تفجير كنيسة دمشق... غضب وخشية من انهيار السلم الأهلي
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

لا تزال المشافي القريبة من موقع التفجير الدامي الذي وقع داخل كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة السورية دمشق، مساء أمس الأول الأحد، في حالة استنفار، وتشهد تزاحماً كبيراً ناجماً عن توافد أقارب الجرحى لمعرفة مصير أحبائهم، فيما بدأ أهالي الحي تنظيف الكنيسة، وإزالة آثار الدمار من داخلها ومن محيطها، وسط انتشار واسع لقوى الأمن الداخلي.
وقال بيان لوزارة الداخلية، إن "انتحارياً يتبع إلى تنظيم داعش الإرهابي دخل إلى كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق، حيث أطلق النار على الموجودين، ثم فجّر نفسه بواسطة سترة ناسفة".
يقول السوري لورانس معماري، وهو أحد شهود العيان الذين كانوا في الكنيسة وقت وقوع التفجير، لـ"العربي الجديد": "بدأت الصلاة في الساعة السادسة مساء، وبعد نحو ربع الساعة، دخل شخصان مسلحان، وأطلقا النار على المصلين، ثم سمعنا صوت تفجير. كان المنظر مرعباً، والدماء والجرحى في كل مكان. شاركت شخصياً في نقل عشر جثث، وكان هناك أشلاء متناثرة، وعمت الفوضى المكان، ثم حضر عشرات من سكان المنطقة إلى الكنيسة للمساعدة".
ووفق الأرقام الرسمية، خلف الهجوم الدامي 25 قتيلاً و63 مصاباً نقل معظمهم إلى المشفى الفرنسي، وهو الأقرب إلى موقع الحادث، وقد شهد اكتظاظاً كبيراً نتيجة صغر مساحته، وكذا إلى مشفى المواساة بدمشق، ومن بين القتلى ستة أشخاص من عائلة واحدة.
ويقول إلياس الغانم، وهو من أهالي حي الدويلعة لـ"العربي الجديد": "الحي يضم أغلبية مسيحية، وأحد أبناء عمومتي أصيب في تفجير الكنيسة، ونقل إلى مشفى المواساة، وإصابته متوسطة. الانفجار خلف صدمة كبيرة بين سكان المنطقة، والتي كانت بعيدة عن أجواء الحرب، وهناك مخاوف من المستقبل، ويخشى الناس تكرار استهداف دور العبادة، أو الأقليات، وأن يعود خطر التنظيمات المتطرفة".
وينتقد الغانم التراخي الأمني، ويؤكد أن هناك مسؤولية على حواجز التفتيش، والتي تكتفي بإلقاء السلام على السيارات الداخلة إلى المنطقة، بينما ينبغي عليهم تفتيشها، ويطالب بوقف ما وصفه بـ "استفزازات" يقوم بها بعض غير المسيحيين، رغم علمهم أن المنطقة ذات أغلبية مسيحية.

وأمس الاثنين، دعت مطرانية بصرى حوران وجبل العرب للروم الأرثوذكس، في بيان، إلى إقامة الصلاة على أرواح الضحايا، وأكدت أن "مجزرة مار إلياس أضافت أسماء قديسين جدد إلى لائحة الشهداء". بدورهم، نعى أهالي قرية خربا وقرية جبيب في محافظة السويداء (جنوب)، تسع ضحايا من أبناء القريتين قضوا في التفجير الذي طاول الكنيسة.
يقول الممرض حسن قوجة، من مشفى المواساة، إن "حالة المشفى المتردية لم تسمح باستقبال أعداد كبيرة من جرحى انفجار الدويلعة في وقت واحد. نعاني من نقص كبير في غرف العمليات والتجهيزات، ما دفع إدارة المشفى إلى توزيع الجرحى على مشاف أخرى".
يضيف قوجة لـ"العربي الجديد": "الارتفاع الكبير في أعداد الضحايا يرجع إلى خطورة الإصابات، وبعضها وصلت إلى المشفى في حالة حرجة بسبب حجم الكنيسة الصغير وقوة الانفجار. هناك أيضاً مشكلة تتعلق بنقص احتياطات بنك الدم".
ويخشى كثيرون من تكرار جرائم مشابهة تستهدف أماكن عبادة أو أسواقاً أو مكونات عرقية وطائفية. ويشدد أسامة خضور، وهو أحد سكان حي الدويلعة، على أن "هذا التفجير يعيد السوريين خطوات إلى الوراء، كما يعيد إذكاء مخاطر الاقتتال الطائفي. تحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سورية أمر لا يرضي كثيراً من الأطراف، داخلياً وخارجياً، ولا يمكن في الوقت ذاته إغفال ضعف إمكانات الأجهزة الأمنية وجهاز المخابرات العامة، وتقصير الحكومة في التواصل مع جميع الطوائف والأقليات".

بدوره، يؤكد أنس فوال، وهو من سكان دمشق، أن "هذه التفجيرات تذكرنا بأن التعافي من آثار الحرب لا يزال بعيداً، وأن مكافحة التطرف يجب أن تشمل الجانب الفكري مع الأمني، وأن يتم العمل على خطاب ديني وسطي، فالخطاب المتطرف والمتشدد بات ظاهراً لدى جميع الطوائف في سورية، وهذا أمر يخلف مخاطر كبيرة على المجتمع الذي لم يتعاف بعد من سنوات الحرب".
من جانبها، ترى عبير غندور، وهي من سكان حي القدم بدمشق، أن "هناك إجماعاً كبيراً بين السورين على إدانة هذه التفجيرات، كونها محاولة واضحة لجرنا من جديد إلى دائرة العنف، واستهداف الإخوة. هدفهم إظهار المجتمع السوري متشدداً، أو غير قادر على التعايش، وهذا أمر بعيد عن الواقع".
وبعد ساعات من وقوع التفجير، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، في مؤتمر صحافي، أن "أمن دور العبادة خط أحمر، وسورية اليوم أقوى من أي وقت مضى، ولن تسمح بأي تهديد".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية