
قرر البنك المركزي التابع للحوثيين في صنعاء إيقاف التعامل مع بنك الكريمي (Kuraimi bank) الذي يُعد أحد أهم المصارف اليمنية والأكثر انتشارًا في مختلف محافظات البلاد، في خطوة من شأنها أن تترك تداعيات واسعة، لا سيما في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها القطاع المصرفي في اليمن. وجاء ذلك بموجب تعميم موجه إلى جميع المؤسسات المالية، يلزمها بإيقاف التعامل مع بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي اعتبارًا من تاريخ 22 يونيو/ حزيران 2025، مع منحها مهلة 15 يومًا لتصفية أرصدتها طرف البنك، وذلك "ضمانًا لأموال العملاء"، بحسب ما ورد في التعميم.
وأوضح التعميم أن على كافة المؤسسات المالية العاملة في اليمن موافاة البنك المركزي في صنعاء، الذي يُعد السلطة النقدية العليا في مناطق سيطرة الحوثيين، بكشوفات تفصيلية عن أرصدتها لدى بنك الكريمي في بداية ونهاية فترة الـ15 يومًا المحددة. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر خاصة في بنك الكريمي، فضّلت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، أن التعميم لا يتعلق بودائع العملاء، بل يخص الصرافين وشبكات التحويلات المالية. وشددت على أن البنك مستمر في تقديم خدماته المصرفية للمواطنين في مختلف المحافظات، كما هو معتاد.
من جانبه، قال رئيس جمعية البنوك اليمنية في صنعاء، محمود ناجي، لـ"العربي الجديد": "لا تتوفر لدينا معلومات كافية حول الأسباب التي دفعت البنك المركزي في صنعاء لاتخاذ هذا القرار. ومع ذلك، فإن الجمعية تناشد السلطات النقدية الحرص على سلامة المؤسسات المصرفية واستقرار السوق المالي والنقدي في البلاد".
ويأتي القرار في ظل تصاعد الضغوط التي يواجهها القطاع المصرفي من قبل السلطتين النقديتين في كل من عدن وصنعاء، منذ أكثر من عام. إذ يدفع البنك المركزي في عدن باتجاه نقل مقار البنوك العاملة في صنعاء إلى عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. مصادر مصرفية حكومية أكدت لـ"العربي الجديد" أن قرارات البنك المركزي في صنعاء تهدف إلى الضغط على البنوك التي استجابت لدعوات البنك المركزي في عدن لنقل عملياتها إلى مناطق الحكومة الشرعية.
ويرى خبراء اقتصاديون ومصرفيون أن ما يحدث يدخل في إطار الصراع على السيطرة الإدارية على القطاع المصرفي، حيث يسعى كل طرف لإجبار البنوك على البقاء ضمن نطاق نفوذه. وكانت سلطات صنعاء قد اتخذت منذ نحو ثلاثة أشهر إجراءات ضد بنك الكريمي، من بينها إيقاف شبكة التحويلات الخارجية الخاصة به والمعروفة باسم "إكسبرس".
ويرصد "العربي الجديد" سلسلة من التعميمات والإجراءات التي أصدرها البنك المركزي في صنعاء خلال الفترة الماضية، واستهدفت بشكل خاص شركات الصرافة وشبكات التحويلات المالية. وأسفرت هذه القرارات عن إغلاق عشرات الشركات ومحلات الصرافة في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين.
وفي هذا السياق، أشار وليد حيدر، موظف في شركة صرافة بصنعاء، لـ"العربي الجديد" إلى أن الشركة توقفت عن العمل منذ نحو شهر بموجب قرار من البنك المركزي في صنعاء، الذي أشار إلى وجود مخالفات للوائح العمل المصرفي. فيما أكد المصرفي محمد نجيب أن البنك يعمد، بعد إصدار قرارات الإيقاف، إلى إغلاق أنظمة العمل وتعطيل شبكات التحويلات المالية، مما يضطر العاملين إلى الاكتفاء بعمليات الصرافة والمبادلات النقدية فقط.
وتعاني البنوك العاملة في صنعاء منذ أكثر من عام من أزمة سيولة خانقة تهدد بقاءها. ووفق مصادر مصرفية، فإن هذه الأزمة لم تكن ناتجة فقط عن عوامل داخلية، بل تفاقمت بفعل قرارات وإجراءات خارجة عن الإطار المصرفي البحت.

أخبار ذات صلة.




