
أهلي
إلى جانب تداعيات الحرب والحصار الممتد لعشر سنوات، يواجه سكّان مدينة تعز أزمة مياه خانقة زادت حدّتها مع حلول فصل الصيف وندرة الأمطار، وسط عجز السلطات المحلية، وضعف التدخلات الإنسانية في قطاع المياه والإصحاح البيئي.
ورغم حفر عدد من الآبار إلا أنها لم تلبّي حاجة السكّان من المياه، خصوصًا وأن بعض الآبار القديمة قد جفّت أو تراجع منسوبها، فيما تتركّز معظمها في محيط مدينة تعز، وخصوصًا في المنطقة الشمالية الشرقية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب والتي تتهم بفرض حصار مائي على سكّان المدينة.
في حوار مصوّر مع “بران برس”، تحدث مدير مؤسسة المياه والصرف والصحي بتعز، المهندس وثيق الأغبري، عن تفاصيل أزمة المياه التي تشهدها مدينة تعز، وأسباب هذه الأزمة، وسياقاتها، والجهود الجارية لمواجهتها.
واستعرض المهندس الأغبري، أبرز الحلول الطارئة والاستراتيجية لمعالجة هذه الأزمة، وأبرز التحديات التي تقف أمام توفير المياه الكافية والدائمة لأبناء مدينة تعز.
ومن ضمن الحلول الجارية، كشف "الأغبري"، عن جهود لحفر آبار مياه جديدة، منوهًا إلى أن من شأن هذه الخطوة تخفيف أزمة المياه في مدينة تعز لكنها لن تنهيها، مشيرًا إلى الحل الجذري يكمن في تحلية مياه البحر.
نص الحوار:
** أهلًا وسهلًا مهندس وثيق الأغبري، حدثنا عن أزمة المياه المستفحلة حاليًا في تعز وما هي أسبابها؟
أهلًا وسهلًا، تشرفنا بكم، طبعًا مدينه تعز تعاني من أزمه المياه منذ عقود سابقة ليست أزمة المياه وليدة اليوم. عاشت المدينة أزمة مياه شديدة خلال الفترة الماضية؛ نتيجة توقف وانقطاع المياه من الحقول الرئيسية التي كانت تعتمد عليها في السابق.
منذ العام 2015، مع بداية الحرب، توقفت جميع المصادر المائية في عدد 80 بئر موزعة على أربع حقول رئيسيه، كانت الطاقة الانتاجية لهذه الحقول 20 مليون لتر يوميًا.
اليوم مدينة تعز، ومنذ عام 2015، تعمل على حقل إسعافي واحد داخل المدينة. ولم يتجاوز عدد الآبار حتى 2025 بعد تدخل عدة منظمات بحفر آبار جديدة قرابة 29 بئر بطاقة إنتاجية 3200 متر مكعب ما يعادل 3200000 لتر يوميًا.
زادت الأزمة خلال هذه الأيام، وخاصة نحن الآن في فصل الصيف الذي يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه.
كذلك أزمة المياه تكمن بسبب جفاف الآبار السطحية في منطقة الضباب، والتي تعتمد على التغذية الموسمية من الأمطار والسيول المتدفقة، وكانت تزود صهاريج المياه في المنطقة. لكن هذه السنة شحة الأمطار تسببت في جفاف هذه الآبار ودخول المدينة في أزمة مياه حادة.
** هناك من يقول أن أزمة المياه سببها أزمة إدارة وهدر للموارد ما صحة هذا؟
قد يكون هناك قصور فني وإداري لكن السبب الرئيس للأزمة هو انقطاع مصادر المياه بشكل أساسي. منذ أن تولينا مؤسسة المياه نعمل مع فريقنا الفني على زيادة الطاقة الإنتاجية من خلال استمرارية التشغيل في الآبار.
كان يتم تشغيل الآبار عبر المنظومات الشمسية 6 إلى 7 ساعات يوميًا، واضطررنا الآن إلى تشغيل الآبار لمدة 16 ساعة في اليوم. صحيح يتم استهلاك كميات من الوقود لكن نحن في وضع حرج يستدعي تشغيل آبار باستمرار لزيادة الطاقة الإنتاجية.
حاليًا نعمل على إعادة تشغيل الآبار المتوقفة، كانت لدينا ثلاثة آبار متوقفة في مديرية المظفر بير مدينة النور، ويتم الإعداد لإعادة تشغيلها لخدمة المنطقة، وكذلك نعمل على إعادة تشغيل آبار حذران الضباب.
خلال هذا الأسبوع سيتم إعادة تشغيل ثلاثة آبار بطاقة إنتاجية تصل إلى مليون و500 ألف لتر يوميًا، وهناك حلول مستدامة من خلال حفر مشروع الشيخ زايد بن سلطان في الجزء الجنوبي الغربي لمدينة تعز، والمتمثل في منطقة الضباب طالوق وادي علي، نعمل حاليًا على استئناف العمل في المنطقة،
وهذا الحقل سيزود المدينة والمنطقة نفسها بشكل أساسي بكميات كبيرة من المياه، لكنها ستخفف الأزمة ولن تنهيها جذريًا. من خلال التجارب السابقة، وتجاربنا الحالية، حفر الآبار ليس حلول مستدامة أو نهائية، والحل الأمثل لمشكلة المياه في مدينة تعز هو تحلية مياه البحر، إضافة إلى حصاد مياه الأمطار.
** على ذكر حقول آبار الحيمة.. ما هي مستجدات المفاوضات بينكم واليونيسف وجماعة الحوثي لتشغيل هذه الآبار؟
هناك اتفاقية وقعت الأسبوع الماضي مع مؤسسة المياه في الحوبان وبرعاية المنسق الإنساني ومنظمة اليونيسف. هناك مصفوفة مشاريع، ومنها إعادة ضخ المياه من الحيمة وحبير والحوبان، وكذلك من حقل الحوجلة والعامرة إلى خزانات المؤسسة، وسيتم توزيعها عاجلًا. وُقعت الاتفاقية لكننا منتظرون من الجهة المانحة (اليونيسف) البدء بالتنفيذ.
** ما الجهات التي تساندكم للتخفيف من أزمة المياه في تعز؟
هناك عدة جهات ومنظمات منها من يدعم المؤسسة بالوقود لتشغيل الآبار باستمرار كمنظمة اليونوبس، التي تدعمنا بقرابة 50 ألف لتر ديزل شهريًا، وهناك رجال أعمال يقومون بدعم المؤسسة بين الحين والآخر سواء بقطع الغيار أو مادة الديزل أو بتدخلات أخرى.
هناك بعض القطاعات الخاصة والجمعيات الخيرية كانت خلال الفترة السابقة تقوم بتوزيع المياه عبر نقاط السبيل في أغلب الحارات، وهذا يساهم في التخفيف من الضغط الكبير على المؤسسة.
أيضًا دور السلطة المحلية كجهة إشرافية، وكدعم الجوانب الفنية، والمديريات تدعم هذا الجانب من خلال الصيانات الفنية وخاصة صيانة الآبار والصرف الصحي.
** هناك 10 آبار جرى حفرها بتمويل كويتي هل تم تسليمها للمؤسسة، وما مدى الاستفادة منها؟
خلال السنوات الماضية وخاصة في عامي 2021 و2022 تم حفر مجموعة آبار بدعم من الكويت الشقيق عبر منظمات محلية منها: مؤسسة استجابة وجمعية الحكمة وغطاء الرحمة وينابيع الخير.
هذه الآبار هي التي تخفف من أزمة المياه حاليًا.
الآبار السابقة التي كانت في الحقل الاستيعابي تضخ للمدينة تم حفرها في التسعينات، وأغلبها جفّت وهبطت المناسيب، ونعتمد حاليًا كليًا على الآبار التي قدمتها الكويت لأبناء مدينه تعز.
** كم عدد آبار حقول الحيمة؟
عدد الآبار التي كانت تغطي مدينه تعز من الحقول ما يقارب 80 بئر موزعة على حقل الحوجلة والعامرة 19 بئر، حقل المدينة 29 بئر، حقل الضباب قرابة 9 آبار، حقل الحيمة وحبير 30/31 بئر، والطاقة الإنتاجية لهذه الآبار كانت 20 مليون لتر يوميًا من جميع الحقول.
** ما الحلول التي تم وضعها لحل أزمة المياه في تعز على المدى القريب أو المتوسط على الأقل؟
على المدى القريب هناك زيادة في سعة التشغيل للحصول على إنتاجية أكثر، التوزيع العادل للأحياء، مراقبة توزيع المياه وتشغيل الآبار، إعادة تشغيل أبار كانت متوقفة سابقًا ودخول آبار جديدة في الخدمة.
** كيف سيواجه مدير مؤسسة المياه لوبيات الفساد- إن وجدت- وهل هناك ملفات فساد بدأتم في مكافحتها؟
حاليًا المؤسسة وطاقمها الإداري والفني، نعمل كفريق واحد. وسيتم معاقبة كل من يقصر في عمله. بدأنا بإجراء تغييرات إدارية، ومن يقصر في عمله سيتم تغييره.
** ما الصعوبات والعوائق التي تواجه عملكم في المؤسسة؟
هناك عدة صعوبات، أولًا الصعوبات الفنية والمتمثلة في مصادر المياه وشحة المياه، وصعوبات إدارية وتتمثل في توقف الإيرادات المالية التي كانت تحصل عليها المؤسسة. الآن موظفي المؤسسة لهم قرابة 12 شهر بدون مرتبات؛ لعدم وجود ميزانية تشغيلية للمؤسسة.
كما يعرف الجميع بأنها مؤسسة خدمية تقدم خدمة المياه والصرف الصحي، لكن الفرق الميدانية بحاجة إلى ميزانية تشغيلية. المؤسسة تفتقر إلى أبسط الأشياء. حاليًا، مخازن المؤسسة لا يوجد فيها أي مواد لمعالجة المشاكل الطارئة التي تحصل في الميدان.
** ما سبب أزمة مياه الشرب وهل هي مفتعلة؟
هناك ضجة كبيرة حول أزمة مياه الشرب خلال الأيام الماضية، ومن وجهة نظري جزء من الأزمة مفتعل والجزء الآخر نتيجة شحة الآبار وجفافها في منطقة الضباب.
لكن المؤسسة حاليًا قامت بتزويد محطات التحلية بأكثر من 500 ألف لتر يوميًا بل وصل إلى مليون لتر يوميًا لمحطات التحلية. وأتمنى من بقية الجهات الرسمية المتابعة والرقابة على محطات التحلية.
** هل يمكنك تسمية هذه الجهات؟
مكتب الصناعة والتجارة، مكتب الهيئة العامة للموارد المائية كون محطات الكوثر لها ارتباط كبير بالهيئة العامة للموارد المائية. الجهات الأمنية الكل في الوقت الحالي.
محطات التحلية أن يتقوا الله في المواطنين في هذا الوقت، لا بد الجميع أن ينهض ويساعد المدينة، المدينة تعيش أزمة مياه حادة.
** كلمة أخيرة أو رسائل تود توجيهها؟
هناك عدّة رسائل أود أن أوجهها. أولًا إلى السلطة المحلية بالوقوف إلى جانب المؤسسة في الوقت الحرج، ودعمها بالمتطلبات، خاصة الميدانية لأن المؤسسة خدمية ملامسة للمواطن بشكل يومي. نتمنى من السلطة المحلية دعم المؤسسة بموازنة تشغيلية شهرية لتتمكن من مواصلة عملها.
رسالة أخرى إلى المواطنين الحفاظ على قطرة الماء التي تصل إليكم؛ لأن هناك تبذير. في أغلب الأوقات يتم ضخ المياه إلى بعض الحارات، وهناك تقصير من المواطنين وتبذير بالمياه. الوقت الحالي وقت حرج لا بد أن نستغل كل قطرة ماء والحفاظ عليه.
الرسالة الأخيرة إلى الجمعيات ورجال الأعمال دعمهم للمؤسسة من خلال تعزيز مصادر مياه جديده لمواجهة هذه الأزمة.