أزمة مياه خانقة في إيران... انقطاع تمييزي بين المناطق
عربي
منذ 7 ساعات
مشاركة

أبرز صيف هذا العام، على نحو غير مسبوق، أزمة المياه في بعض المدن والمحافظات الإيرانية، وفي مقدمها العاصمة طهران، حيث أدت الانقطاعات المتكررة في بعض مناطقها إلى شكاوى واعتراضات قدمها عدد من المواطنين الذين عبّر بعضهم أيضاً عن استيائهم من التمييز في قطع المياه بين أحياء ثرية وأخرى فقيرة، وعدم تقديم السلطات المعنية حتى الآن برنامجاً خاصاً لمواجهة أزمة شح المياه هذا الصيف.

يقول علي رضا (50 سنة)، الذي يقيم مع عائلته المكوّنة من أربعة أفراد في باقر شهر، جنوبي محافظة طهران، لـ"العربي الجديد": "أختبر قطع المياه يومياً، وأضطر إلى شراء صهريج صغير لتخزين المياه لتعويض الانقطاعات، وحتى حين تتوفر المياه يكون ضغطها ضعيفاً جداً لتوفير الاحتياجات المطلوبة". وتقول فريدة (40 سنة)، وهي أم لثلاثة أبناء تسكن في منطقة صالحية، جنوب غربي طهران، لـ"العربي الجديد": "يستمر انقطاع المياه في منازل هذه المنطقة، ومسؤولو مؤسسة المياه والصرف الصحي لا يستجيبون للاتصالات والاستفسارات عمّا يحصل. أسأل لماذا يقتصر انقطاع المياه على المناطق الجنوبية من طهران، بينما لا تشهد الأحياء الثرية في الشمال انقطاعاً مماثلاً للمياه والكهرباء أيضاً؟".

وتعلّق آزيتا (35 سنة)، لـ"العربي الجديد" بالقول: "تسبب انقطاع الكهرباء ساعتين يومياً والمياه في فترات مختلفة في تدهور أوضاعنا الصحية والشخصية والعائلية، وزاد مشاكلنا كثيراً خلال موسم الصيف الحارق. تُقطع المياه من دون سابق إنذار، وأتمنى لو نتبلغ مسبقاً بهذا التدبير، كما هو حال الكهرباء كي تستطيع العائلات التخطيط لساعات الانقطاع وتكيّف احتياجاتها اليومية معه".

بدورها، انتقدت وسائل إعلام إيرانية التمييز في قطع المياه والكهرباء في طهران، وكتبت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية: "كأن دماء سكان شمال العاصمة أغلى من سواهم. عندما يكون هناك نقص يكون نصيب سكان جنوب طهران هو المعاناة، في حين يندر أن يحدث تقنين كهرباء في الشمال، وإذا حصل ينفذ بعد توجيه إنذار مسبق للناس من أجل التحسب للأوضاع الناتجة عنه، أما في الجنوب فينقطع التيار من دون أي إشعار".

ويقول أمير حسين، الذي يسكن في حارة صادقية، غربي طهران، لـ"العربي الجديد": "أعيش مع عائلتي في الطابق الرابع من مبنى يضم 20 شقة، وقد اضطر سكان هذا المبنى إلى شراء جهاز لزيادة ضغط المياه والسماح بوصولها إلى الطوابق العليا، وذلك بعد الانخفاض الكبير في ضغط المياه خلال الشهرين الأخيرين". وصرّح المدير العام لشركة المياه والصرف الصحي لمحافظة طهران محسن أردكاني بأن "إدارة ضغط شبكة المياه تهدف إلى توزيع المياه بشكل متساوٍ وعادل على جميع المشتركين وسكان طهران، وتطبيق ذلك قد يؤدي إلى بعض القيود المؤقتة خصوصاً خلال ساعات الذروة في بعض المباني السكنية".

يضيف: "انخفضت منذ بداية العام المائي الحالي كميات مياه الأمطار في محافظة طهران نحو 48% مقارنة بالفترة السابقة، وتعاني المحافظة للعام الخامس على التوالي من الجفاف، وهذا أمر غير مسبوق في الدراسات المناخية والسجلات الإحصائية". بدوره، قال أردكاني لوكالة أنباء "إرنا" الرسمية: "يبلغ متوسط الهطول السنوي الطويل الأجل في المحافظة 280 ميليمتراً تقريباً، لكن السنة الحالية تُعد الأكثر جفافاً وشحاً في كميات الأمطار خلال الأعوام الستين الأخيرة". 

وأكدت شركة مياه طهران ضرورة الترشيد بنسبة لا تقل عن 20% من استهلاك المياه، وتجنّب الاستعمالات غير الضرورية في ظل شح المياه، كما أوصت باستخدام أدوات لتقليل استهلاك المياه في الصنابير من أجل توفير نسبة تصل إلى 30% من المياه. وبحسب المدير العام لشركة المياه الإقليمية بطهران بهزاد پارسا، لا تتجاوز نسبة إشغال خزانات سدود طهران 14%، وقال: "سُجل منذ بداية السنة المائية حتى الآن  سقوط 153 ميليمتراً من الأمطار، أي أقل بـ44% من المعدل الطويل الأمد، وبـ33% من السنة الماضية. وبسبب استمرار الجفاف خلال السنوات الخمس الماضية انخفضت مستويات المياه السطحية والجوفية في شكل حاد، ونحن اليوم في وضع مائي بالغ الخطورة".

ويرى المتحدث باسم قطاع المياه عيسى بزرغ زادة أن طهران تمر بأشد حالات التوتر المائي، ويقول إن "الوسيلة الرئيسة المتاحة للتعامل مع الظروف الراهنة الصعبة وغير الاعتيادية هي إدارة الطلب والاستهلاك، وإذا لم يحصل ذلك سنضطر إلى مزيد من استنزاف الموارد الجوفية، ما يشكل تهديداً لاستدامة المياه على المدى الطويل". وأكد بزرغ ‌زادة "أهمية إنشاء خزانات حضرية، وربط الشبكات ونقل المياه السطحية والجوفية بين المناطق باعتبارها حلولاً أساسية تؤتي ثمارها على المدى البعيد، لكن الأولوية الآن لتعاون المواطنين في الترشيد".

ويقول المدير العام لشركة الهندسة للمياه والصرف الصحي الإيرانية هاشم أميني: "جعلت ظاهرة تغيّر المناخ، وارتفاع درجات الحرارة، وتراجع الهطول الفعّال، وضعف الموارد المائية المتجددة، إلى جانب مناخ إيران شبه الجاف بطبيعته، تأمين مياه الشرب والصحة العامة تحدياً مقلقاً".

ووفقاً لبيانات وزارة الطاقة الإيرانية، تقلّص حجم موارد المياه المتجددة في البلاد من نحو 132 مليار متر مكعب في تسعينيات القرن الماضي إلى أقل من 90 مليار متر مكعب في السنوات الأخيرة، أي بانخفاض أكثر من 30% خلال أقل من ثلاثة عقود. وفي الوقت ذاته، اتجه استهلاك المياه في جميع القطاعات إلى الارتفاع، كما ارتفع متوسط درجة الحرارة في إيران منذ خمسين عاماً أكثر من 1.6 درجة مئوية. وجعلت هذه التغيرات مهمة توفير المياه تواجه تهديدات غير مسبوقة.

وبحسب آخر تقييمات، تواجه 52 مدينة في 29 محافظة من أصل 31 محافظة، منها طهران ومشهد وأصفهان وأراك وبندر عباس ويزد، حالة توتر مائي، ما يعني أن نحو نصف سكان الحضر في إيران معرضون لخطر عدم استدامة إمدادات مياه الشرب.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية