
أهلي
أفاد مصدر في وزارة المالية العراقية، بضغوط أمريكية على العراق لمراجعة القوائم المالية لفصائل الحشد الشعبي، وسط مخاوف من استمرار تدفق مليارات الدولارات إلى زعماء فصائل وميليشيات مسلحة.
ونقل موقع “إرم نيوز”، عن المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه قوله إن “طلبات وصلت إلى بعض المصارف العراقية ووزارة المالية بضرورة فرض رقابة صارمة على التحويلات والنفقات الخاصة بالحشد، الذي تُقدّر نفقاته الشهرية بنحو 3 مليارات دولار، فضلاً عن ضرورة تدقيق الأرقام الحقيقية لأعداد المقاتلين والمخصصات التشغيلية".
وأوضح المصدر أن "الجهات الأمريكية تعتبر أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يحوَّل بطرق غير شفافة لصالح قادة الفصائل، أو يستخدم في نشاطات خارج الأطر الرسمية، وهو ما يتعارض مع التزامات أمام الداعمين الدوليين وصندوق النقد الدولي".
ومنذ سنوات، أصبح النظام المالي في العراق مكشوفاً أمام الهيئات والمؤسسات الدولية، التي تراقب عن كثب حركة التحويلات وتعقب محاولات تهريب الدولار خارج البلاد.
وأكثر من مرة، لجات الحكومة العراقية إلى الاستعانة بشركات تدقيق أجنبية للتحقيق في ملفات تتعلق بالفساد المالي وغسل الأموال، في إطار مساعيها لاستعادة الثقة بالنظام المصرفي وتأمين الدعم الدولي. وإلى جانب ذلك، تتلقى توجيهات صندوق النقد الدولي وتعليمات وزارة الخزانة الأمريكية بشأن آليات الرقابة على الأموال وتطبيق العقوبات المالية، في محاولة لضمان عدم تسرب الأموال إلى جهات محظورة أو استخدامها خارج الأطر القانونية.
ويخصص العراق سنوياً موازنة ضخمة لصالح هيئة الحشد الشعبي، تزايدت بشكل لافت خلال السنوات الماضية، لتواكب زيادة أعداد المنتسبين وارتفاع رواتب القادة الميدانيين، وسط شكاوى دورية من مقاتلين بشأن استقطاع بعض الرواتب لصالح قادة الفصائل أو توزيعها بآليات غير منتظمة.
ويأتي التحرك الأمريكي بعد نحو أسابيع على من نشر تقرير موسع لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تفاصيل دقيقة عن استغلال ميليشيات مسلحة عراقية، مدعومة من إيران، لشبكات الدفع العالمية مثل "فيزا" و"ماستركارد"، في عمليات تهريب الدولار وتمويل أنشطتها، عبر بطاقات مصرفية أُصدرت من مصارف عراقية لا تمتلك حسابات لدى بنوك مراسلة أمريكية.
وأظهر التقرير كيف تحولت هذه البطاقات إلى أداة للمضاربة على سعر الصرف وتحقيق أرباح وصلت إلى مئات الملايين من الدولارات سنوياً.
كما كشف عن لجوء الميليشيات المسلحة، إلى استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني بعد إغلاق ثغرات التحويلات البنكية الدولية من قبل وزارة الخزانة الأمريكية في أواخر عام 2022، مشيراً إلى أن هذه البطاقات استخدمت لسحب الدولار نقداً من الخارج، ثم إعادة إدخاله إلى العراق وبيعه بسعر السوق الموازي، ما وفر لها أرباحاً طائلة.
بدوره، قال الباحث في الشأن الاقتصادي سرمد الشمري، إن "الإنفاق على الفصائل المسلحة أصبح واحداً من أكبر التحديات التي تواجه المالية العامة للعراق، خاصة مع ضعف الرقابة وتداخل الملف مع النفوذ السياسي لبعض هذه المجاميع".
وأضاف الشمري، وفق "إرم نيوز"، أن "أي محاولة لإصلاح هذا الملف تحتاج إلى إرادة سياسية قوية وخطط بديلة لاستيعاب المقاتلين الحقيقيين وضمان عدم تأثرهم، مع الاستمرار بتطبيق معايير الشفافية والالتزام بتوجيهات صندوق النقد ووزارة الخزانة الأمريكية بشأن مكافحة غسل الأموال وضبط الإنفاق".
ويخشى مراقبون من أن تؤدي أي خطوات حكومية جادة لتقليص أو إعادة هيكلة مخصصات الحشد الشعبي إلى صدامات سياسية مع قادة الفصائل المنضوية في الإطار التنسيقي، وهو تحالف الأحزاب الشيعية الحاكمة، الذين يعدّون هذه المخصصات حقاً مكتسباً منذ الحرب ضد تنظيم داعش.
فيما يؤكد اقتصاديون أن ضبط ملف الرواتب ونفقات القوات شبه العسكرية يعد من أبرز شروط الداعمين الدوليين لبغداد، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، الذي اشترط في برامج سابقة تنفيذ إصلاحات هيكلية للحد من الهدر والفساد وتحقيق التوازن في الإنفاق.