
ارتبطت الدراما السورية لسنوات بإنتاج الأعمال التاريخية، التي حفرت حضورها في الذاكرة الجماعية للشاشات العربية. وعلى رأس هذه الأعمال برز اسم المخرج الراحل حاتم علي، الذي قدّم أعمالاً أصبحت علامات درامية فارقة مثل الزير سالم، وثلاثية الأندلس، وصلاح الدين الأيوبي. ورغم أن الدراما التاريخية لم تقتصر على حاتم علي، إلا أنه شكّل حجر الزاوية لأكثر مراحلها ازدهاراً. لاحقاً، استمر تقديم هذا النوع من الأعمال، وإن تراجع حضوره في فترة ما بعد اندلاع الثورة السورية، وبات حضوره هامشياً مقارنة بالسابق.
لكن شركة إيبلا قررت أن تعيد البوصلة إلى هذه الفئة من الدراما، وأعلنت عن مشروع مسلسل تاريخي جديد بعنوان "المماليك" يتمحور حول سيرة الملكة شجرة الدر في عهد المماليك، واختارت النجمة هيا مرعشلي لأداء الدور الرئيسي، إلى جانب مكسيم خليل في البطولة الرجالية. وقد كُلّف بدايةً المخرج سيف الدين سبيعي بقيادة العمل، لكن الشركة المنتجة فاجأت الجميع بقرار إسناد الإخراج إلى نور أرناؤوط، ابنة المنتج هلال أرناؤوط، رغم أن رصيدها الإخراجي الدرامي لا يتجاوز تجربة واحدة في مسلسل "أقل من عادي".
أما المفاجأة الأكبر، فجاءت مع إعلان انضمام النجمة سلافة معمار إلى المسلسل لتجسّد شخصية فاطمة بنت عبد الله المعروفة تاريخياً بـ"أم علي"، زوجة السلطان عز الدين أيبك، التي عُرفت بعدائها لشجرة الدر، وانتهى الصراع بينهما بمقتل الأخيرة في حمّام السوق ضرباً بالقباقيب، وهي نهاية دامية أنهت حضور شجرة الدر ومرحلة مفصلية من حكم المماليك.
انضمام سلافة معمار إلى المشروع أحدث صدمة لدى جمهورها، لا سيما بعد أن كانت قد أعلنت مشاركتها في بطولة مسلسل "مطبخ المدينة" للمخرجة رشا شربتجي، وهو عمل مؤجَّل من موسم درامي سابق. وأكّدت شربتجي في تصريحات سابقة أن سلافة باقية ضمن فريق العمل، ما أثار التساؤلات حول قدرة معمار على التوفيق بين مشروعين في موسم واحد، خصوصاً مع طبيعة الأدوار وتداخل مواعيد التصوير.
لكن هذه المعادلة سرعان ما تغيّرت مع قرار الشركة المنتجة لمسلسل "المماليك" تأجيل التصوير إلى شهر إبريل/نيسان من عام 2026. وكان مقرراً أن يُصوّر العمل في إحدى دول آسيا الوسطى، مثل كازاخستان أو قرغيزستان، قبل أن يتغيّر القرار لاحقاً بالاعتماد على مواقع أثرية داخل الأراضي السورية، كما جرت العادة في كثير من الأعمال التاريخية السورية التي استفادت من ثراء العمارة التاريخية في البلاد.
وأصدرت الشركة المنتجة بياناً رسمياً مؤخراً أكدت فيه قرار تأجيل التصوير، موضحة أن الهدف هو "التحضير الأمثل للعمليات اللوجستية وأماكن التصوير"، ومؤكدة أن التأجيل لا علاقة له بأي عراقيل رقابية أو أمنيّة أو بموقف لجنة صناعة الدراما. وبذلك، خرج المسلسل رسمياً من سباق موسم رمضان 2026.
هذا التأجيل أتاح لسلافة معمار مساحة أوسع لتكريس وقتها لمسلسل "مطبخ المدينة"، الذي من المتوقع أن يعود بقوة خلال الموسم المقبل. ويبدو أن التأجيل أزال الحرج عن الفنانة التي كانت ستجد نفسها أمام خيار صعب بين عملين مهمين، كلٌ منهما يحمل ثقل الإنتاج، ورهاناً جماهيرياً. لكن المفاجأة كانت مجدداً، إعلان معمار انسحابها من "مطبخ المدينة".
