
تشهد المناطق الريفية في ريف محافظة تعز موجة جفاف غير مسبوقة، تهدد بإتلاف محاصيل المزارعين، خصوصاً الذرة الرفيعة، وسط مخاوف من استمرار الجفاف وهلاك الثمار قبل نضوجها وحصادها، على عكس ما كان عليه الحال في الأعوام الماضية التي كانت أكثر استقرارًا مناخيًا.
ويبدأ موسم زراعة الذرة الرفيعة في تعز خلال النصف الثاني من مايو، بينما تُزرع الأصناف المبكرة في النصف الأول من يونيو، ومع انطلاق الموسم الزراعي لهذا العام، شهدت معظم المناطق انقطاعًا شبه كلي في هطول الأمطار، ما أدى إلى جفاف الأرض، واضطرار بعض المزارعين إلى إعادة نثر البذور مرة أخرى.
مواضيع مقترحة
-
اليمن تواجه موجة جفاف تفاقم تحديات الأمن الغذائي
-
مأرب.. نضوب مياه وادي حريب يهدد معيشة المزارعين
-
الجفاف في الضالع.. ظاهرة مناخية تهدد البيئة والإنسان
يقول المزارع عبد القوي عبد الحميد (41 عامًا) لمنصة “ريف اليمن”، إن الزراعة الصيفية في ريف تعز تعتمد بشكل كلي على مياه الأمطار لغياب البدائل، وإن أي تأخر في موسم الأمطار يؤدي إلى تأخير الزراعة، بل وربما فشلها.
ويضيف: “أحيانًا يبدأ الموسم بأمطار جيدة تدفعنا للحراثة والزراعة، ثم ينقطع المطر فجأة وتجف التربة، ما يؤدي إلى موت الزرع، وهذا ما حدث لنا خلال الأعوام الماضية وهذا العام أيضا”.
لافتا أن الموسم الحالي تأثر كثيرا نتيجة لانقطاع الأمطار، مؤكدًا أنهم لم يشهدوا انقطاعًا للأمطار بهذا الشكل من قبل، ويختتم حديثه بالتأكيد على أن الزراعة باتت هالكة إلى حد كبير وقد تنتهي تاما هذا الموسم.
تدهور خطير
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) قد حذرت من تدهور خطير ووشيك في الإنتاج الزراعي باليمن خلال موسم الصيف 2025. تُعزى هذه التوقعات إلى تغيرات مناخية غير اعتيادية قد تُنذر بكارثة زراعية، وتزيد من حدة أزمة الأمن الغذائي في البلاد.
انقطاع الأمطار مع بدء الزراعة أدى إلى تلف البذور في التربة، وهي خسائر لم يعد المزارع يملك القدرة على تحملها
وتوقعت الفاو أن تشهد أشهر الصيف، وتحديداً يونيو ويوليو 2025، استمرارًا في ارتفاع درجات الحرارة فوق المعدلات الطبيعية في معظم أنحاء البلاد، مع ضعف محتمل في كميات الأمطار، وارتفاع خطر الجفاف، خاصة في المرتفعات الجنوبية والغربية.
المزارع محمد طاهر (35 عامًا) أوضح أن تأخر الأمطار أثر على المواطنين من كل النواحي، لافتا أن الكثير من المزارعين باتوا يلجؤون إلى الاقتراض للزراعة، ليجدوا أنفسهم دون أي حصاد، خاصة في هذا الموسم الجاري، بعض المناطق الريفية لم تتمكن من الزراعة على الإطلاق بسبب نقص المال.
وقال طاهر لمنصة ريف اليمن”، انقطاع الأمطار بعد بدء الزراعة يؤدي إلى تلف البذور المدفونة تحت التربة، مما يجبر المزارعين على إعادة الزراعة، وهي خسائر لم يعد المزارع يملك القدرة على تحملها أو توفيرها.
ويربط المهندس الزراعي ياسين العبسي بين تأخر الأمطار بالتغيرات المناخية التي باتت تؤثر بشكل مباشر على مواعيد هطول الأمطار وكميتها، وقال في تصريح لمنصة ريف اليمن “المزارعون وضعوا بذورهم في مواعيدها المعتادة، لكن تأخر الأمطار جعلهم يتكبدون خسائر كبيرة، كما أن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وأجور الحراثة زاد من معاناة المزارعين”.
مقترحات لتخفيف الآثار
ويرى ياسين أنه يمكن التغلب على التحديات الراهنة وتأثيرات التغير المناخي من خلال عدة نقاط رئيسية أبرزها تطبيق الزراعة الذكية والتكيف مع المناخ، وذلك بإدخال أصناف نباتية مبكرة النضج وتتحمل الجفاف.
بالإضافة لإنشاء سدود لمياه الأمطار لضمان توفر المياه وري المحاصيل بالإضافة إلى الزراعة بدون حرث مكثف، وتجنب حرث الأرض مرتين أو ثلاث مرات، إذ يتسبب ذلك في القضاء على الرطوبة ويؤدي إلى جفاف التربة، وفقا للمهندس ياسين.
التغير المناخي لعب دورًا واضحًا في تأخر نزول الأمطار وتقلص حجم الإنتاج الزراعي ما يتطلب تدخلاً حكوميًا عاجلاً لمساعدة المزارعين
ويقترح زراعة المحاصيل البقولية التحميلية مع الذرة لتحسين خصوبة التربة والاستفادة القصوى من المساحة، وتغطية سطح التربة بمحاصيل مفترشة للحد من عملية تبخر المياه، وتحسين خواص التربة من خلال استخدام السماد البلدي المتخمر.
في السياق يؤكد المختص الاقتصادي وفيق صالح أن تأخر موسم الأمطار له تأثيرات سلبية واضحة على الإنتاج الزراعي في العديد من المناطق الريفية باليمن، كما هو حاصل خلال الموسم الجاري.
تراجع الانتاج الزراعي
وقال صالح لمنصة ريف اليمن، إن العديد من محاصيل الحبوب الغذائية تعرضت للتلف قبل اكتمال نموها، نتيجة الجفاف وغياب مياه الري، مما يساهم في تراجع إجمالي الإنتاج الزراعي ويحرم المزارعين من مصدر عيشهم الوحيد.
ويضيف:” التغير المناخي لعب دورًا واضحًا في تأخر نزول الأمطار وتقلص حجم الإنتاج الزراعي، عبر تصاعد الجفاف وتجريف المساحات الزراعية، وهذا الوضع يتطلب تدخلاً حكوميًا عاجلاً لمساعدة المزارعين وتجنب وقوعهم في فخ الخسائر الفادحة.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن اليمن يواجه تحديات متصاعدة ناجمة عن التغير المناخي، أبرزها شح المياه، وارتفاع درجات الحرارة، وتكرار الفيضانات وموجات الجفاف، وتتفاقم هذه الظواهر في ظل أزمات ممتدة ناجمة عن سنوات من الصراع وتدهور الخدمات الأساسية.
The post تعز.. الجفاف يهدد محاصيل الذرة الرفيعة first appeared on ريف اليمن.
أخبار ذات صلة.


