
ما إن أعلن وزير الزراعة والغابات التركي، إبراهيم يوماقلي، أمس الأول عن إخماد سبعة حرائق اندلعت في ست ولايات تركية، حتى شبّ حريق أمس السبت، في ولاية بورصة، امتد للشوارع الرئيسية وكاد ينال من المسؤولين وسياراتهم خلال تفقد الموقع، ليتكرر مشهد حرائق "شاركوي" في ولاية تيكرداغ، غربي تركيا وقتَ تعدت رقعة الحرائق، الأشجارَ، وانتقلت بفعل الرياح والحرارة المرتفعة، إلى مناطق سكنية.
وتستمر موجة حر غير مسبوقة في تركيا، بعد أن تعدت 50 درجة الأسبوع الماضي، ببعض الولايات التركية، لتحذر المديرية العامة للأرصاد الجوية التركية (MGM) اليوم الأحد، من موجة حر شديدة من المتوقع أن تؤثر على معظم أنحاء البلاد. بعد توقعات ارتفاع درجات الحرارة فوق المعدلات الموسمية بما يصل إلى 12 درجة مئوية في بعض المناطق، مع تسجيل درجات حرارة تتجاوز 45 درجة مئوية في جنوب شرق الأناضول.
الأمر الذي يزيد من مخاطر انتشار الحرائق، بعد أن استقر الأمر، نسبياً، وتنفست تركيا، الأسبوع الماضي الصعداء بعد إعلان وزير الزراعة والغابات التركي، إبراهيم يوماقلي، عن السيطرة الكاملة على 7 حرائق غابات اندلعت في 6 ولايات مختلفة، مؤكداً أن أعمال التبريد ما زالت مستمرة في بعض المناطق. وتحوطت بلدية إسطنبول الكبرى، بعد حرائق بورصة أمس، معلنة اليوم الأحد عن اتخاذ إجراءات وقائية جديدة للحد من حرائق الحقول، وذلك بعد تكرار اندلاع حرائق ناتجة عن بقايا الحصاد (الأنقاض الزراعية) وانتقالها إلى الأراضي المجاورة والغابات.
وفي بيان رسمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد والي إسطنبول داوود غُل أن جميع مالكي الأراضي الزراعية ملزمون بحرث حدود أراضيهم بعرض لا يقل عن 10 أمتار، على أن يجري تنفيذ هذا القرار كلياً قبل 2 أغسطس/آب 2025. مشيراً إلى أن الحرائق الناتجة عن الأنقاض الزراعية بعد الحصاد تسببت في خسائر كبيرة، خاصة عندما تمتد إلى الغابات والمناطق السكنية.
في المقابل، يكشف مدير منطقة إسطنبول للغابات، زافر درينجه، أن 90% من حرائق الغابات في تركيا ناتجة عن تدخل بشري، محذراً من ممارسات شائعة مثل رمي أعقاب السجائر، وحرق الأعشاب الجافة، واستخدام أدوات القطع واللحام في مناطق غير آمنة. ويشير درينجه خلال تصريحات اليوم، من مركز مكافحة الحرائق في إسطنبول، إلى أن المديرية تعاملت مع 78 حريقاً في عام 2024، و38 حريقاً حتى يوليو/تموز 2025، مؤكداً أن الظروف الجوية الخطرة لا تزال مستمرة، موضحاً أن فرق مكافحة الحرائق تضم 51 فريق تدخل أولي، و28 سيارة إطفاء، و374 عامل إطفاء، و10 آلاف متطوع جاهزين للتدخل
ويضيف مدير منطقة إسطنبول للغابات أن المديرية أطلقت حملة توعوية استباقية شملت المدارس والقرى والرعاة، كما جرى حظر دخول الغابات منذ 23 يونيو/حزيران بقرار من الولاية. مؤكداً أن متوسط اكتشاف الحريق هو دقيقتان فقط، والتدخل يجري خلال 11 دقيقة، مشدداً على أهمية الاكتشاف المبكر للحد من انتشار النيران.
وكان حريق هائل قد اندلع بولاية بورصة أمس، طاول الغابات الواقعة بين منطقتَي غورسو وكستل، وسرعان ما اتسعت رقعته لتمتد ألسنة اللهب بفعل الرياح القوية لتصل إلى الطريق العام، مهددة المنازل والممتلكات وحتى سيارات المسؤولين خلال تفقدهم لموقع الحريق، قبل تمكّن سائقي سيارات محافظ غورسو مراد كوتوك ورئيس بلدية غورسو مصطفى إشِك، من إخراجها في اللحظة الأخيرة وسط الفوضى والدخان، ومغادرة وزير النقل والبنية التحتية، عبد القادر أورالوغلو، الذي تفقد موقع الحريق.
وبواقع ارتفاع الحرارة وتحرك الرياح ووصول النيران لمناطق سكنية، أعلنت في بورصة حالة إخلاء في حي كاراهيدر التابع لغورسو، ونُقلت العائلات بواسطة حافلات بلدية بورصة إلى مراكز إيواء جهزتها السلطات، منها مجمّع سبور بورصة الرياضي. كما تولّت شركتا "BURFAŞ" و"BESAŞ" تأمين الطعام والماء للمتضررين. وذلك بعد حالات إجلاء أوسع نفذتها منطقة صفران بولو بولاية كارابوك، عبر إخلاء 18 قرية وإغلاق طريق كارابوك-أنقرة، مع استمرار الجهود للسيطرة على النيران المندلعة منذ أيام.
خسائر اقتصادية وتعويضات مالية
يقول الباحث التركي، أوزجان أويصال إنّ حرائق أخرى وصلت ولاية أنطاليا، أول من أمس، جرت السيطرة عليها، عدا حريق "اسكو"، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أن حرائق أنطاليا وصلت أيضاً لأحياء سكنية، قبل السيطرة عليها، مؤكداً أن عدد رجال الإطفاء الذين استشهدوا وصل 13 قبل أن يُتوفى، اليوم الأحد، رجل الإطفاء، رمضان شاشكين خلال إطفاء حرائق، منطقة "أورهانيلي" في ولاية بورصة.
ويضيف أويصال المتابع لمواقع الحرائق والذي يزور بعض الولايات التي أكلت النيران غاباتها ودمرت، وفق تصريحه، أكثر من 55 ألف هكتار من الأراضي وأكثر من 350 منزلاً، أنّ تركيا لم تشهد ارتفاع حرارة كهذا منذ مئة عام، فأنْ تسجل بعض مناطق أنطاليا 42 درجة مئوية وأن تسجل الأرصاد الجوية 50.5 درجة مئوية في سيلوبي التابعة لولاية شرناق، جنوب شرق تركيا، فهذا غير مسبوق أو متوقع، وهذا تبدُّل في ملامح تركيا وطقسها المعتدل.
وحول تعويضات الأضرار وإعادة ترميم المنازل وزراعة الغابات المحروقة، يشير أويصال إلى أن الوقت مبكر الآن، الغابات في مراحل التبريد ولم تزل احتمالات اندلاع الحرائق جراء الحرارة المرتفعة والرياح قائمةً، لكن ووفق تصريحات رسمية، سيجري تعويض أصحاب المنازل وخُصِّص دعم مالي مباشر للمتضرّرين.
وكان وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا قد أكد سابقاً، أن الحكومة تعمل على إعادة بناء أو ترميم المساكن في أقرب وقت ممكن، إذ سيجري تسليم المنازل الجديدة أو المرممة إلى أصحابها خلال مدّة تتراوح بين 5 إلى 6 أشهر، وذلك بالتنسيق المشترك بين كل من رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ (آفاد) ورئاسة إدارة الإسكان (توكي). ويؤكد الوزير أن الحكومة التركية خصّصت دعماً مالياً مباشراً لتعويض المواطنين المتضرّرين ومساعدتهم على تجاوز آثار الكارثة.
