
صعّد المستوطنون وجيش الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة الاعتداءات الاستيطانية في مناطق متفرقة من مسافر يطا جنوبي الخليل، جنوبي الضفة الغربية، منذ ساعات صباح أمس الأحد حتى اليوم الاثنين، عبر تنفيذ سلسلة هجمات ممنهجة شملت اقتحام تجمعات بدوية، ومساكن للفلسطينيين الذين تعرّضوا للضرب والتنكيل، إضافة إلى الاستيلاء على أراض خاصّة للسكّان، وتوسيع بؤرة استيطانية، وإعلان أخرى منطقة عسكرية مغلقة، في إطار محاولات حثيثة لفرض وقائع استيطانية جديدة، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وضمن سياق الاعتداءات، أقدم مستوطنون من مستوطنة "أفيجال" صباح اليوم، على تخريب سياج يحيط بأرض تعود للفلسطيني سعيد العمور في خربة الركيز بمنطقة مسافر يطا، قبل أن يُدخلوا مواشيهم بين الأشجار المزروعة، ما ألحق أضراراً بمئات الأشجار والمزروعات. وفي أعقاب الحادثة، وبعد اعتراض أصحاب الأراضي على المستوطنين، أعلن جيش الاحتلال المنطقة "عسكرية مغلقة"، ومنع الفلسطينيين من دخول أراضيهم لمدة 24 ساعة، رغم أن القانون العسكري ذاته ينص على منع دخول جميع الأطراف، بما يشمل المستوطنين. إلا أن سلطات الاحتلال تسمح فعلياً للمستوطنين بالوجود داخل هذه المناطق، فيما تُمنع العائلات الفلسطينية من الوصول إلى أراضيها، ما يُعد استخداماً للقرار العسكري غطاء قانونياً لتوسيع الاستيطان أو التمهيد لتهجير السكان، كما جرى في منطقة خلة الضبع أخيراً، بحسب ما يقول الناشط ضدّ الاستيطان أسامة مخامرة.
وفي انتهاك آخر، يقول مخامرة في حديث مع "العربي الجديد"، إن "مستوطني مستوطنة سوسيا كسروا أكثر من 150 شتلة زيتون تعود للمواطن محمد مخامرة في منطقة إغزيوه المحاذية لقرية سوسيا، كما ألحقوا أضراراً بسياج الأرض، تزامناً مع حفريات واسعة ينفذها المستوطنون في منطقة واد الجوايا غربي مسافر يطا على أراضٍ مصنفة خاصة بحسب قرار محكمة إسرائيلية صادر عام 2008، بعد مرافعات قانونية قدمتها المحامية قمر مشرقي، نيابةً عن أهالي المنطقة".
وبحسب مخامرة الذي يسكن المنطقة، فقد بدأت الحفريات يوم أمس، على مئات الأمتار، ووصلت اليوم إلى مساحة تجاوزت 10 دونمات، ضمن خطة أوسع تستهدف نحو 300 دونم تعود ملكيتها لعائلة الشواهين في واد الجوايا، وسط خشية أصحاب الأرض من أن تكون هذه الحفريات مقدمة لإقامة بنى استيطانية جديدة في المنطقة، تحت غطاء إداري وأمني من جيش الاحتلال. وتأتي هذه الاعتداءات، استكمالاً لما جرى أمس من تصعيد، إذ تستمر أعمال الحفر والتوسعة الاستيطانية في منطقة وادي ماعين في مسافر يطا من قبل جرّافات الاحتلال العسكرية، بعد أن أعلن الجيش الاستيلاء على ثلاثة دونمات من أراضي المواطنين، بذريعة عنوانها "أمر ضروري لأغراض عسكرية".
ويلفت مخامرة إلى أنّ الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها كانت تُعتبر طريقاً كان يسلكه السكّان قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكنه أغلق منذ ذلك الحين، وتفاجأ المواطنون بأن جيش الاحتلال أعلن عن صدور قرار "وضع اليد على أراضي المواطنين"، ما يعني إغلاق شارع حيوي كان يخدم القرى والتجمعات الفلسطينية، وتحويله بشكل خاص لصالح مستوطنة "أفيجال" والبؤر الاستيطانية المحيطة بتجمّع شعب البطم الذي جرى فصله بالكامل عن التجمعات الفلسطينية الأخرى.
وينصّ القرار على توسيع طريق دون توضيح طبيعة الاستخدام، في حين يُمنح أصحاب الأراضي مهلة لا تتجاوز سبعة أيام لتقديم اعتراضات أمام مديرية التنسيق والارتباط في الخليل، فيما يؤكد مخامرة أن الإجراءات في الاعتراض على قرارات الاحتلال لم تعد مجدية أبداً، لأن سلطات الاحتلال لا تقبل من الفلسطينيين تقديم الاعتراض. ويشير مخامرة إلى وقوع سلسلة اعتداءات من المستوطنين منذ ساعات صباح أمس، تمثّلت باقتحامهم خلة الضبع بلباس الجيش، ومهاجمة منازل الفلسطينيين، والاعتداء على النساء والأطفال وكبار السن بالضرب والتنكيل والتكبيل، ما أسفر عن إصابة المسن علي الدبابسة (85 عاماً) الذي أُغمي عليه، ونُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
كما هدمت قوات الاحتلال خيمتين في القرية، تنفيذاً لسياسة التهجير القسري المستمرّة بحقّ خلّة الضبع التي سبق أن تعرّضت للهدم الكامل في الخامس من الشهر الماضي، والحادي عشر من الشهر الحالي. أما في خربة أم الخير، يوضح مخامرة أن المستوطنين اقتحموا الخربة نحو ست ساعات في منتصف النهار، ونفّذوا أعمال توسعة استيطانية من الناحية الغربية لمستوطنة "كرمئيل" المقامة على أراضي الفلسطينيين، إذ نقلوا السياج المحيط بالمستوطنة ليستولي على مئات الأمتار من أراضي الفلسطينيين، الذين خرجوا للدفاع عن أرضهم، لكن واجهتهم قنابل قوات الاحتلال الصوتية والغاز المسيّل للدموع. ووفق مخامرة، فإن أعمال توسعة سياج المستوطنة تأتي استكمالاً لإجراءات استيطانية سابقة شملت أعمال حفر وشق طرق خاصة للمستوطنين في الجهة الشرقية من الخربة التي باتت محاصرة في طوق استيطاني.
وخلال هجمات المستوطنين ومحاولات الأهالي التصدي لهم في أم الخير، كانت أعداد المستوطنين تتزايد وسط حماية قوات الاحتلال الذين احتجزوا عدداً من السكان، واعتدى المستوطنون المسلّحون بحماية الجيش على السكّان ما أدى إلى إصابة أربعة بينهم امرأة بجروح ورضوض، كما يقول مخامرة. ويضيف مخامرة: "بعد الهجمات على أم الخير، انتقل المستوطنون إلى شنّ هجومٍ على مساكن الفلسطينيين في قرية سوسيا، ما أسفر عن إصابة الشاب عدي جهاد النواجعة ونقله إلى مستشفى يطا الحكومي لتلقّي العلاج".
وفي خربة الفخيت وشعب البطم، أطلق المستوطنون مواشيهم في بساتين الزيتون، ما ألحق أضراراً واسعة بالأشجار، إذ اقتحم نحو 30 مستوطناً مناطق متفرقة من مسافر يطا وأطلقوا 15 قطيعاً في كل منها نحو 100 رأس، لترعى في أراضي الفلسطينيين وتُتلف محاصيلهم، بما في ذلك محيط مساكنهم، في محاولة واضحة لفرض واقع استيطاني رعوي بالقوة، وعلى حساب الأرض والسكن الفلسطيني. وبحسب مخامرة، عاد المستوطنون بعد ذلك لتنفيذ هجمات على السكان في قرية أم الخير، ونتج عن ذلك إصابة ستة فلسطينيين منذ أمس.

أخبار ذات صلة.
