
في خطوة تُعدّ مفصلية على طريق تحقيق الأمن الطاقي وتعزيز التنمية المستدامة في أفريقيا جنوب الصحراء، حصلت جمهورية موزمبيق على موافقة البنك الدولي لتمويل مشروع ضخم لبناء أكبر محطة كهرباء مائية في جنوب القارة منذ ما يقارب نصف قرن. تأتي هذه المبادرة في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مصادر طاقة مستدامة وقوية لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية التي تعاني منها المنطقة، التي تُعدّ من بين أكثر مناطق العالم تضرّراً من نقص الكهرباء وارتفاع معدلات الفقر الطاقي.
ويمثل المشروع جزءاً من جهود دولية متصاعدة لمعالجة الفجوة الهائلة في الوصول إلى الكهرباء في أفريقيا، إذ يعيش أكثر من 80% من سكان العالم الذين يفتقرون إلى الكهرباء في هذه المنطقة، كما يشكل استثماراً استراتيجياً ليس لموزمبيق فحسب، بل لمنظومة "مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي" (SADC) التي تعتمد بتزايُد على الشراكات الإقليمية في قطاع الطاقة.
وفي الصدد، قال أجاي بانجا، رئيس البنك الدولي، في مقابلة بموزمبيق، إنّ البنك يعتزم توفير تمويل على شكل قروض وشراء حصص ملكية، بالإضافة إلى ضمانات للمخاطر والتأمين، لمشروع محطة كهرباء "مفاندا نكوا" المائية على نهر زامبيزي، التي تُقدّر كلفتها بخمسة مليارات دولار، إضافة إلى مشروع نقل الكهرباء المرتبط بها، الذي تبلغ قيمته 1.4 مليار دولار.
وقال دانييل تشابو، رئيس موزمبيق، لوكالة "بلومبيرغ": "نريد أن نكون مركزاً للطاقة في منطقتنا، أي مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي"، في إشارة إلى تكتل يضم 16 دولة، يستورد الكثير منها بالفعل الكهرباء من موزمبيق. ويُعدّ السد، الذي تبلغ قدرته 1500 ميغاواط، الذي صرّح بانجا بأنه قد يبدأ العمل بحلول عام 2031 تقريباً، أحد المشاريع الرئيسية ضمن برنامج يدعمه البنك الدولي يُعرف باسم "المهمة 300".
ويهدف هذا البرنامج إلى توفير الكهرباء لحوالى 300 مليون شخص في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بحلول عام 2030، ما يزيد كثيراً من إمكانية الوصول إلى الكهرباء في منطقة يعيش فيها أكثر من 80% من سكان العالم الذين يفتقرون إلى الكهرباء، والبالغ عددهم الإجمالي نحو 680 مليون نسمة. وبحسب تقديرات بانجا، فإنّ تمويلات برنامج "المهمة 300" قد تتجاوز مئة مليار دولار، بمساهمة من بنك التنمية الأفريقي، وصندوق النقد الدولي، وشركات القطاع الخاص.
ويمثل مشروع محطة مفاندا نكوا أكثر من مجرد بنية تحتية لتوليد الطاقة؛ فهو رهان استراتيجي على مستقبل القارة، وفرصة لإعادة رسم خريطة الاعتماد على الطاقة النظيفة، كما يعكس المشروع تحوّلاً في نهج التنمية الدولية، إذ يجمع بين التمويل المؤسّسي، والشراكات الحكومية، ودور القطاع الخاص في بناء مشاريع ضخمة تسهم في تغيير حياة ملايين البشر.
وفي وقت تتجه فيه أنظار العالم إلى أفريقيا بوصفها أرض الفرص المستقبلية، يبرز هذا المشروع رمزاً للأمل والتحوّل، ويؤكد أن الاستثمار في الطاقة ليس مجرد خيار اقتصادي، بل ضرورة إنسانية وتنموية لضمان مستقبل أكثر عدالة واستدامة لشعوب المنطقة.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

أخبار ذات صلة.
