نقص الحليب العلاجي يهدد حياة مئات الرُضع والخُدج في غزة
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

يتربص الخطر الشديد بمئات الأطفال الرضع والخدج في قطاع غزة ممن يواجهون خطرا يهدد أرواحهم جراء حرمانهم من الحليب العلاجي الأساسي نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ بداية العدوان وتشديد الحصار مطلع مارس/ آذار الماضي.
ويعتبر الأطفال من أبرز الفئات التي تعاني جراء تواصل الحرب، والتي تسببت باستشهاد وفقدان 57 ألف فلسطيني منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كما بلغ عدد الشهداء منذ الثامن من مارس/ آذار الماضي نحو 5800 شهيدا، وقد بلغت نسبة الأطفال والنساء من إجمالي عدد الشهداء ما يزيد عن 70%. وتتفاقم أزمة نفاد الحليب العلاجي الأساسي في غزة إثر استمرار الإغلاق الإسرائيلي الكامل لمعابر قطاع غزة منذ ما يقارب أربعة أشهر، ومنع إدخال المساعدات الإغاثية والطبية والمواد العذائية والإمدادات الأساسية، الأمر الذي بات يهدد حياة الأطفال الرضع والخدج.

ويعاني الأطفال من نقص شديد وغير مسبوق في الحليب العلاجي، خاصة بعد نفاد أصناف الحليب المُدعم داخل أقسام الحضانة والصيدليات وحتى الأسواق، والتي تعتبر هامة للأطفال الذين يعانون من مشاكل صحية مثل صعوبة الهضم وعدم القدرة على الرضاعة الطبيعية ونقص المناعة. وتُظهر البيانات الصادرة عن مراكز التغذية المدعومة من منظمة يونيسف، تسجيل ما يزيد عن 5119 حالة سوء تغذية حاد لأطفال في شهور عمرهم الأولى خلال شهر مايو/ أيار الماضي لوحده، من بينهم 636 طفلا يعانون من سوء تغذية حاد ووخيم، وهي حالة خطيرة تهدد حياتهم.

أطلق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نداءً عاجلاً لإنقاذ حياة المئات من الأطفال الرضع والخدج الذين يواجهون خطراً حقيقياً

وتوضح الفلسطينية ازدهار أبو لمضي (32 عاما) وهي نازحة داخل خيمة وسط مدينة غزة، أنها وضعت طفلها محمد (3 شهور) في خضم أزمة نقص الغذاء الخاص بالأم والطفل، في الفترة الأكثر حساسية في حياتهما، حيث حرمت هي من الغذاء الصحي، بينما حرم رضيعها من الحليب العلاجي. وتلفت أبو لمضي بحديثها لـ"العربي الجديد" إلى أن طفلها الذي ولد في إبريل/ نيسان الماضي يعاني من عدم القدرة على الرضاعة الطبيعية منذ الأيام الأولى لولادته، ما دفعها لمراجعة المستشفى، وقد أفادها الأطباء بحاجته للحليب العلاجي أو المدعم، إلا أنها تواجه أزمة في توفيره نتيجة النقص. وتبين أبو لمضي أن توفير الحليب الخاص برضيعها يعتبر مهمة شاقة، وتزداد صعوبته يوما بعد الآخر بسبب زيادة النقص سواء داخل المستشفيات أو الأسواق، وتقول: "في حال وجدنا أصنافا مناسبة لطفلي، تكون بأسعار باهظة لا تتناسب مع أوضاعنا الاقتصادية الصعبة".

وتتشابه حالة أبو لمضي مع مئات الحالات التي تحتاج لتوفير الحليب الأساسي، والذي يهدد نقصانه حياة أطفالهم، وعن ذلك الهاجس، تقول الفلسطينية شوق حيدر (36 عاما) إنها باتت تشعر بالخطر الحقيقي على حياة طفلتها رنا (5 شهور) بفعل عجزها عن توفير الحليب الخاص بها في الوقت الذي يتناقص وزنها بسبب سوء التغذية والإسهال المتواصل والمضاعفات الجانبية. وتشير حيدر بحديث لـ"العربي الجديد" إلى تمكنها من توفير علبتين من الحليب بعد ولادة طفلتها، واحدة من مؤسسة إغاثية وأخرى من مستشفى الأطفال، إلا أنها واجهت أزمة حقيقية بعد إغلاق المعابر، والنقص الحاد في المستشفيات، والمترافق مع توقف المؤسسات الإنسانية عن توزيع المساعدات بسبب الشح والإغلاق.
وتقول حيدر إن العدوان الإسرائيلي تسبب في قلب حياة الفلسطينيين رأسا على عقب، سواء من خلال التهجير القسري من منطقة إلى أخرى، أو تدمير بيوتهم ومصادر دخلهم، وصولا إلى التأثير على أدق تفاصيل الحياة، والمتعلقة بتوفير الطعام الصحي، وحليب الأطفال الأساسي والمُنقِذ للحياة.

الحليب العلاجي سبيل الأطفال الخدج للحياة 

وأطلق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نداءً عاجلا لإنقاذ حياة المئات من الأطفال الرضع والخدج الذين يواجهون خطرا حقيقيا يهدد حياتهم، بفعل حرمانهم من الحليب العلاجي الأساسي لبقائهم على قيد الحياة. ويقول مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمركز فضل المزيني إن الحليب العلاجي الخاص ببعض الأطفال وخاصة الأطفال مرضى الجهاز الهضمي غير متوفر بشكل تام داخل المستشفيات منذ فترة طويلة، إلى جانب عدم توفر الحليب المدعم رقم 1 و 2، وهي أصناف خاصة بالمواليد، في الوقت الذي تعاني النساء من عدم القدرة على إرضاع أطفالهن جراء سوء التغذية.

تسجيل حالات وفاة في مستشفيات غزة يُعتَقَد بأن من أحد أسبابها نقص الحليب العلاجي

ويلفت المزيني في حديث مع "العربي الجديد" إلى عدم توفر الحليب العلاجي داخل المستشفيات باستثناء كميات محدودة على وشك النفاد بفعل تواصل واشتداد الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء، في الوقت الذي يعجز الأطباء عن التعامل مع تدهور حالة الأطفال، وتسجيل حالات وفاة يُعتَقَد بأن من أحد أسبابها نقص الحليب العلاجي. ويشدد المزيني على ضرورة توفير أصناف الحليب العلاجي، وحليب الصويا، والحليب المحلل، إلى جانب توفير أصناف الحليب الصناعي المدعم من المرحلة الأولى حتى الثالثة، وذلك لإنقاذ حياة الأطفال ممن يعانون صعوبة في الرضاعة الطبيعية، أو عسر الهضم أو مشاكل في المناعة.

ويحذر المزيني من تضاعف الخطر الذي يواجهه آلاف الأطفال في قطاع غزة جراء ارتفاع معدلات سوء التغذية، الأمر الذي يُترجم بأنه مؤشر خطير على الانهيار التام في الأوضاع الإنسانية، جراء تواصل الحرب والحصار المُحكم، مشددا على حاجة الأطفال لتدخلات علاجية فورية تشمل التغذية الطبية، والمياه النظيفة، والرعاية الصحية المستمرة، وهي خدمات أصبحت نادرة بفعل الإغلاق الإسرائيلي الممنهج للمعابر. ويشير المزيني إلى أن منع دخول المواد الأساسية والإمدادات الإنسانية تسبب في رفع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد بنسبة 146% منذ فبراير/ شباط الماضي، فيما تم إدخال 16736 طفلا إلى المستشفيات منذ بداية العام وحتى نهاية مايو لتلقي العلاج، بمعدل 112 طفلا يوميا، بينما تلقت منظمة الصحة العالمية تقارير تفيد بوفاة 55 طفلاً نتيجة سوء التغذية، في ظل احتمال ارتفاع عدد الوفيات.

ويؤكد المزيني أن استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال الإمدادات الأساسية ومن بينها الحليب العلاجي الأساسي يعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وبمثابة جريمة حرب وفقا للمادة 8 من ميثاق روما، فيما يشكل خرقا فاضحا للقرارات الملزمة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، بضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون عوائق.
وأوشك الحليب الصناعي المدعم، على النفاد في الأسواق المحلية، فيما نفدت أصناف عديدة بشكل فعلي، وتباع الكميات المحدودة المتوفرة في بعض الصيدليات بأسعار مضاعفة لا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية المتردية، الأمر الذي يجعل الحصول على الحليب الأساسي للأطفال الرضع والخدج والمرضى أمرا صعبا أو مستحيلا.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية