
تواصل التفاؤل بتحقيق موسم سياحي جيد في تونس واستقبال ما لا يقل عن 11 مليون سائح هذا العام، مع توقف الحرب الإيرانية الإسرائيلية.
وكان التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، ألقى بتداعيات جيوسياسية واقتصادية على دول الشرق الأوسط التي شهدت اضطرابا في حركة الملاحة الجوية، ما تسبب في تحويل بعض الرحلات وتغيير مسارات الطيران وارتفاع أسعار تذاكر الطيران.
ورغم أن تونس تقع جغرافيًا بعيدًا عن مسرح الأحداث، إلا أنها ليست بمنأى عن التأثيرات غير المباشرة، على قطاع السياحة الحيوي للاقتصاد الوطني الذي يستعد لموسم استثنائي هذا العام. وخلال فترة اندلاع المواجهات العسكرية المفتوحة بين إيران وإسرائيل لم تعلن وكالات السفر والفنادق في تونس عن تراجع في عدد الحجوزات القادمة من الأسواق الأوروبية والأميركية والآسيوية، غير أن المهنيين لا يستبعدون تأثيرات سلبية على صورة المنطقة ما قد يدفع العديد من السياح إلى تأجيل رحلاتهم أو تغيير وجهاتهم نحو دول أوروبية.
ويقول عضو الجامعة التونسية لوكالات الأسفار ظافر لطيف إن وضع السوق السياحية التونسية مستقر حاليا، ولم تسجل أي تأثيرات للحرب بين إيران وإسرائيل على الحجوزات، وهو ما يطمئن المهنيين نسبيا.
وأكد لطيف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأسواق السياحية في المنطقة عموما لم تشهد ما يسمى بـ"صدمة الحرب "، لافتا إلى أن التأثيرات السلبية للصراع في منطقة الشرق الأوسط قد تظهر لاحقا على مستوى حركة الملاحة الجوية والرحلات السياحية البعيدة التي تعتمد على الربط مع محطات بوصفها مراكز عبور للسياح القادمين من آسيا والخليج.
وحسب لطيف يأمل مهنيو القطاع أن تبقى تونس وجهة جاذبة، حيث يعتمد جزء كبير من هذا الأمل على استقرار الأوضاع الإقليمية والجهود الإعلامية المكثفة لإعادة بناء الثقة مع أسواق متنوعة.
تخطط سلطات تونس لزيادة تدفق السياح في 2025 إلى 11 مليون سائح، مع رفع عائدات القطاع إلى 7.8 مليارات دينار (2.6 مليار دولار)، بعد أن تمكنت من تخطي حاجز الـ10 ملايين سائح العام الماضي.
وقال وزير السياحة سفيان تقية، قبل أسابيع أمام البرلمان إن "عدد الوافدين من غير المقيمين الذين زاروا بلاده العام الماضي نحو 10.2 ملايين زائر، وذلك بزيادة قدرها 8.9 % مقارنة بسنة 2019 التي تعد سنة مرجعية للقطاع.
وساعد تحسن التدفقات السياحية نحو السوق التونسية، بحسب تقية، في ضخ استثمارات جديدة في القطاع بقيمة تزيد عن 48.6 مليون دينار، تركز أغلبها في الشريط الشرقي للبلاد. وبالتوازي، شهد قطاع الصناعات التقليدية تطوراً من حيث عائدات التصدير التي بلغت 151 مليون دينار (50 مليون دولار)، ما يشكل 2% من مجموع صادرات البلاد.
في المقابل، يعتقد عضو جامعة وكالات الأسفار ظافر لطيف، أن ارتباك قطاع السياحة العالمي وحركة الملاحة الجوية كان مرتبطا بالحرب الإيرانية الإسرائيلية التي قد توقفت قبل أن تؤدي إلى عزوف لدى وكالات الأسفار المحلية في الاستثمار باقتناء أسطول مركبات جديدة لتلبية حاجيات الموسم الجديد. وقال في سياق متصل "طمأنة الأسواق واستقرارها أمر مهم جدا للمتعاملين السياحيين ولتدفق الاستثمارات".
ويرى مراقبون أن عدم قدرة تونس على التمايز إعلاميًا عن محيطها الجغرافي يفاقم من التأثيرات النفسية على السوق السياحية.
ورغم أن تونس لم تشهد أي تهديدات مباشرة، فإن الإعلام الدولي يضع "شمال أفريقيا والشرق الأوسط" في سلة واحدة، ما يعزز من تخوفات السياح الغربيين.
وتطلق تونس سنويا منذ بداية الموسم السياحي حملات دعائية واسعة النطاق من أجل التعريف بخصائص الوجهة التونسية ونقاط تمايزها مع البلدان المنافسة لها في البحر الأبيض المتوسط.
ومنذ شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تمكنت سياحة تونس من كسر الرقم القياسي في عدد الوافدين لعام 2019، باستقبالها 9.555 ملايين سائح بحلول 10 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وكانت سنة 2019 العام المرجعي في ما يخص قطاع السياحة التونسي، حيث سجلت البلاد حينها توافد 9.4 ملايين سائح، قبل أن يتم كسر هذا الرقم القياسي في السنة الماضية، وتدعم صناعة السياحة اقتصاد البلاد بمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 9%، كما ترتفع القدرة التشغيلية للقطاع إلى 400 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وفق بيانات رسمية.
ويعاني اقتصاد تونس منذ سنوات صعوبات أدت إلى تراجع معدلات النمو، حيث سجل اقتصاد البلاد نمواً بنسبة 1.6% خلال الربع الأول من العام الحالي، وذلك على أساس سنوي، وفق بيانات رسمية نشرها معهد الإحصاء الحكومي.
وتأمل سلطات تونس تحقيق معدل نمو اقتصادي خلال العام الحالي في حدود 3.2%، مدفوعة بتحسن إيرادات السياحة وتوقعات بمحصول فلاحي جيد، إلى جانب استعادة جزء من إنتاج قطاع الفوسفات.
