
يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص
لم تكن السنوات الأربعون الماضية كافية لإطفاء شغف رضية شمسان طاهر بالتعليم. ففي الوقت الذي يتقاعد فيه الكثيرون عن الطموح والرغبة من التعليم أو العمل، قررت هي أن تبدأ من جديد، وتخوض رحلتها مع الكتب والدراسة، قررت أن تحقق حلم الطفولة، لتجتاز اليوم امتحانات الثانوية العامة، وتتخرج بمعدل 75%، وهي تبلغ من الـ51 عام.
“لقد كان حلمًا مؤجلاً منذ الطفولة، لأن عائلتي منعتني من التعليم بحكم أني فتاة، والفتاة – في نظرهم – ليس لها إلا زوجها وبيتها”. تقول رضية بفخر بعد إعلان النتائج.
تضيف رضية لموقع يمن مونيتور:” ما دفعني إلى اتخاذ قرار التعليم هو حلمي منذ الصغر، كنتُ عندما أرى أبنائي الصغار يتعلمون، وأنا لا أستطيع مساعدتهم حتى في كتابة حرف واحد، أشعر بالحزن”.
رضية، هي أم لتسعة أبناء، 6 أولاد و3 بنات، تحمل على عاتقها مسؤوليات منزلية كبيرة، لكنها كانت توزّع وقتها بين أعمال البيت والدراسة. لم يكن الأمر سهلًا، خاصة وأنها لم تدرس منذ عقود. لكنها اعتمدت على مثابرتها، وعلى دعم أبنائها الذين ساعدوها في فهم المناهج الحديثة، وتوفير الأجواء المناسبة للمذاكرة. حسبما حديثنا.
“اتخذت قراري بالتعليم بعدما كبر أبنائي، وقلتُ، حان الوقت لأحقق أحلامي”، تواصل رضية.
بدأت رضية في دراستها في الصفوف الابتدائية في مركز محو الأمية في مديرية المعافر – مركز المدينة، محافظة تعز، ومن ثم التحقت بمدرسة “الفقيد النعمان” للبنات، وأكملت دراستها مع ابنتَيَّها لطيفة وعفاف.
كيف كان ردة فعل عائلتك؟
بالنسبة لردة فعل العائلة، وخاصة أبنائيها، تشرح رضية :” كان الجميع يدعمني ويشجعني، ورحبوا بالفكرة كثيرًا، أخبروني أنه قرار صائب وسيساعدوني بكل ما يستطيعون، وفعلوا ذلك حقًا، وكانوا لي سندًا”.
وتواصل رضية، أنها كانت تتحمّل مسؤولية كبيرة في المنزل، خصوصًا في هذه الظروف الصعبة، التي يمر بها عامة الشعب اليمني، فهي تعمل في تصميم الأزياء النسائية والتفصيل، وهذه مهنتها منذُ أكثر من عشرين عامًا. كانت تعود من المدرسة وتعمل أربع ساعات على الأقل كل يوم، ثم تفرغ نفسي للواجبات المدرسية وواجباتها في مهام منزلها.
هل شعرتِ بالإحباط يومًا؟
تجيب رضية:” نعم، لا أخفي أنني شعرتُ بالإحباط أكثر من مرة خصوصّا عندما انتقلتُ من المرحلة الأساسية إلى الثانوية العامة، بسبب صعوبة المواد العلمية. وزاد الوضع تعقيدًا عندما تم اعتقال أبناء الإثنين في البقع بتهم سياسية، ولا يزالان في السجن حتى هذه اللحظة. لكني تحمّلت كل شيء، حتى وصلتُ إلى النجاح المتواضع الذي حلمت به منذ الصغر”.
تقول رضية أنها كانت مصدومة حقيقة بمعدلها، حينما أخبرها ابنها عبدالعزيز بالنتيجة، لأنها كانت تتوقع معدلًا أعلى من الذي حصلت عليه، أخبرن بالنتيجة، ولكنها تصر على اكمال تعليمها العالي، والالتحاق بالجامعة في تخصص إدارة الأعمال.
رسالة رضية
“رسالتي لكل الآباء والأمهات وكل ولي أمر على امرأة، لا تحرموا بناتكم من التعليم مهما كانت الظروف، ولا تسمحوا للأفكار البالية أن تجعلكم تمنعوا بناتكم من تحقيق أحلامهن وطموحهن”.
تردف رضية:” ورسالتي للشباب والبنات، أعلموا أن الوطن يمر بمرحلة صعبة وسيئة، لكن أرجو منكم غاية الرجاء أن تتحمّلوا كل ذلك وتواصلوا مشواركم لأجل غدٍ أفضل”.
تثبت رضية أن لا شيء اسمه متأخر، وأن الطموح العالي والحقيقي لأبد أن يتحقق ولو بعد حين، مهما كانت الظروف، الأحلام لها وقت لتحقق ولو متأخر، المهم ألا نموت قبل أن تحققها. ورضية رغم سنها تعيش اليوم حلمها وتحقق.
أبناؤها عبروا اليوم عن فخرهم الكبير بها، ونشروا لها تهنئات على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن والدتهم علمتهم درسًا في الحياة لم ينسوه، فهي تبث فيهم الأمل رغم كل شيء، علمتهم أن الطموح لا يتقاعد.
The post رضية شمسان… خمسينية تحقق حلمها بالتخرج من الثانوية العامة في تعز appeared first on يمن مونيتور.
أخبار ذات صلة.
