4 محاور إسرائيلية تقسم المقسم في غزة
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأربعاء، إقامة محور جديد يفصل بين شرق محافظة خانيونس جنوبي قطاع غزة وغربها، يحمل اسم "ماجين عوز". ويأتي الإعلان الإسرائيلي في وقت تتواصل فيه مفاوضات غير مباشرة في العاصمة القطرية الدوحة للوصول إلى اتفاق للتهدئة.

وبتدشين المحور الجديد في خانيونس يصبح عدد المحاور المنشأة في غزة منذ بداية حرب الإبادة أربعة، هي نتساريم وصلاح الدين (فيلادلفي)، وموراغ، فضلاً عن "ماجين عوز" المستحدث. ويبدو الهدف الإسرائيلي من هذه المحاور متمثلاً في عمليات تقطيع أوصال قطاع غزة وفصلها عن بعضها البعض، وفرض واقع جيوسياسي وديمغرافي جديد وزيادة مساحة المنطقة العازلة في غزة مستقبلاً.

وعمد الاحتلال الإسرائيلي خلال عمليات بناء المحاور إلى تدمير البيوت الفلسطينية والبنية التحتية على نطاق واسع، ما يعني عدم عودة السكان إليها باعتبارها مناطق غير صالحة للسكن. ولا تقتصر تأثيرات هذه المحاور على وجود السكان فقط، بل تصل التداعيات إلى ملف المفاوضات، تماماً كما يحصل في جولة المباحثات الحالية في ظل المماطلة الإسرائيلية في تقديم خرائط انسحاب تلبي المطالب الفلسطينية.


يمتد محور ماجين عوز على مسافة نحو 15 كيلومتراً ما يعني ابتلاعا كاملا للمدن والقرى الواقعة شرق خانيونس


وأظهرت الخرائط السابقة التي سلّمها الاحتلال للوسطاء سيطرته على مساحة 40 في المائة من مساحة القطاع، وعدم انسحابه من محور موراغ الذي أنشأه في إبريل/نيسان الماضي خلال عمليته العسكرية المتواصلة. ويستخدم الاحتلال هذه المحاور للضغط على الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركة حماس في ما يتعلق بالمفاوضات، حيث يتقدم هذا الملف على بقية الملفات ذات الطابع السياسي المرتبطة بنهاية الحرب. وترصد "العربي الجديد" المحاور التي دشنها الاحتلال منذ بداية حرب الإبادة على غزة التي دخلت شهرها الواحد والعشرين، وسط فشل كل الجهود الرامية للوصول إلى اتفاق يضع حداً لهذه الحرب.

محور ماجين عوز

أعلن الاحتلال تدشين محور ماجين عوز أمس الأربعاء (16 يوليو/ تموز الحالي)، وهو يفصل بين شرق وغرب خانيونس. ويمتد المحور على مسافة نحو 15 كيلومتراً، ما يعني ابتلاعا كاملا للمدن والقرى الواقعة شرق مدينة خانيونس. ويسبب تدشين هذا المحور ابتلاع مساحة تعادل ما نسبته 10 إلى 15 في المائة من قطاع غزة، فضلاً عن مساحة رفح التي تعادل مساحتها نحو 15 إلى 20 في المائة من مساحة القطاع والتي ابتلعها الاحتلال بمحور موراغ وصلاح الدين. وسيمنع هذا المحور عودة مئات الآلاف من السكان إلى مناطق شرق خانيونس قريباً، وسيبقيهم في مراكز اللجوء، أو في مناطق غرب خانيونس وتحديداً "المواصي" التي يزعم الاحتلال باستمرار أنها منطقة آمنة.
وقال جيش الاحتلال، في بيان أمس الأربعاء، إنه "خلال الأسابيع الأخيرة، تعمل الفرقة 36 في منطقة خانيونس بهدف تدمير البنى التحتية الإرهابية والقضاء على العناصر الإرهابية. لقد استكملت قوات اللواء 188 ولواء جولاني فتح محور ماجين عوز الذي يفصل بين شرق خانيونس وغربها. يمتد المحور على مسافة نحو 15 كيلومتراً، ويُشكّل جزءاً مركزياً في الضغط على حماس وحسم المعركة ضد لواء خانيونس الحمساوي". وزعم البيان أن قوات الاحتلال قضت على عشرات المقاومين، وعثرت ودمرت بنى تحتية للمقاومة، "تضمّنت مستودعات وسائل قتالية، ومسارات أنفاق تحت أرضية. وتواصل قيادة المنطقة الجنوبية توسيع وتعزيز السيطرة على هذا المحور المركزي والعمل على حماية أمن مواطني دولة إسرائيل، وسكان غلاف غزة بشكل خاص".

محور موراغ

يعد محور موراغ، الذي تم تدشينه في 9 إبريل الماضي، أحد الممرات الحيوية في جنوب قطاع غزة، ويمتد من البحر غرباً حتى شارع صلاح الدين شرقاً، وصولاً إلى آخر نقطة على الحدود الفاصلة بين غزة والأراضي المحتلة عام 1948، وتحديداً عند معبر "صوفا". ويبلغ طول المحور 12 كيلومتراً، وهو يفصل محافظة رفح عن باقي محافظات القطاع. ولا يعتبر المحور حديثاً إذ سبق أن أنشأه الاحتلال خلال احتلاله للقطاع في العام 1967، قبل انسحابه منه في 2005، تنفيذاً لخطة الانسحاب الأحادي الجانب في عهد رئيس الوزراء الراحل أرئيل شارون. ويشكل المحور نقطة ارتكاز استراتيجية بسبب موقعه الجغرافي، إذ من شأنه اقتطاع مساحة 74 كيلومتراً مربعاً من مساحة قطاع غزة، أي ما يعادل 20 بالمائة من إجمالي مساحة القطاع البالغة 360 كيلومتراً مربعاً

محور نتساريم (الشهداء)

قام الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء هذا المحور خلال الشهرين الأولين من بداية حرب الإبادة على غزة. وكان في بداية الأمر يحمل اسم الطريق "947" قبل أن يطلق عليه محور نتساريم ويفصل مدينة غزة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوب القطاع. أطلق هذا الاسم عليه نسبة إلى المستوطنة التي كانت قائمة قبل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع في العام 2005 ضمن خطة الانسحاب الأحادي، غير أن الفلسطينيين أطلقوا عليه اسم محور الشهداء نظراً لكثرة ارتقاء الشهداء عنده خلال انتفاضة الأقصى بين العامين 2000 و2005. يبلغ طول المحور حالياً سبعة كيلومترات ويتقاطع مع شارع صلاح الدين، أحد الطريقين الرئيسيين الواصلين بين شمال وجنوب غزة. وعاد الاحتلال للسيطرة عليه بشكل كامل بعد انسحاب جزئي خلال اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي.

محور صلاح الدين (فيلادلفي)

يعتبر محور صلاح الدين من أحد أهم المحاور الاستراتيجية للقطاع حيث يفصله عن العالم الخارجي، وبه يوجد معبرا رفح البري وكرم أبو سالم التجاري، ما يعني أن السيطرة عليه تتيح التحكم بواقع غزة كلياً. تبلغ مساحة المحور، الذي سيطر عليه الاحتلال منذ بداية عملية رفح في مايو/أيار 2024، 14 كيلومتراً. وهو عمل على تدمير كافة البنى التحتية القريبة منه والسيطرة على المعابر الحدودية وإغلاق معبر رفح. وخلال مفاوضات وقف إطلاق النار طالبت المقاومة بانسحاب إسرائيلي شامل من تلك المنطقة، إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض، وتم الاتفاق على وضع ملف الانسحاب منه مع انطلاق المرحلة الثانية من مفاوضات التهدئة التي لم تستكمل بسبب استئناف الاحتلال للحرب.

أهداف إسرائيلية من تقسيم غزة

وقال الباحث في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، لـ"العربي الجديد"، إن الهدف العملياتي لإسرائيل حالياً هو تقسيم خانيونس إلى شطرين، عبر محور يشق المدينة من الشرق إلى الغرب، بهدف فرض واقع ميداني جديد يُعيد رسم خريطة السيطرة في القطاع. وأضاف أبو زبيدة أن الجزء الشرقي من خانيونس أصبح خالياً من السكان بعد موجات التهجير القسري، ويقع اليوم تحت سيطرة إسرائيلية شبه كاملة، ويُنظر إليه باعتباره "منطقة مطهّرة من حماس"، في وضع يُشبه إلى حد كبير ما يجري في مدينة رفح. وأوضح أن الجزء الغربي من المدينة لا يزال يشهد اشتباكات عنيفة، ووجوداً للفلسطينيين، خاصة في منطقة "المواصي" التي تؤوي أكثر من مليون نازح، لافتاً إلى أن السيطرة الإسرائيلية على هذا الجزء لا تزال جزئية وغير مستقرة حتى الآن.
 
رامي أبو زبيدة: من بين أهداف إسرائيل توسيع مشروع "المنطقة الإنسانية البديلة" عبر ضم شرق خانيونس إلى رفح


وبيّن أن محور "ماجين عوز" لا يقتصر على كونه خطاً عسكرياً فحسب، بل يحمل أبعاداً استراتيجية أعمق، أبرزها إنشاء جيوب أمنية خالية من المقاومة عبر عزل مناطق واسعة وتحويلها إلى أحزمة آمنة تُستخدم لاحقاً كنقاط تمركز أو مناطق عازلة. وبحسب أبو زبيدة فإن إسرائيل تسعى كذلك إلى امتلاك أوراق تفاوضية جديدة من خلال هذا المحور، بحيث تطرح انسحابات "جزئية" من مناطق محددة كتنازل مشروط مقابل مكاسب سياسية أو صفقات تبادل أسرى أو تهدئة مؤقتة.

وأضاف أن من بين أهداف إسرائيل أيضاً توسيع مشروع "المنطقة الإنسانية البديلة"، عبر ضم شرق خانيونس إلى رفح، وتسويقه كمنطقة إنسانية محمية خالية من حركة حماس وتحت إدارة دولية، بهدف عزل المدنيين عن المقاومة، في تكرار لخطط سبق تنفيذها في جنوب لبنان وأريحا في تسعينيات القرن الماضي.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية