الحكومة البريطانية تتجه لتصنيف "بالستاين أكشن" حركة إرهابية
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

أطلق الجيش البريطاني مراجعة أمنية في جميع القواعد العسكرية البريطانية، بعد اقتحام ناشطين من حركة "بالستاين أكشن" قاعدة بريز نورتون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، يوم الجمعة الماضي، ورشِّ طائرتين عسكريتين بالطلاء الأحمر، في خطوة دفعت الحكومة البريطانية للسعي لتصنيف الحركة المؤيدة للفلسطينيين حركةً إرهابية. وأدانت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز، اليوم الاثنين، منظمة "بالستاين أكشن" قبيل تقديم وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، تقريراً إلى البرلمان حول خطة الحكومة لحظر المنظمة.

ومنعت شرطة العاصمة مظاهرة دعت لها الحركة، الاثنين، أمام البرلمان احتجاجاً على مساعي حظرها من الحكومة، وانتقلت المظاهرة إلى ميدان الطرف الأغر في لندن شارك فيها المئات. وأعرب مفوض شرطة العاصمة، السير مارك رولي، قبل المظاهرة عن "صدمته وإحباطه" إزاء احتجاج مُخطط له في وستمنستر لدعم حركة "بالستاين أكشن"، فيما وصفها بأنها "جماعة إجرامية متطرفة منظمة" زاعماً أنها تسببت في أضرار جنائية بملايين الجنيهات.

وجاء في بيان شرطة العاصمة أنه قبل تصنيف الحركة "إرهابية" بموجب قانون الإرهاب لا يوجد للشرطة سلطة قانونية لمنع الاحتجاج، لكن "لدينا سلطة فرض شروط عليه لمنع الفوضى والتخريب والاضطرابات الجسيمة للمجتمع، بما في ذلك البرلمان، والممثلين المنتخبين المتنقلين في وستمنستر، وسكان لندن العاديين"، وعممت الشرطة خارطة لمناطق مقرّات الحكومة والبرلمان يُمنع التظاهر فيها لأجل الحركة. وشهدت المظاهرة توتراً بعد اقتراب العشرات من عناصر الشرطة من المتظاهرين، وجرى عمليات تدافع بين الشرطة والمتظاهرين، فيما وُثقت عمليات اعتقال.

جدل حول بالستاين أكشن بعد اقتحام القاعدة

وأحدث اقتحام نشطاء الحركة لأكبر قاعدة جوية في بريطانيا جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض لحظر الحركة، المعروفة باستهدافها لشركات السّلاح الإسرائيلية في بريطاينا مثل "إلبيت سيستمز" وغيرها من شركات خاصة ومصانع أسلحة تتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي. وقالت "بالستاين أكشن" وقتها: "رغم إدانتها علناً الحكومةَ الإسرائيلية، تواصل بريطانيا إرسال شحنات عسكرية وتطلق طائرات تجسس فوق غزة وتزود طائرات مقاتلة أميركية/إسرائيلية بالوقود"، وأضافت أن "بريطانيا ليست متواطئة فحسب، بل هي مشارك فعال في أعمال الإبادة في غزة وجرائم الحرب في أنحاء الشرق الأوسط".

وعلّق رئيس الحكومة البريطاني، كير ستارمر، على حادثة اقتحام القاعدة الجوية ووصفها أنّها "عمل مشين"، رغم أن الحادث لم يؤثر في أي خطط أو عمليات لحركة الطائرات. وأدانت وزارة الدفاع "هذا التخريب لأصول سلاح الجو الملكي" فيما أعلنت الشرطة المحلية فتح تحقيق في تقارير عن "تخريب جنائي" واقتحام، وقال متحدث باسم الحكومة "نراجع الأمن في كامل القطاع الدفاعي".

وتعتبر قاعدة "برايز نورتن" التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني مركزاً لقوات التزويد بالوقود جواً، وتدعم العمليات الخارجية بما فيها الرحلات الجوية إلى قاعدة "أكروتيري" التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في قبرص؛ أكبر قاعدة جوية بريطانية في الشرق الأوسط، إذ وثّقت تقارير عديدة دور سلاح الجو البريطاني في الخروج بطلعات يومية للتصوير خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

وقال سعيد تاجي فاروقي، أحد أعضاء الحركة، في مقابلة مع "بي بي سي" عندما سُئل عمّا إذا كانت الجماعة قد تجاوزت الحدود، باستهدافها موقعاً عسكرياً له دور في حماية الأمن القومي البريطاني، إن "السبب الرئيسي لوجود حركة فلسطين هو قطع سلسلة توريد المواد اللازمة للإبادة الجماعية"، وأضاف أن حادثة يوم الجمعة كانت "تصعيداً في التكتيكات لأن الإبادة الجماعية قد تفاقمت".

وقالت المدعية العامة السابقة في حكومة الظل، شامي تشاكرابورتي، إن خطط حظر حركة "بالستاين أكشن" الاحتجاجية ستُمثل خطوة خطيرة للغاية قد تتجاوز الحد، وأضافت لبرنامج "توداي" على إذاعة بي بي سي4، صباح الاثنين، أن "التهديد للممتلكات أو الإزعاج شيء، وحظر جماعة بأكملها كإرهابية شيء آخر تماماً".

وأضافت عضوة مجلس اللوردات العمّالي: "بقدر ما أستطيع أن أقول، هذه جماعة احتجاجية متشدّدة تشارك في عمل مباشر يتضمن الإجرام، لا شكّ في ذلك، ولكن رفع ذلك إلى مستوى الإرهاب بحيث يُوصف أي شخص يحضر اجتماعاً، أو يروج للمنظمة، أو ينتمي إليها بشكل على نحوٍ غير مباشر، بالإرهابي فهذا تصعيد خطير في رأيي"، وقالت تشاكرابورتي، وهي المديرة السابق لمنظمة "ليبرتي" لحقوق الإنسان، إنه "لا شك في أن وزيرة الداخلية ستأتي إلى البرلمان اليوم، وستشرح أسبابها وتعلن ما ستفعله فعلياً. وأعتقد أن هذه خطوة خطيرة للغاية وأود أن أشارك منظمة العفو الدولية، ومنظمة ليبرتي، وآخرين، مخاوفهم من أن هذا قد يكون تصعيداً مبالغاً فيه".

بدورها، قالت النائبة زارا سلطانة، المنتخبة عن حزب العمّال: "في عام 2003 اقتحم ناشطون قاعدة للسلاح الجوي الملكي احتجاجاً على مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق. كير ستارمر دافع عن نشاطهم قائلاً إنه مبرّر لمنع جرائم حرب. الآن حكومته تمنع بالستاين أكشن وتقوم بالمثل. حكومة رئيس الوزراء منافقة".

"حظر بالستاين أكشن أمر غير قانوني"

ومن الشخصيات البارزة التي عارضت خطوة الحكومة أيضاً، حمزة يوسف الوزير الأول الاسكتلندي السابق الذي اتهم الحكومة بـ"إساءة استخدام" قوانين مكافحة الإرهاب ضد النشطاء المؤيدين لفلسطين، خلال تصريحات أطلقها يوم السبت في الوقت الذي تظاهر فيه أكثر من 300 ألف شخص في لندن ضد السماح باستمرار إبادة غزة.

ونشرت الكاتبة الأيرلندية المعروفة، سالي روني، مقالاً في صحيفة ذا غارديان قالت فيه: "بالستاين أكشن ليست جماعة مسلحة. ولم تكن مسؤولة قط عن أيّ وفيات، ولا تُشكل أي خطر على الجمهور. تتضمن أساليبها تخريب الممتلكات، وهو أمر غير قانوني بالطبع. ولكن إذا لم يكن قتل المدنيين في موقع لتوزيع المساعدات إرهاباً، فكيف يُمكننا أن نقبل أن رشّ طائرة بالطلاء يُعد إرهاباً؟ حتى الآن، لم تنجح الاحتجاجات الملتزمة بالقانون في وقف الإبادة الجماعية. قُتل أو جُرح أكثر من 50 ألف طفل بريء. في أي ظرف يُمكن تبرير العصيان المدني إن لم يكن الآن؟" وأضافت صاحبة رواية "أيها العالم الجميل أين أنت" التي تصدّرت مبيعات الكتب في المملكة المتحدة: "لا يسعني إلّا أن أقول إنني أُعجب بحركة فلسطين وأدعمها بكل إخلاص، وسأستمر في ذلك، سواءً اعتُبرت جريمة إرهابية أم لا".

وتحظى وزيرة الداخلية بسلطة حظر أي منظمة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000 إذا رأت أنها "متورطة في الإرهاب"، وسيتطلب حظر النشاط السياسي من الوزيرة إيفيت كوبر تقديم طلب إلى البرلمان، الذي يجب مناقشته والموافقة عليه من أعضاء البرلمان والنبلاء. ويُعدّ الانتماء إلى منظمة محظورة أو التعبير عن دعمها، إلى جانب عدد من الأفعال الأخرى، جرائم جنائية تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 14 عاماً.

وصرّح وزير العدل السابق اللورد تشارلي فالكونر بأن تخريب الطائرات في قاعدة بريز نورتون لن يوفر مبرراً قانونياً واحداً لحظر النشاط السياسي، وأضاف في لقاء مع برنامج "صباح الأحد مع تريفور فيليبس" على قناة سكاي نيوز: "لست على دراية بما فعلته منظمة بالستاين أكشن بخلاف طلاء الطائرات في بريز نورتون، ربما قاموا بأشياء أخرى لم أكن أعرفها. لكن عموماً، هذا النوع من التظاهرات لا يبرر الحظر، لذا لا بد من وجود أمر آخر لا أعرفه".

وتقول الحركة على موقعها الإلكتروني بأنها "حركة عمل مباشر" ملتزمة بإنهاء "المشاركة العالمية" في نظام الإبادة الجماعية والفصل العنصري الإسرائيلي. وتُضيف أنها تستخدم "أساليب تخريبية" لاستهداف "الشركات التي تُمكّن المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي". وأقدمت خلال الأعوام الخمس الأخيرة على أكثر من 300 عمل مباشر من رش الطلاء الأحمر وتخريب بعض الممتلكات واقتحامات واعتصامات في مواقع شركات ومصانع أسلحة تُزود جيش الاحتلال الإسرائيلي أو تتعامل معه.

وبحسب صحيفة ذا تايمز، قدّر أن تكون تلك العمليات قد كلفت الحكومة والشركات المُصنِّعة للمعدات للجيش البريطاني ما يصل إلى 55 مليون جنيه إسترليني. وأشارت الصحيفة إلى أن الهجمات على قطاع الدفاع كلّفت ما لا يقل عن 30 مليون جنيه إسترليني، وفقاً للأدلة التي قدمتها شركات عدّة متضرّرة للحكومة، فيما يُخشى أيضاً أن يكون أحد محركات الطائرة التي هوجمت في برايز نورتون يوم الجمعة قد تضرر بشكل لا يمكن إصلاحه، وقد يكلف استبداله 25 مليون جنيه إسترليني.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية