
تنخرط أوروبا في مفاوضات تجارية مضنية مع الولايات المتحدة، لكنها لا تكتفي بذلك، بل تعد في الموازاة العُدّة الانتقامية اللازمة حال فشل المسار التفاوضي، حيث يستعدّ الاتحاد لتطبيق الرسوم الجمركية بنسبة 30% على واردات أميركية بقيمة 100 مليار يورو (117 مليار دولار)، إذا ما نفّذ الرئيس دونالد ترامب تهديده بفرض الرسوم على معظم صادرات التكتل بعد الأول من الشهر المقبل، وفقاً لما أكده المتحدث باسم المفوضية أولوف جيل، في وقت كان كبير المفاوضين التجاريين الأوروبيين ماروش سيفتشوفيتش يُجري محادثات الأربعاء، مع نظيره الأميركي هاوورد لوتنيك بشأن الرسوم الجمركية.
وستشمل الدفعة الأولى من الإجراءات المضادة دمج قائمتين من الرسوم على منتجات أميركية: الأولى موافَق عليها سابقاً بقيمة 21 مليار يورو، والثانية مقترحة سابقاً وتغطي سلعاً إضافية بقيمة 72 مليار يورو، رداً على رسوم ترامب الجمركية المفروضة على الصلب والألومنيوم. كما تشمل السلع المستهدفة طائرات بوينغ وسيارات أميركية الصنع وويسكي بوربون، وستُفرض عليها رسوم تعادل 30%، وفقاً لمصادر بلومبيرغ، فيما تُقدّر الصادرات الأميركية إلى الاتحاد الأوروبي بنحو 335 مليار يورو سنوياً، ما يعني أن الإجراءات الأوروبية المرتقبة ستطال نحو ثلث هذه الصادرات.
ونقلت وكالة فرانس برس عن جيل قوله إن "الأولوية بالنسبة للاتحاد هي التوصل إلى اتفاق تفاوضي مع الولايات المتحدة... تجري اتصالات مكثّفة على المستويين التقني والسياسي"، مشيراً إلى أن الإجراءات الانتقامية التي اتفق عليها الاتحاد ستدخل حيز التطبيق في السابع من أغسطس/ آب القادم ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، بعدما سعى الاتحاد للتعامل مع التوترات التجارية مع الولايات المتحدة عبر المحادثات بينما وضع خطة مفصّلة للرد حال فشل المحادثات.
وقد أظهرت ألمانيا تشدداً في موقفها، ملوّحة باستخدام "أداة مكافحة الإكراه" (ACI) إذا لم تُتوَّج المفاوضات بالنجاح. وتتيح هذه الأداة للاتحاد اتخاذ إجراءات مضادة واسعة، مثل فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية، وتقييد الاستثمارات، وحتى الحد من دخول السوق الأوروبية. وأكد المستشار الألماني فريدريش ميرز الحاجة إلى اتفاق تجاري "عادل وموثوق" يخفض الرسوم، محذراً من تداعيات اقتصادية في حال غياب التفاهم.
وكان ترامب قد أعلن عن اتفاقين تجاريين هذا الأسبوع: أحدهما مع الفيليبين والآخر مع اليابان، تضمّنا رسوماً مخفّضة على واردات البلدين، ما أذكى آمال الأوروبيين بعقد صفقة مماثلة. ورأى محللون من شركة "سي أي سي" (CIC) أن الصفقة الأميركية اليابانية "أقل ضرراً مما كان متوقعاً، وأعادت إحياء الآمال بإبرام اتفاقات مشابهة، خصوصا مع الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية"، بحسب فرانس برس. وشهدت أسهم شركات السيارات الأوروبية انتعاشاً ملحوظاً بعد اتفاق واشنطن وطوكيو، إذ قفز سهم "فولفو" أكثر من 15%، فيما حققت "بي إم دبليو" و"مرسيدس- بنز" و"فولكسفاغن" مكاسب جماعية.
