
قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط، خالد خياري، إن الاستيطان الإسرائيلي يزيد من ترسيخ الاحتلال وقمع الفلسطينيين. جاء ذلك خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الذي ناقش في اجتماع دوري تنفيذ قراره 2334 الصادر عام 2016. وكان القرار قد طالب بوقف كامل لعمليات الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وسمحت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما آنذاك بتبني القرار ولم تستخدم الفيتو ضده قبل أسابيع قليلة من تولي ترامب لولايته الأولى في يناير/كانون الثاني للعام 2017. كما تطرق خياري كذلك للأوضاع في غزة.
الاستيطان والضفة
لفت المسؤول الأممي الانتباه إلى استمرار الاجتياحات والعمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة، كما توقف عند استمرار هجمات المستوطنين على الفلسطينيين وأراضيهم بما فيها المحاصيل الزراعية وتدميرها. وحول تنفيذ القرار 2334 وتقرير الأمين العام الدوري، قال "لا نزال نشعر بقلق بالغ إزاء التوسع الاستيطاني الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. حيث يساهم هذا التوسع الاستيطاني المتنامي في عنف المستوطنين، ويزيد من ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي، ويعرقل حرية تنقل السكان، ويقوض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير".
وعبر عن قلق الأمم المتحدة البالغ "إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية استئناف تسجيل الأراضي رسميًا في المنطقة (ج)، والخطر الجسيم المتمثل في أن يُسهّل هذا القرار المزيد من التوسع الاستيطاني ويرسخه". وقال إن "هدم ومصادرة المباني المملوكة للفلسطينيين، بما في ذلك المشاريع الإنسانية الممولة دوليًا، ينطوي على انتهاكات عديدة للقانون الدولي، ويثير مخاوف بشأن خطر الترحيل القسري". وعبر كذلك عن قلقه البالغ "إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة فقد أسفرت العمليات العسكرية التي تشنها قوات الأمن الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى، بمن فيهم النساء والأطفال، ونزوح أعداد كبيرة من السكان، وتدمير المنازل والبنية التحتية، لا سيما في مخيمات اللاجئين".
الوضع في غزة
وكان خياري قد استهل إحاطته بالحديث استشهاد أكثر من 56,500 فلسطيني في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من بينهم 1,068 شهيدا منذ 17 يونيو/حزيران، بمعدل 82 شهيدا يوميا. ولفت الانتباه إلى استشهاد ما لا يقل عن 580 فلسطينياً منذ 17 يونيو/حزيران، إما أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات الإنسانية أو أثناء انتظار قوافل المساعدات الأخرى. وتوقف المسؤول الأممي كذلك عند عدد من الحوادث بما فيها قتل الجيش الإسرائيلي "ما لا يقل عن 50 شخصًا وجُرح 200 آخرين في خانيونس عندما أطلقت دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي النار على حشد من الناس كانوا ينتظرون شاحنات أغذية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي. وأضاف "يدين الأمين العام بشدة عمليات القتل والإصابة واسعة النطاق للمدنيين في غزة، بمن فيهم الأطفال والنساء، وتدمير المنازل، والمدارس، والمستشفيات، والمساجد. إن مستوى المعاناة والوحشية في غزة لا يُطاق. إن استمرار العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني أمر لا مبرر له".
كما عبر المسؤول الأممي عن قلق الأمم المتحدة البالغ "إزاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة التي تُحوّل مساحات واسعة إلى مناطق غير صالحة للسكن. نرفض التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، والذي يُشكّل خرقًا لالتزامات القانون الدولي". ونعى خياري موظفي الأمم المتحدة الذين استشهدوا في غزة، ودان بشدة قتل العاملين في المجالين الصحي والإنساني والصحافيين.
وأشار إلى أنه وبعد مرور "ما يقرب من 80 يومًا من منع إسرائيل دخول جميع الإمدادات الإنسانية والتجارية إلى غزة، بدأت الإمدادات تدخل غزة بمستويات غير كافية على الإطلاق، لا تُلبّي الاحتياجات الهائلة للسكان". ودعا إسرائيل إلى "الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والسماح بمرور الإغاثة الإنسانية بسرعة ودون عوائق إلى المدنيين المحتاجين". ودان بشدة "فقدان الأرواح والإصابات التي طاولت الفلسطينيين الذين يسعون للحصول على المساعدة في غزة، وندعو إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل في هذه الأحداث ومحاسبة الجناة". وشدد على أن الأمم المتحدة لن تشارك في أي شكل من أشكال تقديم المساعدات لا يتوافق مع المبادئ الإنسانية الأساسية التي تشمل النزاهة والاستقلال والحياد.
من جهته، تحدث نائب السفير الفلسطيني للأمم المتحدة، ماجد بامية، عن استمرار الانتهاكات والإبادة في غزة وإدانة المجتمع الدولي لها، في ظل غياب المساءلة ما يمكن الاحتلال من الاستمرار بها. وقال بامية "إن عمليات القتل مستمرة وما من أمر يمكن أن يبرر الإبادة. أمامنا تهديد وجودي... الأفق الوحيد أمام الفلسطينيين هو القمع والموت والبعض يشكك في حقنا في الوجود لتبرير عملياته؟ والبعض يتعامل معنا كأشياء عابرة يمكن التخلص منها". وتحدث عن نزع الإنسانية وشيطنة الفلسطينيين في الوقت الذي يتم فيه قتلهم وإبادتهم. وأضاف "كل يوم يقتل مئة مدني فلسطيني في الخيم وتحت المعاناة من العطش والجوع ... وتستخدم المعونات لتعذيب شعبنا وحصارهم في ستة عشر بالمئة من قطاع غزة. كان القطاع المنطقة الأكثر اكتظاظا في العالم واليوم يتم حشر سكانه في ستة عشر بالمئة من مساحته". وتحدث عن حق الفلسطينيين بدولة مستقلة وتقرير المصير. وتابع أن "الخيارات التي يقترحها هؤلاء الذين لا يريدون إقامة دولة فلسطينية هي إما الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي أو الأبارتهايد أو مزيج من الخيارات الثلاثة". وأشار إلى الخارطة التي رفعها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة رفيعة المستوى العام الماضي والتي لم تظهر فيها أي أراضي فلسطينية محتلة. ولفت كذلك إلى احتجاز إسرائيل لأكثر من 2.3 مليار دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية. كما تطرق لطلب الجانب الفلسطيني بنشر قوات إقليمية ودولية لحماية الشعب الفلسطيني، ولكن دون أي استجابة. وتابع الدبلوماسي الفلسطيني الحديث عن النضال السلمي الفلسطيني وكيف أن إسرائيل قابلته بعنف مستمر.
من جهتها، رأت الولايات المتحدة وفي مداخلة ممثلها بالإنابة، جون كيلي، أن قرار مجلس الأمن 2334 (2016) لا يساهم في حل القضايا العالقة ولا يأخذ بعين الاعتبار "الوقائع التاريخية" وأن القدس هي "عاصمة إسرائيل" ولا يأخذ بعين الاعتبار هجمات السابع من أكتوبر. وحملت الولايات المتحدة المسؤولية للفلسطينيين، وعلى رأسهم حماس، لما يحدث من انتهاكات ضدهم. وطالبت بإدراج حماس كمنظمة إرهابية على قائمة مجلس الأمن الدولي.
إلى ذلك، قال نائب الممثل الدائم الجزائري، توفيق الكودري، إن الاحتلال الإسرائيلي يتجاهل قرارات مجلس الأمن، ومن بينها القرار 2334 (2016)، مما يحولها إلى "أرشيف النسيان". وتوقف مطولا عند أرقام واحصائيات الشهداء من الفلسطينيين مشددا على أنها ليست مجرد إحصائيات فخلفها حيوات وأرواح وأحلام. وتساءل "من يصدق أن هؤلاء يشكلون خطرا على الأمن الإسرائيلي؟ أي عقيدة تبيح قتل الأطفال والرضع؟". وتحدث عن حرب التجويع ومصائد الموت التي تسمّى "مراكز توزيع الغذاء" (الأميركية الإسرائيلية ولا علاقة للأمم المتحدة بها)، مستنكرا تحويل فلسطين إلى "مقبرة مفتوحة ومجلس الأمن صامت فإما أن تحمى الشرعية الدولية أو أن يعلن موتها رسميا". وتوقف مطولا كذلك عند الوضع في الضفة الغربية و"محاولة دفن الرواية الفلسطينية ومسح الذاكرة وتدمير بيوت الفلسطينيين وامتداد شبح الاستيطان، بما فيها سن قوانين تهدف إلى مسح وجود الشعب الفلسطيني ومصادرة الأراضي إضافة إلى محاولة مستمرة لمسح وكالة أونروا التي تشكل الشاهد الحي على نكبة الفلسطينيين".
