حملة تحريض رقمي وخطاب كراهية... كيف غذّت حسابات وهمية الانقسام السياسي في اليمن؟
تدقيق حقائق
منذ 14 ساعة
مشاركة
شهدت منصة إكس (تويتر سابقا) مطلع يونيو 2025، تصاعد حملة رقمية حملت طابعا تحريضيا بارزا ضد حزب الإصلاح اليمني، تحت وسم #الاخوان_خطر_على_الجنوب، حيث استهدفت الحملة مكونات سياسية تنتمي إلى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في وقت دقيق تشهد فيه البلاد دعوات رسمية لتوحيد الصفوف ضمن مجلس القيادة الرئاسي.هذا التحقيق الرقمي، الذي أعده فريق منصة "مُسند" والذي استمر تتبع الحملة ومراقبة النشر حولها والحسابات النشطة فيها مدة شهر كامل ,يكشف خفايا الحملة الرقمية التي تصاعدت عبر حسابات وهمية، ويهدف إلى تتبع مسار التحريض وتعزيز الانقسام، ونشر خطاب الكراهية بشكل ممنهج، واستخدامه كسلاح في الصراع السياسي الداخلي لليمن.تحريض موجه وتخوين سياسيتضمنت الحملة خطابا عدائيا ضد حزب الإصلاح، وهو مكون شريك في الحكومة المعترف بها دولياً ويمتلك حقائب وزارية متعددة ويعتبر شريك أساسي في الحكومة. الحملة وصفت الحزب بـ "الإرهابي" و"العميل للحوثيين"، واعتبر سببا لزعزعة الأمن في الجنوب. تكررت في سحابة الكلمات المصاحبة عبارات مثل "الأخونج"، "زعزعة"، "الفتن"، "المناطقية"، "الدينية"، في محاولة لإضفاء طابع أمني على الحملة.حسابات وهمية في واجهة المشهدبدأت الحملة في 2 يونيو 2025 عبر تغريدة أولى من حساب يدعى "عبد العزيز العامل"، وهو حساب وهمي أُنشئ في يناير 2023، معروف بتوجيه حملات رقمية منظمة سابقة.لاحقًا تصدرت الحملة حسابات تحمل أسماء غير موثقة أو مستعارة مثل:"سالم الخليفي""مغرد جنوبي""أبو القاسم""مروان الحريري"وكان أكثرها نشاطا حساب وهمي باسم "بن بريك" الذي (أنشئ في 10 يناير 2024)،حيث يحتوي الحساب على 12,181 تغريدة.يليه حساب "أبو أمير" الذي غير اسمه سابقًا من "أبو نواف"، وبلغ عدد التغريدات فيالحساب أكثر من 32,380 تغريدة، متصدرا التفاعل العام في الحملات.تضخيم اصطناعي وبيانات تثير الشكلم يكن انتشار الحملة طبيعيا؛ حيث أظهرت البيانات أن نسبة إعادة التغريد والاقتباسشكلت 7.82% فقط من المحتوى، مما يشير إلى وجود تضخيم رقمي يثير الشك.بلغ الوصول التقديري للحملة 44.6 مليون مستخدم في ظرف يومين فقط، بمعدل 4.35% تغريدة لكل مستخدم نشط.نشاط خارجي مشبوه: من يقف وراء الدعم؟التحليل الجغرافي للحملة أظهر مشاركة غير مألوفة من بلدان مثل:الإمارات: (حساب أبو أمير – بن بريك – نورا المطري – احمد الحربي – محمد النقيب)الكامرون:كوريا الشمالية: كيم جونغ اونالسعودية: فواز العمودي – ماجد اليافعي – السيبانية)معظم الحسابات الوهمية لم تكن تستخدم صورا حقيقية للحسابات ذاتها، بل استعار بعضها صورالقادة سياسيين في المجلس الانتقالي الجنوبي وأمراء خليجيين، ما يوحي بمحاولة تضليل وانتحال هوية لدعمرواية انفصالية تساند الحملة التي تروجها لمغالطة الجهور.مشاعر الكراهية تهيمنوفق تحليل مشاعر التغريدات المرتبطة بالحملة: تبين أن 94.03% كانت سلبية بالكامل بما يعادل 4145 تغريدة تحتوي على كلمات (تحريض، كراهية، تخوين). فيما كانت 64 تغريدة إيجابية بحسب نتائج التحليل لأداة ميلتوتر، و 188 تغريدة محايدة.• حملة سابقة في مايو: تكرار لخطاب الانفصالفي مايو 2025، سبق هذه الحملة وسم #الذكرى_31_لفك_الارتباط، الذي دعا للانفصال شمالا وجنوبا، وبلغ ذروتهفي 20 مايو بـ 23,000 تغريدة من أصل 44,500 خلال خمسة أيام؛93% من المحتوى كان إعادة نشر، سيطرت عليه اللغة العاطفية دون الاعتماد على الحقائق.• أنماط التضليل والتحريض في الحملاتفي أغلب الحملات التي تطلقها جهات تابعة للانتقالي الجنوبي لوحظ التزامن في نشر للتغريدات بفارق ثوان قليلة، وتطابقها في النص.كذلك لوحظ تضخيم غير عضوي، بمعنى إعادة نشر متسلسل يفوق المعدلات الطبيعية.• تفاعل مكثف من دول غير معنية مباشرة(السعودية – الكاميرون – الولايات المتحدة الامريكية – بريطانيا- الإمارات)انتحال الهوية: صور رموز سياسية تُستخدم لتوجيه الحملة دون علمهم وهو ما تهدف له الحملة المنظمة من حيث التأثير على المتلقي، وإقناعه بأن من في الصورة من شخصية سياسية معروفه لها صلة بما تتحدث عنه التغريدة.لاحقا انطلقت حملة رقمية تحريضية بتاريخ 5 يونيو 2025 موجهة ضد محافظة مأرب (الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها) تزعمتها الحسابات السابقة ذاتها، إضافة إلى حسابات أخرى. وتزامنت تلك الحملة مع اندلاع اشتباكات بين قوات عسكرية وأمنية مع عناصر تخريبية تابعة لجماعة الحوثي بحسب البيان الذي أصدرته اللجنة الأمنية بمحافظة مأرب.وبعملية الرصد التي تمت من خلال المصادر المفتوحة وتحليل البيانات واستخدام أداة (meltwater.)، رصد فريق منصة "مُسند" المواد المرافقة لحملة الشائعات من الفيديوهات والصور.وتبين أن الفيديوهات المتداولة مضللة، واستخدمت لترويج الشائعات والتحريض وبث الكراهية، وكانت منصة "مُسند" نشرت أخبارا تكشف فيها محاولات التضليل.منهجية التحليل:اعتمد فريق منصة "مُسند" في عملية جمع وتحليل وتتبع الحملات، على أداة تتبع الوسوم (meltwater)، وتحليلها باستخدام برنامج Gephi لرصد ترابط الشبكات الرقمية. واعتمد الفريق على تحليل المشاعر عبر أدوات meltwater)) Sentiment Analyzer NLP (Natural Language Processing) المخصصة للغة العربية. أما التفاعل الجغرافي، فتم تحليله عبر قاعدة بيانات IP وبيانات الوقت الحقيقي للتفاعل.تم رصد الحسابات المتكررة ذات السلوك الوهمي (Bot-like behavior) بناء على:-       معدل النشر المتكرر.-       نسبة إعادة التغريد مقابل التغريدات الأصلية.-       تاريخ إنشاء الحساب وصورة الملف الشخصي.• خلاصة واستنتاج:تكشف نتائج هذا التحقيق أن حملة #الاخوان_خطر_على_الجنوب وغيرها العديد من الحملات التي سبقتها لم تكن تعبيرا حرا عن رأي عام، بل امتدادًا لنمط من الحملات الرقمية الممنهجة، التي تقودها شبكات وهمية بتنسيق خارجي وهدف سياسي مباشر: تعزيز خطاب الانقسام والكراهية داخل الشرعية اليمنية.بغياب التحقق، ومع تضخم الحسابات المزيفة، تتحول منصات التواصل إلى أدوات تضليل، تخدم قوى تسعى لتغيير الواقع السياسي عبر الذكاء 

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية