
خرجت دفعة جديدة من أهالي محافظة السويداء جنوبي سورية إلى خارج المحافظة، ضمّت مدنيين ومحتجزين وجثث قتلى. ونشرت محافظة السويداء (حساب حكومي رسمي)، عبر معرفاتها الرسمية، اليوم الأحد، أنّ الدفعة الجديدة تضمّ نحو 350 شخصاً كانوا محتجزين لدى الفصائل "الخارجة عن القانون"، بينهم 250 محتجزاً، ومئة شخص من الراغبين في الخروج من المكونات كافّة، و26 جثماناً.
وتوزّع المهجّرون من أهالي السويداء على العديد من مراكز الإيواء في محافظة درعا جنوبي سورية، في أكثر من 60 مركزاً، في الوقت الذي اتجهت فيه عائلات إلى مناطق أخرى في محافظة ريف دمشق وبلدة زاكية، وتعيش هذه العائلات ظروفاً إنسانية صعبة، على غرار تلك التي يعيشها السكان في محافظة السويداء، وسط تراجع حاد في خدمات الحياة الأساسية.
ويصف محمد نجم، أحد النشطاء الإغاثيين العاملين في بلدة السيدة زينب بريف دمشق، لـ"العربي الجديد"، الأوضاع بأنها تزداد سوءاً في الوقت الحالي، وسط الحاجة الماسة للمواد الإغاثية والتراجع في الخدمات، قائلاً: "المهجّرون من عشائر البدو في السويداء يتوزعون اليوم على أكثر من 18 فندقاً في المنطقة، هناك عجز حقيقي في تقديم المساعدات الإنسانية لهم، والوضع كارثي للغاية، أنا أعمل مع كثير من الزملاء في غرفة طوارئ بهدف سدّ الاحتياجات، لكن الوضع يزداد سوءاً وتعقيداً". وتكمن المشاكل الحالية في الحاجة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية بالإضافة إلى الغذاء، مع وجود مرضى كبار في السن يحتاجون أدوات مساعدة للتنقل والسير، بالإضافة إلى انتشار مرض اليرقان بين الأطفال الصغار.
مهجّرو السويداء يشكون تردّي أوضاعهم
يقول أحمد العلي، أحد المهجرين الذين غادروا السويداء أخيراً بسبب الاشتباكات بين عشائر البدو والمسلحين الموالين لرئيس الطائفة الروحية للموحدين الدروز في سورية، حكمت الهجري، إنّ "هذه المجموعات المسلّحة ارتكبت عمليات قتل طاولت حتى الأطفال والنساء في الشوارع"، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "اليوم نحن في حالة يُرثى لها، خرجنا دون أن نحمل شيئاً معنا، حتى إنّنا لا نملك أي مدخول شخصي، أنا أعاني من إصابة، وهناك الكثير من المرضى معنا في السيدة زينب، أيضاً هناك أطفال مصابون باليرقان بحاجة إلى علاج"، وتابع: "كل شيء نملكه جري تخريبه، بيوتنا وكل ما نملك، نرجو في الوقت الحالي من المنظمات والجهات الإنسانية أن تمد يد العون لنا، نحن في وضع حرج حالياً، والحرارة تزيد من سوء الوضع الذي نعيشه، خاصة مع وجود أطفال رضع ونساء حوامل".
وأوضح أحد العاملين في المجال الإنساني، لـ"العربي الجديد"، أنّ الفنادق في السيدة زينب تحوّلت إلى مراكز إيواء وهي تعمل بطاقتها الاستيعابية القصوى في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن الأوضاع صعبة والخدمات ضعيفة، وقال: "نحن بحاجة إلى تدخل عاجل وطارئ، نحتاج إلى كراسٍ لكبار السن ومستلزمات نظافة وأدوية علاجية أو نقطة طبية ثابتة تحتوي على كوادر طبية".
بدوره، أوضح الإعلامي أنس الخطيب، المنحدر من ريف دمشق، لـ"العربي الجديد"، أنّ الأهالي في بلدات عدّة أطلقوا مبادرات تكافلية بهدف مساعدة العائلات المهجّرة من السويداء، مشيراً إلى أن أهالي بلدة زاكية سلّموا دفعة ثانية من المواد الغذائية والمساعدات المالية التي جمعوها لمساعدة المهجرين، موضحاً أنّ هذه المبادرات تخفّف إلى حد ما من سوء الوضع الإنساني.
ووفق ما أوضح محافظ درعا طه الزعبي، بلغ عدد مراكز الإيواء في المحافظة 61 مركزاً استقبلت أكثر من 5600 من مهجّري محافظة السويداء، مشيراً إلى أنّ المحافظة شكّلت لجنة طوارئ منذ اليوم الأول لأحداث السويداء، مضيفاً خلال حديثه لقناة "الجزيرة" نعمل على نحوٍ متواصل على مدار الساعة لتأمين احتياجات النازحين كافّة".
وأكدت منظمة الهلال الأحمر السوري أنّ الاحتياجات الإنسانية في محافظة درعا في ازدياد، خاصة في مناطق الريف الشرقي مع وصول آلاف الأشخاص من السويداء، وكثير منهم ليست لديه وجهة محددة، إذ أرسلت المنظمة، أمس السبت، قافلة مساعدات ثانية إلى درعا، وفق ما أوضحت، تحمل سلّات معلبات وسلات صحية ومستلزمات للنساء والفتيات والأطفال، وأوضحت المنظمة أنّ العائلات المتضرّرة في السويداء تواجه صعوبات كبيرة في الحصول الغذاء ومياه الشرب النظيفة والرعاية الصحية المنقذة للحياة، إذ تسعى المنظمة للتخفيف عن معاناتهم ودعم استمرار بعض الخدمات الحيوية الأساسية.
وخرج، يوم الجمعة الماضي، أكثر من ثلاثين عائلة في اتّجاه ريف درعا جنوبي سورية، وهي الدفعة الخامسة التي تخرج من السويداء عبر ممرّ بصرى الشام الإنساني بعد الاشتباكات الأخيرة، في ظلّ هدوء تشهده المنطقة بالتزامن مع انتشار مكثّف لقوات الأمن السورية عند الحدود الإدارية للمحافظة من أجل تأمين العائلات. وفي سياق متصل نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، عن مدير مديرية الدفاع المدني السوري في محافظة درعا شادي الحسن قوله إنّ فرق الإخلاء نقلت العائلات المحتجزة داخل مدينة السويداء إلى مناطق آمنة، وجرى توزيعهم على مواقع عدّة في محافظتَي درعا وريف دمشق، كما قامت فرق الوزارة بأعمال تنظيف وصيانة لعدد من المرافق العامة، شملت المستشفيات، والمدارس، والأبنية التي جُهِّزت مراكزَ إيواء لاستقبال الوافدين.
في سياق متصل أعلنت محافظة درعا على حساباتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، عن اجتماع موسّع، اليوم الأحد، بين المحافظ طه الزعبي ومنظمات دولية (لم تحدّدها)، في إطار متابعة أوضاع النازحين من ريف السويداء. وأوضحت أنّ الاجتماع ناقش الأوضاع الإنسانية المتدهورة للنازحين من ريف محافظة السويداء، مشيرة إلى بحث آليات الاستجابة السريعة ووضع خطة عاجلة لتأمين الاحتياجات الأساسية للنازحين، بما يشمل المأوى والغذاء والرعاية الصحية، إضافة إلى مناقشة خطط بعيدة المدى لمعالجة أزمة اللجوء والتخفيف من معاناة الأسر المتضرّرة.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى نزوح أكثر من 145 ألف شخص في محافظة السويداء جراء الاشتباكات، بمن فيهم الأشخاص الذين فروا داخل المحافظة والذين خرجوا إلى محافظتَي درعا وريف دمشق المجاورتَين، وذلك منذ بدء الاشتباكات المسلّحة في المحافظة يوم 13 يوليو/ تموز.
