سادساً: ضغط دبلوماسي لتجديد المفاوضات
في ظل الظروف القائمة، قد تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا على إسرائيل وحماس للتوصل إلى تسوية، عبر الوسطاء، من خلال طرح مقترح "خذه أو اتركه". في الوقت نفسه، قد تكون تصريحات ويتكوف حول "سوء نية" حماس تكتيكاً لزيادة الضغط على الأخيرة، خصوصاً أن الاتصالات لم تنته رسمياً بعد.

في حالة كهذه، فإن التوصل إلى تسوية قد يؤدي إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين، ويُقلل من وطأة الأزمة الإنسانية في غزة، ويخفف الضغط الدبلوماسي عن إسرائيل. وهو خيار تفضله عائلات المحتجزين وجزء كبير من الإسرائيليين. ولكن طبقاً للموقع، فإنه "في حال التوصل إلى تسوية، قد تستمر حماس في التمسك بمطالبها، وقد ترفض إسرائيل تقديم تنازلات إضافية". نجاح خيارٍ كهذا يعتمد على حسن النية من الطرفين.

سابعاً: تهديد قيادة حماس في الخارج
من الخيارات البديلة، قد تنذر الولايات المتحدة قطر ومصر وتركيا بضرورة طرد قادة حماس من أراضيها، أو حتى إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لتصفية قادة حماس في الخارج. وبدلاً من ذلك، قد تهدد الولايات المتحدة بنفسها بتصفية القادة للضغط على الحركة. وفي حالة كهذه، يرى الموقع أن الضغط قد يتعاظم على حماس ما قد يدفعها إلى تقديم تنازلات في المفاوضات. من جهة ثانية، قد يؤدي إجراء كهذا إلى تصعيد التوتر مع دول مثل قطر وتركيا، ويجعل من الصعب عليها الاستمرار في إداء دور الوساطة، كما أن خياراً كهذا لن يطلق سراح المحتجزين، إذ اغتالت إسرائيل عدداً من قادة حماس ولم يفضِ ذلك إلى نتيجة.

تكتيك للضغط على حماس؟

إلى ذلك، رأى الموقع أن التصريحات الأخيرة حول "خيارات بديلة" قد تكون جزءاً من تكتيك تفاوضي للضغط على حماس، لا بالضرورة تغييراً جوهرياً في السياسة القائمة. ومع ذلك، فإن تفاقم الأزمة الإنسانية والعزلة الدبلوماسية للولايات المتحدة وإسرائيل قد تجبر الأخيرتين على التفكير في نهج مغاير. وكما يضيف، فإن "الجمع بين الضغط العسكري والدبلوماسي والإنساني قد يكون المفتاح لتحقيق اختراقة، لكن كل خيار يحمل في طياته مخاطر كبيرة على حياة المحتجزين، وعلى استقرار المنطقة، وعلى مكانة إسرائيل والولايات المتحدة في العالم".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية