
يعيش قطاع غزة على وقع غارات إسرائيلية عنيفة وأزمة إنسانية غير مسبوقة، مع بلوغ الجوع وسوء التغذية مستويات كارثية، وسط تحذيرات أممية من مخاطر تطاول عشرات الآلاف من النساء والأطفال الذين يحتاجون إلى علاج عاجل. ويأتي ذلك فيما لا تزال كميات المساعدات الإنسانية شحيحة بسبب الحصار المشدد وحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة. وأكد الدفاع المدني في غزة تزايد حالات استشهاد الأطفال الرضع نتيجة الجوع الحاد ونقص التغذية، مشيراً إلى وفاة ثلاثة على الأقل خلال الأسبوع الماضي وحده.
وأعلن الدفاع المدني في غزة، أمس الأحد، استشهاد 93 فلسطينياً على الأقل برصاص قوات الاحتلال أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية، غالبيتهم في شمال القطاع حيث تتفاقم المجاعة والقيود على وصول المساعدات. وأوضح المتحدث باسم الجهاز، محمود بصل، أن 80 شخصاً قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات تنقلها شاحنات في شمال غرب مدينة غزة، في حين أكد برنامج الأغذية العالمي أن إحدى قوافله تعرضت لإطلاق نار أثناء عبورها نقاط التفتيش، محذراً من أن العنف ضد المدنيين الجوعى والعاملين في الإغاثة "غير مقبول إطلاقاً".
سياسياً، حذرت الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" والجبهتان الشعبية والديمقراطية والمبادرة الوطنية، من أن استمرار "النهج العدواني" الإسرائيلي قد يقوّض المسار التفاوضي ويعيد التصعيد إلى الواجهة، محملة حكومة الاحتلال والدول الداعمة لها كامل المسؤولية عن تبعات ما يجري. بالتوازي، أطلق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، حملة اتصالات دولية واسعة مع قادة العالم والمنظمات الدولية، لوضع حد لما وصفه بـ"جريمة التجويع" التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن استمرار الحصار وتجويع المدنيين يمثل جريمة حرب يتحمل الاحتلال كامل تبعاتها القانونية والأخلاقية.
في الأثناء، عبر رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلي، إيال زامير، عن اعتقاده بتزايد إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حرب غزة والتوصل لاتفاق للإفراج عن المحتجزين. وقال زامير، خلال زيارة للقوات في قطاع غزة الأحد: "إن إنجازاتكم في الميدان ضمن عملية "عربات جدعون" تدفع نحو هزيمة حماس وتهيئ إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن" بحسب مصادر عسكرية، أوردتها "أسوشييتد برس".
وفي مفاوضات غير مباشرة تجرى في الدوحة، تواصل إسرائيل وحركة حماس منذ أشهر محاولاتهما للتوصل إلى تسويات تتيح وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً والإفراج عن المحتجزين. ويتولى دبلوماسيون من قطر ومصر والولايات المتحدة دور الوساطة، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخراً بوجود تقدم، لكن لا تلوح في الأفق أي انفراجة حقيقية. وأكد زمير أن قيادة الجيش مستعدة لجميع السيناريوهات. وقال دون الخوض في تفاصيل تلك الخيارات الاستراتيجية: "سنعتمد أنماطاً عملياتية جديدة من شأنها تعزيز نقاط قوتنا، وتقليص مكامن الضعف، وتعميق المكاسب الميدانية". وأضاف أنه سيتم عرض تلك السيناريوهات على القيادة السياسية لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.
"العربي الجديد" ينقل تطورات حرب الإبادة على غزة أولاً بأول..
