
ألقت أجواء تهدئة العمليات العسكرية بين إيران وإسرائيل بظلالها على الأسواق المصرية، فعاد الجنيه للصعود أمام الدولار، وانخفضت أسعار الذهب، مع جلسات خضراء نشطة بالبورصة المصرية، التي شهدت تدفقاً في السيولة وحجم التداول، وتحسناً بأداء مؤشرها الرئيسي EGX30 الذي صعد مدعوماً بإقبال المستثمرين المحليين على شراء أسهم قطاع البنوك.
خسر الدولار نحو 10 قروش أمام الجنيه الذي بلغ 50.61 جنيهاً للشراء و50.75 للبيع لدى البنك المركزي، بينما تراجع في ظاهرة من نوعها إلى مستويات أقل في البنوك، عن السعر السائد بـ"المركزي" بفارق تراوح ما بين 60 قرشاً للشراء و70 قرشاً للبيع.
خسر الذهب نحو 100 جنيه في سعر الغرام عيار 24 الذي بلغ 5365 جنيهاً، و110 جنيهات في الغرام عيار 21 الأكثر تداولاً الذي تراجع إلى 4700 جنيه، مدعوماً بتراجع سعر أوقية الذهب في البورصات العالمية إلى 3321 دولاراً، وخسارة الدولار نحو 40 قرشاً في سوق الصاغة، مع تحسن الجنيه، حيث بلغ سعر الدولار في الصاغة 50.28 جنيهاً.
سادت حالة من التفاؤل بين المستثمرين السياحيين، عقب إعلان وزارة الطيران المدني جاهزية المطارات المحلية لاستقبال جميع الطائرات من الدول الأجنبية والمحيطة بمصر، وعودة التشغيل المجدول لرحلات الشركة الوطنية للطيران "مصر للطيران" لنقل الركاب من مطارات دول الخليج وإلى جميع المناطق السياحية والداخلية بمصر، وانتظام الرحلات الدولية وفقاً للجدول الصيفي المعتاد.
حذر سياحي
يبدي قطاع شركات السياحة حذره مع استمرار الحديث في وسائل الإعلام الدولية عن حالة الاضطراب الجيوسياسي بالمنطقة، ووجود مخاوف من عدم التزام إسرائيل وإيران بوقف نهائي لإطلاق النار، مع احتمالات عودة الضربات العسكرية بعد فترة وجيزة لحسم الصراع على مستقبل منطقة الشرق الأوسط، بالتوازي مع عدم انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي يعتبره البعض المحرك الرئيسي لحالة الاضطراب الأمني بالمنطقة، بعد دخول أطرف إقليمية في الصراع مثل جماعة الحوثي باليمن.
أدت المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، إلى تزايد مخاوف المستثمرين المصريين، من إطالة أمدها بما يدمر أهم صناعات السياحة والتعهيد، ويزيد من الضغوط على الجنيه وتكلفة الواردات من النفط والغاز والسلع الأساسية.
وقد تسبّبت الحرب في انخفاض حركة السياحة في حدود 10% من حجم الحجوزات الدولية التي تأثرت بتعديل جداول رحلات الطيران الدولية، وارتفاع التأمين على رحلات الطيران العارض، وتوقف الفنادق العائمة عن التجول بمنطقة شرق المتوسط والمتجهة ما بين دول الكاريبي وغرب أوروبا إلى جنوب آسيا عبر قناة السويس والبحر الأحمر.
وتشير تقديرات متشائمة إلى تراجع حجم الحجوزات بنسبة 30% بالفنادق بسبب القلق من حالة الحرب، وخاصة بمناطق جنوب شبه جزيرة سيناء.
وأدى إطالة توقف إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى شبكة الغاز المصرية لمدة أسبوعين آخرين، وللمرة الثانية منذ بداية العدوان على إيران، إلى تعطل إمدادات الكهرباء لشركات الأسمدة والبتروكيماويات، وتوقف تشغيل عدد من الفنادق والمنتجعات المصرية بسبب نقص الكهرباء وحاجة المناطق النائية إلى السولار، الذي توجهه الدولة لمحطات التوليد الرئيسية ويشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار التوريد عالمياً.
وقال رئيس غرفة العاديات السياحية علي غنيم إن إلغاء الحجوزات السياحية نابع من مخاوف الشركات الأجنبية والسائحين من القدوم إلى المنطقة، في ظل أجواء الحرب، مدفوعة بتحذيرات رسمية من بعض الدول بتجنب زيارة المنطقة، وارتفاع تكلفة التأمين والطيران.
وأضاف غنيم أن الحديث عن أجواء الحرب في وسائل الإعلام الدولية والمحلية، يعمق أزمة صناعة السفر والسياحة على مستوى العالم، بينما تظل تأثيرات الحرب على الموسم المصري، من الأسواق القادمة من أميركا الشمالية والجنوبية والدول البعيدة التي تخشى من دفع سائحيها إلى مناطق بعيدة، خشية توسع العمليات العسكرية في المنطقة، بعد الضربات التي وجّهتها الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية.
ويبدي غنيم مخاوفه من أن تمتد حالة الحرب إلى آجال طويلة، بما يستنزف صناعة السياحة المصرية، التي تأمل أن تتضاعف خلال السنوات الخمس المقبلة، لرفع عدد السائحين من 18 مليون عام 2025، إلى 30 مليوناً عام 2030.
في المقابل يذكر عضو غرفة شركات السياحة، ماجد شوشة، أن هناك مبالغة في تقديرات خسائر السياحة خلال الأيام الماضية، مؤكداً أن سوق السياحة يشهد عادة تراجعاً في عدد الزائرين الأجانب، خلال الفترة من يونيو إلى نهاية سبتمبر، التي تقتصر عادة على السياحة العربية والقادمة من الدول المجاورة أو شرق أوروبا بسبب ارتفاع درجة حرارة الأجواء التي لا تناسب السائح الغربي المصدر الأساسي لحركة السياحة المصرية.
وشدد شوشة على أن الشركات لم تتلق أي إلغاء لحركة السياحة الوافدة من الأسواق الرئيسية خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أن المخاوف الحقيقية أن تتواصل تلك الحرب إلى أمد طويل، بما يجعل كبار وكلاء السفر المتحكمين في حركة السياحة الوافدة لمصر والأسواق الرئيسية، يحجمون عن توجيه مجموعاتهم السياحية إلى الشرق الأوسط.
أزمات في الفنادق
تسببت انقطاعات التيار الكهربائي في إثارة متاعب لكثير من الفنادق ومخاوف لدى المستثمرين الذين يرغبون في التوسع بالمنشآت الفندقية، ولا يجدون مصادر إمداد مستقبلية كافية، وفقاً لمسؤولين بجمعية مستثمري جنوب البحر الأحمر. تظهر بيانات غرفة الفنادق بمرسى علم جنوب ساحل البحر الأحمر، عن لجوء الفنادق إلى تشغيل مولدات خاصة تعمل بالسولار لمواجهة العجز في الكهرباء، منوهين بخطورة ذلك على البيئة وارتفاع تكاليف التشغيل.
ويراهن خبراء السياحة على استفادة مصر من تحولها إلى منطقة عبور للرحلات الدولية الطويلة بين جنوب آسيا وغربها إلى أوروبا، للمرور بأجوائها، مع تعطل المرور بمسار إيران والعراق وسورية وإسرائيل، وبعض المطارات بالخليج، وتشجيع المسافرين على النزول بمطار شرم الشيخ، ومنح الطائرات تخفيضات في الرسوم مقابل الرسو بالمطار وتعويض أي خسارة محتملة عند زيارة المجموعات السياحية للمدن الساحلية بالمنطقة، بما يحافظ على ثقة الشركات الدولية والسائحين في القدوم إلى المنتجعات المصرية، وتعزيز الموقع الاستراتيجي لمصر في خدمة السائحين.
وتتجه وزارة السياحة إلى تقديم تسهيلات للسياحة العربية، وضمانات لإقامتهم في الوحدات الفندقية التي يفضلون الإقامة بها، بدلاً من الفنادق، بما يحول دون تعرّضهم لأية مضايقات أو زيادة في التسعير، أملاً في تخفيف آثار الحرب على قطاع السياحة والطيران طوال فترة الصيف. وتأمل وزارة السياحة أن يرفع عدد الركاب الترانزيت القادمين من الأراضي المحتلة والدول المجاورة لإسرائيل، حركة المرور الجوي، وزيادة الإيرادات من المطارات المحلية.
وتسعى الفنادق إلى تعويض التراجع بمعدلات الإشغال الفندقي بالمناطق الساحلية في الغردقة وشرم الشيخ والإسكندرية، من السياحة المحلية، مع التعويل على زيادة حركة السياحة القادمة من روسيا وأوكرانيا وأوروبا الشرقية، خلال العطلات الصيفية للمدارس.
