
كشفت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، اليوم الأربعاء، أن الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية شهد، صباح اليوم، تطورًا جديدًا وصفته وزارة الأوقاف بأنه "اعتداء صارخ" على صلاحياتها، بعد أن فوجئ موظفوها بتركيب سلطات الاحتلال أجهزة إنذار للحريق داخل الحرم دون تنسيق مسبق، وذلك فور إعادة فتحه عند الساعة الرابعة فجرًا، بعد إغلاق استمر 12 يومًا بقرار إسرائيلي تحت بند "الظروف الأمنية" التي واكبت الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
وقال مدير شؤون الوقف في أوقاف الخليل، منجد الجعبري، في حديث مع "العربي الجديد"، "إنه فور الانتهاء من صلاة الفجر اليوم، وعند الساعة الرابعة صباحًا تحديدًا، رصدت طواقم الأوقاف وجود أجهزة إنذار للحريق جرى تركيبها في مختلف أنحاء الحرم"، معتبرًا أن "ما جرى يُعد اعتداءً صارخًا وتدخلًا سافرًا في صلاحيات وزارة الأوقاف الفلسطينية".
وأوضح الجعبري أن الاحتلال يواصل عرقلة استكمال شبكة الإطفاء التي باشرت وزارة الأوقاف بإنشائها في وقت سابق، مشيرًا إلى أن "قوات الاحتلال أقدمت على خلع اللائحة الفلسطينية الخاصة بالإطفاء، واستبدلتها بأخرى إسرائيلية تابعة لشبكة الكهرباء، وعلى الرغم من مطالبتنا بإزالتها، فقد رفضت سلطات الاحتلال ذلك رفضًا قاطعًا".
وأكد أن "أي أعمال ترميم داخل الحرم الإبراهيمي بما فيها القسم المغتصب المستولى عليه تندرج ضمن صلاحيات الجهات الفلسطينية الرسمية حصرًا، لكن الاحتلال لم يسمح لطواقم الأوقاف بالدخول لاستكمال مشروع الإطفاء منذ فترة طويلة، في محاولة واضحة للهيمنة على التفاصيل الفنية داخل الحرم".
وقال مدير شؤون الوقف "إن أعمال الترميم داخل الحرم، سواء تعلقت بالإنارة أو الكهرباء أو النوافذ أو غيرها من المرافق، يجب أن تجري عبر لجنة إعمار الخليل، وبإشراف مباشر من وزارة الأوقاف، وتنسيق مع بلدية الخليل، لأن السيادة الفلسطينية تشمل الحرم الإبراهيمي بالكامل، وذلك استنادًا إلى اتفاقية الخليل".
ولفت الجعبري إلى أن سلطات الاحتلال تتعمد تجاوز هذه الصلاحيات بشكل متكرر، وتسعى لتهميش دور مديرية الأوقاف الإسلامية، من خلال تنفيذ تغييرات تمس المعالم التاريخية للحرم، رغم أن القانون الدولي لا يمنح أي جهة يهودية صلاحية الترميم أو التعديل في هذا المكان المقدس.
وبيّن المصدر ذاته، أن الاحتلال يواصل أعمال الحفر والتنقيب في منطقة المغارة أسفل الحرم، مشيرًا إلى أن "قوات الاحتلال قامت اليوم بكسر قفل غرفة البئر المؤدية إلى غرفة الطوارئ من الجهة الشرقية، وخلعت الباب التاريخي للغرفة، والذي يعود عمره إلى مئات السنين، ثم عبثت بمحتوياتها، بما فيها شبكة الإطفاء التي تعمل عليها طواقم الأوقاف".
وأشار الجعبري إلى أن الغرفة تضم معدات تنظيف الحرم، وخطوط المياه المخصصة لتنظيف الأرضيات، وهي غرفة رسمية تابعة للأوقاف، ومغلقة بقفل خاص بالوزارة، وتحتوي على بئر خاص، موضحًا أن الاحتلال "استولى عليها اليوم بشكل غير قانوني ومرفوض".
وقال: "إن جميع هذه الانتهاكات موثقة رسميًّا، وقد جرى رفع تقارير إلى الجهات الفلسطينية المختصة، من بينها محافظة الخليل، وجهاز الدفاع المدني، والأجهزة الأمنية، والارتباط المدني الفلسطيني، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاعتداءات".
وأكدت وزارة الأوقاف في بيان لها، أن سلطات الاحتلال استغلت فترة الإغلاق القسري لإجراء تغييرات داخل الحرم دون علم أو موافقة الجهات الفلسطينية، شملت تركيب أنظمة إنذار جديدة في مختلف أنحاء الحرم، ونزع لائحة الإطفاء التابعة للأوقاف، واستبدالها بأخرى تابعة لشبكة الكهرباء الإسرائيلية، فضلًا عن وضع أقفال على خزائن الكهرباء داخل الحرم.
وبينما تُعد جميع التعديلات التي جرت خلال فترة الإغلاق غير قانونية، اعتبرت الأوقاف أن الاحتلال يحاول فرض واقع جديد وتهميش الدور الإسلامي في إدارة المكان، عبر تجاوز مديرية الأوقاف الإسلامية وإجراء تغييرات تمسّ المعالم التاريخية، رغم أن القانون الدولي لا يمنح أي صلاحية لليهود في الترميم أو التعديل داخل الحرم.
وكان الاحتلال قد قسم الحرم الإبراهيمي عقب مجزرة عام 1994، التي نفذها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين، وأسفرت عن استشهاد 29 مصليًّا وإصابة أكثر من 150 آخرين، حيث خُصص 63% من مساحة الحرم لصالح المستوطنين وجرى تحويله إلى كنيس يهودي، و37% فقط للمسلمين. ومنذ ذلك الحين، بدأ الاحتلال بتنفيذ خطوات تهويدية متواصلة، شملت تغيير المعالم التاريخية للحرم الإبراهيمي.

أخبار ذات صلة.
