الضربات الأميركية على إيران في وقت حرج للاقتصاد العالمي
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

ذكرت قناة (برس تي.في) الإيرانية، اليوم الأحد، أن قرار إغلاق مضيق هرمز مرهون بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، وذلك بعد تقارير أفادت بموافقة البرلمان على هذا الإجراء. وحتى الآن، لم يُحسم قرار إغلاق المضيق الذي يمر عبره حوالي 20% من تدفقات النفط والغاز العالمية. 

وعاد مضيق هرمز إلى واجهة الأحداث مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، وسط تحذيرات من شركات الطاقة وقلق متزايد في أسواق الشحن والتأمين. ويمر عبر المضيق أكثر من 21 مليون برميل من النفط يوميًا، بالإضافة إلى ثلث صادرات الغاز الطبيعي المسال، ما يجعله نقطة اختناق حرجة وحساسة على مستوى العالم. ومع تصاعد التوترات، بدأت شركات الشحن تتجنب المرور عبره، وارتفعت أسعار التأمين على السفن بنسبة تتجاوز 60%.

في المقابل، تعتمد إيران بشكل كبير على مضيق هرمز لتصدير نفطها واستيراد السلع، كما أن أي إغلاق سيؤثر سلبًا على حلفائها، وعلى رأسهم الصين التي تستورد أكثر من 75% من نفط إيران. ويرى محللو "جي بي مورغان" أن إغلاق المضيق قد يكون له تأثير عكسي على الاقتصاد الإيراني، بينما تؤكد "آر بي سي كابيتال ماركتس" أن وجود الأسطول الأميركي الخامس في البحرين يجعل تنفيذ هذا التهديد صعبًا.

وحذرت مؤسسات مالية واقتصادية من انعكاسات خطيرة على أسواق الطاقة العالمية، لا سيما إذا تطورت الأزمة إلى تعطيل الإمدادات أو إغلاق المضيق الحيوي. وفي أولى ردود الفعل، قالت شركة Potomac River Capital إن التوترات الإقليمية الأخيرة قد تسهم في بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة، وسط مخاوف متزايدة من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة مفتوحة. وفي حال تحقق السيناريو الأخطر بإغلاق المضيق، فقد تتجاوز أسعار النفط الخام حاجز 130 دولارًا للبرميل، وفقًا لما ذكره زياد داود وتوم أورليك وجينيفر ويلش. هذا السيناريو قد يؤدي إلى رفع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي (CPI) إلى نحو 4% خلال الصيف، ما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي وبنوكًا مركزية أخرى إلى تأجيل خطط خفض الفائدة.

كما أشارت "بلومبيرغ" إلى أن أي تعطل في الملاحة عبر مضيق هرمز سيؤثر بشكل كبير على سوق الغاز الطبيعي المسال، إذ تُعد قطر، التي تمثل نحو 20% من تجارة الغاز المسال العالمية، معتمدة كليًا على هذا الطريق التصديري، ما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز في أوروبا إذا أُغلق المضيق.وتأتي الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة واستهدفت ثلاث منشآت نووية أساسية في إيران في وقت دقيق يشهده الاقتصاد العالمي، حيث أصبحت التوقعات الاقتصادية مرتبطة إلى حدّ كبير بردّ طهران المرتقب.

فقد خفّضت مؤسسات مالية كبرى، من بينها البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي، تقديراتها لنمو الاقتصاد العالمي خلال الفترة الأخيرة. وأي ارتفاع ملحوظ في أسعار النفط أو الغاز الطبيعي، أو أي اضطراب في حركة التجارة نتيجة تصعيد إضافي، سيزيد الضغط على الاقتصاد العالمي. وتزداد تعقيدات المشهد مع اقتراب انتهاء فترات تعليق الرسوم الجمركية التي فرضها سابقًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمعروفة بـ"الرسوم المتبادلة"، ما ينذر بارتفاعات محتملة في الرسوم الجمركية خلال الأسابيع المقبلة. وفي حال طال أمد التصعيد في الشرق الأوسط، فمن المرجح أن يظهر الأثر الأكبر على الاقتصاد العالمي من خلال صعود أسعار النفط.

وسجّل أحد المنتجات المالية المشتقة، الذي يتيح للمستثمرين المراهنة على تقلبات أسعار النفط، قفزة بنسبة 8.8% في "أسواق آي جي" خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد الضربة الأميركية. وفي حال استمر هذا المنحى، يتوقّع توني سيكامور، الاستراتيجي في "IG"، أن تبدأ عقود خام غرب تكساس الوسيط التداول عند نحو 80 دولارًا للبرميل.

من جانبهم، ذكر محللو "بلومبيرغ إيكونوميكس"، ومن بينهم زياد داود، في تقرير نُشر حديثًا: "نتطلّع إلى كيفية رد إيران، إلا أن الضربة الأميركية على الأرجح ستدفع بالأحداث نحو مزيد من التصعيد، ما يعزز مخاطر ارتفاع أسعار النفط ويدفع بالتضخم نحو مستويات أعلى". وتبدو التطورات القريبة حاسمة، خصوصًا في ضوء تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي وصف الهجمات الأميركية بـ"الشنيعة"، محذرًا من أنها ستخلّف تداعيات مستمرة.

وأكد أن بلاده تحتفظ بالخيارات كافة للدفاع عن سيادتها ومصالحها، في إطار ما يتيحه ميثاق الأمم المتحدة. وترجّح "بلومبيرغ إيكونوميكس" ثلاثة سيناريوهات رئيسية محتملة لرد طهران، تشمل، تنفيذ هجمات ضد أفراد أو مصالح أميركية في المنطقة، ضرب منشآت الطاقة الإقليمية، وإغلاق مضيق هرمز عبر الألغام أو مضايقة السفن.

وفي حال تحقق السيناريو الأكثر تشددًا والمتمثل في إغلاق مضيق هرمز، فقد يرتفع سعر برميل النفط إلى ما يزيد عن 130 دولارًا، بحسب ما أفاد به زياد داود وتوم أورليك وجنيفر ويلش. ومن شأن ذلك أن يدفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة إلى الاقتراب من مستوى 4% خلال الصيف، ما قد يعرقل خطط الاحتياط الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى لخفض أسعار الفائدة. ويُشار إلى أن حوالي 20% من إمدادات النفط اليومية العالمية تمر عبر مضيق هرمز، الفاصل بين إيران ودول الخليج العربي، كالسعودية، بحسب ما نقلته "بلومبيرغ".

التفاعلات الدولية وتباين المواقف الجيوسياسية

أثارت الضربات الأميركية على إيران ردود فعل متباينة على المستوى الدولي، إذ عبّرت دول الاتحاد الأوروبي عن قلقها العميق من انهيار المسار الدبلوماسي، ودعت إلى ضبط النفس لتفادي التصعيد، في حين اعتبرت روسيا والصين أن واشنطن انتهكت القانون الدولي، محذرتين من تداعيات أمنية قد تتجاوز حدود الشرق الأوسط. أما دول الخليج، فقد تبنّت مواقف حذرة، عبّرت من خلالها عن تفهّم للخطوة الأميركية في إطار الردع، مع التحذير في الوقت نفسه من اتساع رقعة المواجهة بما يهدد أمن المنطقة برمتها.

وقد ظهرت هذه التباينات بوضوح خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن، حيث برز انقسام حاد بين الدول الأعضاء حول المسؤوليات وحدود التدخل الدولي. في المقابل، تنامت الدعوات إلى تحرّك دبلوماسي عاجل لإعادة ضبط التوتر، وسط غياب مؤشرات واضحة على وجود مسار سياسي بديل للأزمة.

ورغم تحول الولايات المتحدة إلى مصدر صافٍ للنفط، فإن ارتفاع أسعار الخام قد يفاقم التحديات الاقتصادية لديها. وكان الاحتياط الفيدرالي قد خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي للعام الجاري من 1.7% إلى 1.4%، مع الأخذ في الاعتبار تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. وعلى الجانب الآخر، فإن الصين، كونها أكبر مستورد للنفط الإيراني، ستكون من بين الأكثر تضررًا من أي خلل في تدفق الإمدادات، رغم أن مخزوناتها النفطية قد تمنحها هامش حماية مؤقت.

التشابك الجيوسياسي وتحولات النظام الدولي

لا يمكن فصل التصعيد الأميركي–الإيراني عن السياق الجيوسياسي العالمي الأوسع، إذ يأتي في وقت يتفاقم فيه الصراع في أوكرانيا، وتتزايد فيه التوترات في بحر الصين الجنوبي، وتعود فيه النزعات الحمائية إلى السياسات التجارية العالمية. ويخشى مراقبون من أن فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط سيؤدي إلى تشتيت الموارد السياسية والعسكرية للولايات المتحدة، ما يمنح الصين وروسيا فرصًا أوسع لتعزيز نفوذهما الاستراتيجي.

في هذا الإطار، من المرجّح أن تعمد إيران إلى تعميق شراكاتها مع موسكو وبكين لكسر عزلتها وتعويض أي خسائر اقتصادية، خصوصًا في مجالي الطاقة والتكنولوجيا. ويؤشر هذا التداخل بين الأزمات إلى أن المواجهة الحالية لم تعد إقليمية الطابع فقط، بل تحمل في طيّاتها ملامح أزمة دولية متعددة الأطراف، قد تسهم في إعادة تشكيل النظام العالمي على أسس أكثر استقطابًا وحدّة.

(بلومبيرغ، العربي الجديد)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية