المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب تحذّر من وضع حقوق الإنسان في تونس
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الموافق غداً الخميس في 26 يونيو/ حزيران، أصدر برنامج "سند" التابع للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب - فرع تونس تقريره السنوي، مبيّناً فيه أنّ وضع حقوق الإنسان في البلاد ما زال عند مستوى خطورة عالية، وذلك استناداً إلى البيانات التي جمعها في خلال عامَي 2023 و2024. ومن المتوقَّع أن تصدر غداً النسخة الأولى من "المؤشّر العالمي للتعذيـب" الذي تشرف عليه المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ويُعَدّ هـذا المؤشّر أوّل أداة تحليلية شاملة تهدف إلى قياس مستوى الخطر المتعلّق بالتعذيب وسوء المعاملة على الصعيد الدولي.

واستعرض برنامج "سند" تقريره، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الأربعاء بالعاصمة تونس، مشيراً إلى أنّ الأمل بتحقيق تغيير جذري بشأن حقوق الإنسان في تونس ما زال ضئيلاً، على الرغم من انقضاء أكثر من عقد على ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 وعلى الرغم من تصديق تونس على معظم الاتفاقيات والبروتوكولات لمناهضة التعذيب وإدراج هذه المبادئ في دستورَي 2014 و2022. وأوضح برنامج "سند" لدعم ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في قضايا ما يُعرَف بالحقّ العام أنّ التعذيب ما زال، إلى جانب مختلف ضروب المعاملة السيّئة، من الممارسات الشائعة في النظامَين الأمني والقضائي في تونس بحقّ الضحايا الأكثر ضعفاً، ولا سيّما في العمليات التي يشارك فيها أعوان الأمن.

وأشار التقرير الصادر عن برنامج "سند" إلى أنّ التحسّن النظري في الضمانات الإجرائية في خلال فترة الاحتجاز بفعل القانون الذي يضمن حضور المحامي لم يمنع من تسجيل انتهاكات ضدّ مواطنين في مراكز التوقيف والحجز، إذ يلجأ أعوان الأمن عموماً إلى الصفع واللكم والضرب بالعصي وإبقاء المحتجزين مكبّلين بالأصفاد لمدّة طويلة، بالإضافة إلى إذلالهم وتهديدهم وإجبارهم على توقيع المحاضر. أضاف التقرير أنّ الاعتداءات التي يرتكبها أعوان السجون بحقّ الأشخاص مسلوبي الحرية ما زالت شائعة، وقد رُصدت انتهاكات مختلفة للمساجين من إذلال واعتداءات جسدية واعتداءات جنسية، إلى جانب ممارسات أخرى طاولت عائلات هؤلاء، إذ مُنعت من جلب قفة طعام المساجين لأبنائها وكذلك من زيارتهم.

وتناول تقرير "سند" كذلك اكتظاظ سجون تونس المفرط وتأثيره على حقوق السجناء، لجهة حصولهم على الأسرّة والطعام والخدمات الصحية. وبيّن أنّ وصول المساجين إلى الرعاية في تونس أقلّ بكثير من المقاييس الدولية، كذلك يزداد الوضع سوءاً في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي أدّى، في السنوات الثلاث الماضية، إلى وفاة سجناء لعدم حصولهم على الرعاية اللازمة أو على خلفية موت مستراب.

في هذا الإطار، تقول مديرة برنامج "سند" نجلاء الطالبي إنّ البرنامج التابع للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، الذي أُنشئ في تونس في عام 2013، قدّم رعاية لـ166 مستفيداً جديداً من ضحايا التعذيب وسوء المعاملة المباشرَين وغير المباشرَين، الذين تعرّضوا لانتهاكات واعتداءات ولضحايا العنف في مراكز التوقيف والاحتجاز، في الفترة الممتدّة ما بين يونيو 2024 ومايو/ أيار 2025. تضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "التضييق على عمل المجتمع المدني من قبل السلطات قلّص إمكانيات حصول ضحايا الانتهاكات على حقّ التعهّد متعدّد الاختصاصات، ما يفاقم وضعهم الاجتماعي الصعب". وترى أنّ "التعهّد المتكامل للناجين من الانتهاكات أمر مهمّ"، مشدّدةً على "دور الدولة الأساسي في التعهّد بهؤلاء الضحايا بالشراكة مع المجتمع المدني".

وتلاحظ الطالبي "تراجعاً في عمل الجمعيات المساندة لضحايا الانتهاكات والعنف، نتيجة عدم تفاعل مؤسسات الدولة مع مطالب المجتمع المدني"، شارحةً أنّ ذلك "أدّى إلى تراجع مؤشّر نتائج إسناد الضحايا وصعود مؤشّر انتهاكات حقوق الإنسان وإفلات مرتكبيه من العقاب". وتتابع أنّ ثمّة "ضعفاً كبيراً في نفاذ ضحايا الانتهاكات في قضايا الحقّ العام إلى الرعاية الصحية، كذلك تعاني هذه الفئة صعوبة الحصول على حقّ العمل نتيجة وضعها تحت طائلة التدابير الاستثنائية".

وشدّد تقرير برنامج "سند" على أنّ الإفلات من العقاب من بين أبرز الأسباب الرئيسية لتواصل التعذيب، لافتاً إلى ثغرات قانونية تغذّي الإفلات من العقاب، إذ غالباً ما تمتدّ القضايا المرفوعة ضدّ مرتكبي التعذيب لسنوات طويلة نتيجة غياب الإرادة السياسية لتجاوز الثغرات القانونية التي تسهّل تهرّب منتهكي حقوق الإنسان من مواجهة العدالة. وطالب البرنامج التابع للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب بتحديد مفهوم قانوني واضح لضحايا التعذيب، وتسهيل حصول الضحايا على التعويضات اللازمة، إلى جانب التخفيف من منسوب الاكتظاظ في داخل السجون من خلال وضع حدّ للجوء المفرط إلى الاحتجاز عبر تعيين قاضي الحريات في المحاكم ليكون مسؤولاً عن التثبّت من الطابع القانوني والمتناسب لأيّ عملية احتجاز.

يُذكر أنّ تقريراً أصدرته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في مايو 2025، كشف أنّ نسبة الاكتظاظ في سجون تونس وصلت في عدد منها إلى 250%، وأنّ عدد مسلوبي الحرية وصل إلى 23 ألفاً و305 سجناء في عام 2024، علماً أنّ أكثر من 55% من بينهم هم في التوقيف احتياطياً.

في سياق متصل، أعلنت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب - فرع تونس، في يناير/ كانون الثاني 2025، رفع شكوى ضدّ الدولة التونسية أمام لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في جنيف، على خلفيّة ما عدّته "عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها في التحقيق مع مرتكبي جرائم التعذيب وسوء المعاملة وتتبّعهم قضائياً والتعويض للضحايا".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية