
تشهد اليمن موجة جفاف مقلقة وارتفاع درجات الحرارة أعلى من المتوسط، تسببت في إجهاد المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى ظروف الجفاف مع نقص هطول الأمطار الموسمية، وهذا يؤثر على سبل العيش وزيادة تهديدات الأمن الغذائي.
وأشارت تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى “استمرار حالة الجفاف في مختلف مناطق اليمن، وسط الانخفاض المتوقع في هطول الأمطار خلال يونيو الجاري، مما ينذر بتفاقم الأوضاع الزراعية والبيئية في البلاد”.
وفق نشرة المناخ الزراعي “شهدت اليمن جفافًا واسع النطاق في مايو الفائت، مع أمطار محدودة اقتصرت على المرتفعات الجنوبية تحديدا في محافظة إب، وظلت معظم المناطق الشرقية والساحلية جافة طوال الشهر”.
وكان العجز في الأمطار يتراوح بين 10 و20 مقارنة بالمتوسط طويل الأمد، مع ظهور شذوذ إيجابي طفيف فقط في مناطق معزولة في شمال حجة وسقطرى والمهرة. وفق النشرة التي نشرت الأربعاء 25 يونيو الجاري. وتشير التقديرات إلى أن استمرار الجفاف قد يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة احتمالية موجات الحر، خصوصًا في المناطق الصحراوية والساحلية.
مواضيع ذات صلة
-
الزراعة والأمن الغذائي: تحذيرات من انهيار سبل العيش
-
الجفاف يهدد ينابيع المياه: نقص الأمطار يفاقم معاناة اليمنيين
-
الزراعة في اليمن: تحديات المناخ والحلول الممكنة
درجات الحرارة
واستمرت درجات الحرارة المرتفعة والأعلى من المتوسط، حيث تجاوزت 42 درجة مئوية في المناطق الشرقية والساحلية، وهو أعلى من المعتاد بفارق 2 إلى 5 درجات. ويشكو السكان في عدد من المحافظات من حرارة غير مسبوقة.
حتى المرتفعات التي تُعرف ببرودتها، مثل ذمار وإب، سجلت حرارة غير معتادة، وفق نشرة المناخ الزراعي. التي اشارت إلى ان هذه الظروف أدت إلى “زيادة التبخر، وانخفاض رطوبة التربة، وإجهاد المحاصيل حتى في مناطق المرتفعات الباردة عادةً”.
وبالنسبة للغطاء النباتي أظهرت المؤشرات تراجعًا حادًا في الغطاء النباتي، خاصة في المرتفعات الوسطى والجنوبية، والهضبة الشرقية، نتيجة لقلة الأمطار وارتفاع الحرارة.

ووفق نشرة الفاو “لوحظ إجهاد محاصيل واسع النطاق في المناطق الزراعية البيئية الرئيسية، مع ظهور علامات مبكرة على الإجهاد المائي في مناطق مثل عمران وذمار وجنوب الحديدة”.
ويتعرض نحو 50% من سكان اليمن لخطر مناخي كبير واحد على الأقل، مثل الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، أو موجات الجفاف أو الفيضانات، وفق تقرير البنك الدولي، الذي حذر من عواقب هذه الأخطار على المجتمعات المحلية المهمشة بصورة خاصة، الأمر الذي يضاعف انعدام الأمن الغذائي ويوسع دائرة الفقر.
تهديد سبل العيش
وفي الوقت الذي تعيش اليمن يواجه موجة جفاف مقلقة مع نقص هطول أمطار وارتفاع درجات الحرارة ويؤثر ذلك بشكل مباشر على سبل العيش ويفاقم تهديدات الأمن الغذائي، حيث تأخر بدء الموسم الزراعي للحبوب التي تعتمد على الأمطار الموسمية.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) “حدت هذه الظروف من نمو المراعي وتسببت بنقص المياه مما فاقم الضغط على الثروة الحيوانية والمجتمعات الريفية وظهرت مؤشرات بانخفاض الإنتاجية الزراعية”.
وشهدت زراعة الذرة الرفيعة تأخرًا ملحوظًا بسبب نقص الأمطار، كما إن ارتفاع الحرارة تسبب في زيادة التبخر وفقدان رطوبة التربة، مما أثر سلبًا على إنبات ونمو المحاصيل.
كما تدهورت المراعي بشكل كبير خصوصًا في ريمة وشبوة وأبين، مع عجز حاد في الكتلة الحيوية. ووفق نشره الفاو “هذا التراجع أدى إلى ضغط على الموارد الرعوية وارتفاع خطر نقص الأعلاف”.
بالنسبة للموارد المائية، هناك زيادة في الضغط المائي بسبب انخفاض تغذية المياه الجوفية ومحدودية تدفق المياه السطحية، ما أثر على الزراعة والشرب وسقاية الماشية. وفق نشرة الفاو.
كما أن المؤشرات تشير إلى أن الجفاف والعجز في الأمطار خلال فترة (مارس – مايو) قد يؤدي إلى “انخفاض إنتاج المحاصيل والحبوب”، على الرغم من التوقعات بتحسّن نسبي في هطول الأمطار خلال يوليو وأغسطس.
وبحسب التوقعات الموسمية للمعهد الدولي لبحوث المناخ والمجتمع (IRI)، فإن هناك احتمالية بنسبة 40 إلى 45% لهطول أمطار أعلى من المتوسط في بعض المناطق الغربية والساحلية خلال الفترة من يونيو إلى أغسطس، ما يمنح بصيص أمل بتحسن نسبي، لكنه لا يلغي التحديات القائمة.

وقال حسين جادين، ممثل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في اليمن، أن “الوضع حرج ويتطلب تدخلاً عاجلاً، وأن الزراعة هي مفتاح إنهاء أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن”.
وأضاف في تصريح صحافي “ألقى تأخر هطول الأمطار وعدم كفايتها في أبريل بظلاله على موسم الزراعة الحالي، مما يهدد سبل العيش الزراعية الهشة أصلاً وتوافر الغذاء”، ودعا إلى دعم الزراعة “بتنشيط الإنتاج الغذائي وحماية سبل العيش، والانتقال من الأزمة إلى بناء القدرة على الصمود بما يضمن الكفاءة والفعالية”.
يتأثر النازحون داخلياً والأسر الريفية ذات الدخل المنخفض والأطفال الضعفاء بشكل خاص، حيث يواجهون حالة ضعف متزايدة بسبب خفض التمويل، وتراجع فرص كسب العيش، وضعف آليات التكيف. وفق بيان مشترك لثلاث منظمات أممية.
تحديات الأمن الغذائي
كشف تقرير أممي حديث عن استمرار التدهور الحاد في الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن، في ظل الانهيارات المتسارعة لقيمة العملة الوطنية، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية وسط تحذيرات من كارثة وشيكة تهدد ملايين السكان بانعدام الأمن الغذائي الحاد.
وذكرت نشرة السوق والتجارة لشهر مايو 2025، الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن الريال اليمني فقد 33% من قيمته مقارنة بمايو 2024، و5% مقارنة بشهر أبريل 2025، مرجعة هذا التدهور إلى تناقص احتياطيات النقد الأجنبي، وتوقف تصدير النفط والغاز منذ أبريل 2022.
وأشارت النشرة إلى أن آفاق الأمن الغذائي في اليمن لا تزال “قاتمة”، متوقعة أن تواجه البلاد تحديات جسيمة حتى فبراير 2026، نتيجة الانهيار الاقتصادي وارتفاع أسعار الوقود وتراجع المساعدات الإنسانية.
وفي بيان مشترك صدر الأحد 22 يونيو/ حزيران 2025، حذّرت ثلاث منظمات أممية “الفاو” و”برنامج الأغذية العالمي” و”اليونيسف”، من أن الوضع الغذائي في عدد من المحافظات الجنوبية “حرج للغاية” حيث يعاني ما يقارب نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وفقاً لأحدث تحديث جزئي للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، فإن نحو 4.95 مليون شخص في المحافظات الجنوبية يواجهون بين مايو وأغسطس 2025 مستويات من انعدام الأمن الغذائي تُصنف في مرحلة الطوارئ الرابعة والثالثة.

ويُمثل هذا زيادة قدرها 370 ألف شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد مقارنةً بالفترة من نوفمبر 2024 إلى فبراير 2025، ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع بين سبتمبر 2025 وفبراير 2026، مع توقع دخول 420 ألف شخص إضافي مرحلة الأزمة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى نحو 5.38 مليون شخص – أي أكثر من نصف سكان المحافظات الجنوبية.
ويرجع هذا التدهور إلى أزمات متراكمة، تشمل انهيار العملة، والصراع المستمر، والظواهر المناخية القاسية، مثل تأخر موسم الزراعة، وزيادة خطر الفيضانات، وانتشار الجراد الصحراوي وأمراض المحاصيل والثروة الحيوانية.
قال سيمون هوليما، نائب مدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن، إن “تزايد عدد اليمنيين الذين لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية أمر مثير للقلق، في ظل تحديات تمويل غير مسبوقة”، مشددًا على الحاجة إلى دعم فوري ومستدام للأسر الأشد ضعفًا.
من جهته أشار بيتر هوكينز، ممثل اليونيسف في اليمن، إلى أن “حوالي 2.4 مليون طفل دون الخامسة و1.5 مليون امرأة حامل ومرضع يعانون من سوء تغذية حاد”، محذراً من تداعيات خطيرة على الصحة والنمو والنجاة.
وللعام العاشر على التوالي من الأزمة الإنسانية في اليمن، ونتيجة لاستمرار الصراع ظلت الاحتياجات الإنسانية كبيرة على نطاق واسع، كما أن انهيار البنية التحتية المجتمعية والخدمات الأساسية، جعل السكان في حالة ضعف شديد أمام الأزمات، حيث تواجه الأسر اليمنية انهياراً مأساوياً في معظم جوانب الحياة.
The post اليمن تواجه موجة جفاف تفاقم تحديات الأمن الغذائي first appeared on ريف اليمن.
أخبار ذات صلة.
