
أعلنت سناء عبد الجواد، زوجة القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي، نقله إلى المستشفى، نتيجة تدهور حالته الصحية بسبب الإضراب عن الطعام الذي يخوضه في السجن مع آخرين، احتجاجًا على الانتهاكات التي يتعرضون لها في سجن بدر 3.
وكتبت عبد الجواد، عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، اليوم الأربعاء: "علمنا أن زوجي محمد البلتاجي ساءت حالته الصحية نتيجة إضرابه عن الطعام، وتم نقله إلى المستشفى، هو يعاني من عدة أمراض وظروفه الصحية لا تتحمل هذا الإضراب، غير أنه الآن أصبح من كبار السن بعد سنوات طويلة من الحبس الانفرادي وعدم وجود أي رعاية طبية، وعدم خروجه من الزنزانة مطلقاً منذ سنوات عديدة. فإلى متى سيستمر هذا الظلم والتنكيل الذي دفعه ودفعهم للدخول في هذا الإضراب؟ غيبتوهم عنا وعن الحياة كلها 13 سنة في أقسى ظروف حبس لا يتحملها بشر.. نحملكم المسؤولية الكاملة عن صحته وسلامته.. كفاكم ظلم وتنكيل بالشرفاء الذين ما رأت منهم البلد إلا كل إخلاص وتضحية".
واكتشف محامون ومنظمات حقوقية مصرية وقائع صادمة ومروعة خلال جلسات محكمة الجنايات في سجن بدر خلال شهر يوليو/ تموز 2025، لمأساة إنسانية يتعرض لها السجناء السياسيون في سجن بدر 3، والتي دفعت بعضهم إلى محاولة الانتحار، ودفعت آخرين إلىى الإضراب الكلي عن الطعام احتجاجًا على تردي الأوضاع الإنسانية.
وفي 12 يوليو/تموز، أفاد عدد من المحامين الذين حضروا جلسات ذلك اليوم، بمحاولة السجين محمد أنيس محمد الشريف قطع شرايين يديه داخل قفص المحكمة، في مشهد يعكس حجم الضغوط النفسية القصوى والقاهرة التي يتعرض لها السجناء السياسيون.
وطبقًا لمنظمات ومحامون أيضًا، فإنه في جلسة 5 يوليو/ تموز صرخ السجين السياسي خالد الأزهري، وزير القوى العاملة الأسبق: "إحنا عايشين في قبور... لا نرى شمس ولا نور... وصل بي الأمر وأنا في هذا العمر لقطع شراييني لأني غير قادر أتحمل"، معلنًا محاولته الانتحار وكاشفاً عن جرح بيده.
كذلك، أشار كل من حسن البرنس، الأستاذ الجامعي ونائب محافظ الإسكندرية الأسبق، وأحمد أبو بركة، المحامي والبرلماني السابق، إلى فقدان حاسة السمع لديهما بسبب العزلة الطويلة والصمت التام في الزنازين الانفرادية"، طبقًا للشهادات التي عرضتها المنظمات كذلك، والتي توثق ما وصفته بـ"الأضرار الجسدية والنفسية البالغة الناجمة عن الحرمان الممنهج من الرعاية الطبية والزيارات العائلية والقانونية". كذلك، أكد سجناء سياسيون آخرون وجود محاولات انتحار متكررة بين السجناء احتجاجاً على الظروف المميتة التي يُجبرون على العيش فيها.
ووُلِدَ محمد محمد إبراهيم البلتاجي عام 1963 بمدينة كفر الدوار في البحيرة، وتعرّف إلى جماعة الإخوان المسلمين خلال المرحلة الثانوية بالإسكندرية سنة 1977. التحق بكلية طبّ الأزهر، وتولّى رئاسة اتحاد طلاب الكلية ثم الجامعة (1985-1987). بعد تخرّجه، عمل طبيب أنف وأذن وحنجرة، وحصل على الماجستير 1993 ثم الدكتوراه 2001، لِيُعيَّن لاحقًا مدرسًا بكلية طبّ الأزهر، وظلّ ناشطًا في القوافل الطبية والخدمات الخيرية داخل الأحياء الفقيرة.
سياسيًّا، انتُخب البلتاجي نائبًا عن دائرة شبرا الخيمة في برلمان 2005، واشتهر بدفاعه عن الحريات واستقلال القضاء وحرية الصحافة. كما شارك في تأسيس "الحملة المصرية ضد التوريث" وحركة "مصريون من أجل انتخابات حرة"، وأشرف على مبادرات دعم غزة، فكان ضمن "أسطول الحرية" عام 2010. وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، أصبح من أبرز وجوه ميدان التحرير، وانتُخب لبرلمان 2012 وعضوية لجنة الدفاع والأمن القومي، كما شارك في الجمعية التأسيسية لصياغة دستور 2012.
وعقب إطاحة الرئيس محمد مرسي، اعتلى البلتاجي منصة اعتصام رابعة العدوية، وقُتلت ابنته أسماء أثناء فض الاعتصام في 14 أغسطس/آب 2013. وتوارى أيامًا قبل أن يُقبَض عليه في أبو النمرس بالجيزة في 29 أغسطس/آب 2013 بتهم "التحريض على العنف والإرهاب"، ليُحال بعدها على سلسلة محاكمات استثنائية ما زالت متواصلة.
وبين 2014 و2021 صدرت بحقه أحكام متوالية: السجن المؤبد في قضية "اقتحام الحدود الشرقية"، وأحكام الإعدام الجماعية في قضية فضّ رابعة (سبتمبر/أيلول 2018) التي أيدتها محكمة النقض في يونيو/حزيران 2021. تشير إحصاءات قضائية إلى أن مجموع العقوبات الصادرة وصل إلى 219 سنة حبسًا وأحكام إعدام في 12 قضية، وسط إدانة منظمات حقوقية لغياب معايير المحاكمة العادلة وانتزاع الاعترافات.
وقضى البلتاجي سنوات في حبسٍ انفرادي بطرة، ثم نُقل منتصف 2022 إلى سجن بدر 3 حيث تُحظر الزيارات ويُراقَب السجناء بالكاميرات على مدار الساعة. في 20 يونيو/حزيران 2024، شارك في إضراب مفتوح عن الطعام رفضًا للعزل الطبي والحرمان من التريض والعلاج، ومؤخرًا حذرت منظمات دولية ومحلية من "موجة انتحارات" داخل السجن. وأفادت تقارير حقوقية في الفترة من إبريل/نيسان ويوليو/تموز 2025 استمرار عزله وازدياد تدهور حالته الصحية، بينما يُبقيه النظام خلف القضبان حتى اليوم.
