القضاء العسكري... حل أم مشكلة؟
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

تعمل الحكومة السورية على إعادة بناء مؤسسة القضاء العسكري، بهدف ضبط المخالفات والانتهاكات التي يقوم بها منتسبو المؤسسة العسكرية في البلاد، وإنشاء محاكم عسكرية خاصة بهم. وتم بالفعل استدعاء عناصر وضباط منشقين عن القضاء العسكري التابع للنظام السابق بالإضافة إلى عناصر وضباط من الشرطة العسكرية والقضاء العسكري الذين كانوا يعملون ضمن ملاك "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا. وتم إجراء مقابلات معهم وفرز المقبولين منهم لدورات مكثفة تمهيداً لإلحاقهم بالقضاء العسكري المزمع إنشاؤه.

إلا أن آلية عمل هذه المؤسسة لم تتضح بعد لناحية المهام الموكلة إليها ومدى قدرتها على تنفيذ تلك المهام، إذ إن الصلاحيات التي سيتمتع بها هذا القضاء هي الفيصل في تحديد مدى فعالية هذه المؤسسة وقدرتها على الحد من الانتهاكات التي يقوم بها عناصر وأحياناً فصائل من منتسبي وزارة الدفاع بحق مواطنين سوريين بدوافع خارج إطار المهام الموكلة لهم.

نجاح القضاء العسكري الجديد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنجاح وزارة الدفاع في إعادة هيكلة كاملة لمنتسبيها، ودمج الفصائل التي لا يزال عناصرها يقدّمون ولاءهم لقائد الفصيل على الولاء للمؤسسة العسكرية. وبموجب الواقع الحالي قد يتمكن هذا القضاء وبصعوبة من ضبط المخالفات المسلكية التي تتعلق بمخالفة قواعد اللباس والتخلف عن الدوام وغيرها، إلا أنه من غير المتوقع أن يتمكن من محاسبة قائد فصيل ارتكب انتهاكاً أو حتى عنصر يقف خلفه فصيل عسكري. وشهد الشمال السوري تجربة للشرطة والقضاء العسكريين ضمن بيئة مشابهة، وكانت مجموعة فصائل "الجيش الوطني" تتبع شكلياً لوزارة الدفاع، فكانت الشرطة العسكرية والقضاء العسكري بلا فاعلية تذكر وبمثابة كبش فداء يتم الاعتداء عليها من قبل الفصائل المختلفة. كما أدت الفزعات العشائرية والمناطقية إلى تقليص دور القضاء العسكري.

كل ذلك يتطلب من الحكومة السورية تغليب منطق الدولة، والابتعاد عن حل المشاكل بمنطق الفزعات العشائرية والمناطقية، وإعطاء سلطات واسعة للقضاء، وتقليص نفوذ القادة العسكريين خارج إطار مهامهم، فذلك السبيل الوحيد لنجاح القضاء العسكري والمؤسسة العسكرية ككل، وإلا سيتحوّل القضاء العسكري إلى مشكلة جديدة تضاف لمشاكل وزارة الدفاع المزمنة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية