توتر موسكو وباكو يزيد متاعب الجالية الأذربيجانية
عربي
منذ 13 ساعة
مشاركة

يُلقي الفتور في العلاقات بين روسيا وأذربيجان بظلاله على أوضاع أبناء الجالية الأذربيجانية في روسيا والمغتربين الروس في أذربيجان، ويتعرض بعضهم لمضايقات أمنية وتحقيقات حتى في حال انعدمت صلتهم بالسياسة

في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، انفجر الخلاف بين روسيا وأذربيجان بعد اعتقال أشخاص من أصول أذربيجانية في مدينة يكاترينبورغ الروسية بمنطقة الأورال التي تفصل بين قارتي أوروبا وآسيا. وتبادل الجانبان السجالات والاتهامات، ورأت باكو أن الاعتقالات تعسفية، في حين أكدت موسكو أنه يشتبه في تورط المعتقلين بقضية جنائية تتعلق بالتآمر على القتل. وكان بين المعتقلين شقيقان من أذربيجان يدعيان حسين وزيادين صفاروف لفظا أنفاسهما الأخيرة في ظروف غامضة بعد توقيفهما، ما أغضب باكو.
واندرجت هذه الحلقة من التوتر ضمن موجة فتور في العلاقات الروسية - الأذربيجانية منذ واقعة تحطم طائرة أذربيجانية استهدفتها مضادات جوية روسية نهاية العام الماضي، ما ينذر بزيادة تدهور العلاقات بين البلدين في حال عدم احتواء الواقعة. ورغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتذر إلى نظيره الأذربيجاني إلهام علييف حينها، أساءت الواقعة إلى العلاقات بين البلدين. وغاب علييف عن احتفالات ذكرى مرور 80 عاماً على النصر على ألمانيا النازية في الساحة الحمراء بموسكو في 9 مايو/ أيار الماضي.
يقرّ عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية، بوغدان بيزبالكو، بأن الخلافات بين موسكو وباكو تؤثر على أوضاع أبناء الجالية الأذربيجانية في روسيا، ويطالب بإجراء تحقيق موضوعي في الواقعة حتى إذا كان ذلك صعباً في ظروف التجاذبات السائدة، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا شك في أن الخلاف بين موسكو وباكو أثّر سلباً على أوضاع الجالية الأذربيجانية في روسيا، وزاد حدة التباينات رصد ارتكاب سكان من أصل أذربيجاني مخالفات قانونية في روسيا. ورغم ذلك لم تسجل حتى الآن إلا حالة واحدة لسحب الجنسية الروسية من مواطن أذربيجاني الأصل، كما أفرج عن الموقوفين بعدما أدلوا بشهاداتهم".

ويعلّق بيزبالكوعلى واقعة وفاة الشقيقين صفاروف بالقول: "تتطلب هذه الحوادث إجراء تحقيق موضوعي وغير متحيّز، في حين لا يمكن استبعاد احتمال ضلوع الشقيقين في جرائم، لكن روسيا وأذربيجان لا تتعاملان بموضوعية مع الواقعة، باعتبار أن موسكو تصنّف الشقيقين بأنهما مجرمان في حين تمجدهما أذربيجان".
ويعتبر كبير الباحثين بمعهد علم الاجتماع التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أندريه أندرييف، أن أزمة المغتربين الأذربيجانيين لم تكن في الأساس ذات أبعاد سياسية، في حين يؤكد وجود ظاهرة العصابات الإثنية في مختلف الدول وبينها روسيا. ويقول لـ"العربي الجديد": "شئنا أم أبينا، ظاهرة العصابات العرقية قائمة في روسيا ودول أخرى مثل فرنسا التي تحتضن بعض مدنها مثل مارسيليا جيوباً إثنية. صحيح أن هؤلاء لا يشكلون غالبية، لكنهم يلحقون ضرراً بوضع جميع أبناء جالياتهم. ويلاحق القانون في روسيا من يشغل مرتبة عالية في هرم العصابات، وهذا أمر ضروري لمكافحة قيادات الجريمة المنظمة الذين يسبّبون أذى كبيراً من دون أن ينفذوا أعمال قتل أو سرقة بأيديهم".

وفي شأن تأثير التوتر الراهن على وضع الروس والأذربيجانيين العاديين، يقول: "لم يتعرض أذربيجانيون بسطاء لمضايقات في روسيا، وهم يواصلون أعمالهم، ومنها في تجارة الخضار على سبيل المثال. في المقابل تنفذ أذربيجان إجراءات قد تضيّق على السياح والصحافيين".
وأوقفت باكو في 30 يونيو موظفَين في مكتب وكالة سبوتنيك أذربيجان الروسية قالت إنهما عنصران في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وكانت باكو قررت وقف عمل "سبوتنيك أذربيجان" في فبراير/ شباط الماضي من أجل تحقيق تكافؤ في نشاط الإعلام الحكومي الأذربيجاني في الخارج، لكن الوكالة واصلت عملها.
وجاء ذلك غداة اتخاذ محكمة يكاترينبورغ الروسية قرار اعتقال متهمين في قضية تشكيل "عصابة عرقية"، من بينهم الشقيقان صفاروف اللذان سُجنا بتهمة "التآمر للقتل" بموجب المادة 105 من القانون الجنائي الروسي. وتشير بيانات التحقيق إلى أن الشقيقين اتهما بتنفيذ محاولات قتل في أعوام 2001 و2010 و2011، لكنهما توفيا في ظروف غامضة قبل استكمال التحقيقات.

ورداً على ذلك، نددت وزارة الخارجية الأذربيجانية في بيان بـ"الاعتداءات" على مواطني الجمهورية في يكاترينبورغ، وهو ما ردت عليه الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بالقول إنّ "المعتقلين يحملان أيضاً الجنسية الروسية" مشددة على أنّ الاعتقالات والمداهمات حصلت في إطار التحقيقات في جرائم "بالغة الخطورة".
من جهتها، ألغت وزارة الثقافة الأذربيجانية كل الفعاليات التي تنظمها المؤسسات الروسية، وبينها الحفلات والمهرجانات والمعارض. وتراجع الوفد الأذربيجاني عن المشاركة في اجتماع لجنة التعاون مع البرلمان الروسي. وعزا البرلمان الأذربيجاني القرار إلى استيائه من الأحداث في يكاترينبورغ، ووصف أعمال أجهزة الأمن الروسية بأنها "استعراضية ومقصودة وتعسفية". لكنّ الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف اعتبر أن أعمال الجهات الأمنية لا ينبغي أن تشكل ذريعة لتحركات دبلوماسية، مؤكداً أنّ "روسيا معنية بتعزيز العلاقات الطيبة مع أذربيجان". 

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية