
من بين أبرز القرارات المسيئة التي اتّخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الثانية التي استهلّها في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، منع مواطني 12 دولة من دخول بلاده، عبر مرسوم أصدره في 5 يونيو/ حزيران الجاري، وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" في 15 يونيو، استناداً إلى مذكرة أصدرتها وزارة الخارجية الأميركية، أن واشنطن تدرس تقييد دخول مواطني 36 دولة إضافية، من بينها 25 أفريقية، تضم مصر وجيبوتي، ما يُمثل توسعاً كبيراً لحظر السفر.
وخلال ولايته الأولى، حظر ترامب في عام 2017، دخول مواطني دول ذات غالبية مسلمة، ما أثار احتجاجات وطعوناً قانونية، أجبرت إدارته على إجراء مراجعات، خصوصاً أن المحاكم قضت بأن الحظر "غير قانوني"، وأيدت المحكمة العليا نسخة منقحة لقرار الحظر في عام 2018، الذي ألغاه الرئيس السابق جو بايدن فور تنصيبه في عام 2021، ووصفه بأنه "وصمة عار على ضميرنا الوطني"، في حين اعتبره محلّلون "سياسة غير فعّالة".
ولم تشهد الأيام الأخيرة تحركات كثيرة ضد مرسوم حظر دخول رعايا 12 دولة، هي أفغانستان وميانمار وتشاد وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن، ويتوقع مراقبون أن يواجه القرار طعوناً قانونية أقل مقارنة بقرار الولاية الأولى لترامب. ويعزو أستاذ القانون بجامعة جورج تاون، ستيفن فلاديك، هذا إلى أنّ "ترامب تعلّم دروساً من تجربته السابقة ما جعل قراره الحالي أكثر دقة".
واللافت أنّ القرار الجديد صدر بعدما هاجم مصري يدعى محمد صبري سليمان حمّل تأشيرة دخول منتهية الصلاحية، في الثاني من يونيو، بقنابل حارقة مؤيدين لإسرائيل في بولدر في منطقة بيرل ستريت بولاية كولورادو، وتسبب في جرح ثمانية أشخاص.
ويوضح مرسوم قرار إدارة ترامب أن "كل الدول المحظورة شهدت معدلات مرتفعة لتجاوز مدة الإقامة المسموح بها لتأشيرات الأعمال/ السياحة والطلاب"، ويتحدث عن بعض الدول التي يشملها الحظر، ويقول إن "أفغانستان تخضع لسيطرة حركة طالبان المصنفة إرهابية في العالم، وتفتقر إلى سلطة مركزية ذات كفاءة أو متعاونة لإصدار جوازات سفر أو وثائق مدنية، وإلى إجراءات مناسبة للفحص والتدقيق، كما أنها لم تتعاون تاريخياً مع الولايات المتحدة لإعادة مواطنيها المُرحَّلين".
وبالنسبة إلى تشاد فيرى أنها تجاهلت على نحوٍ صارخ قوانين الهجرة الأميركية، أما إريتريا فهناك شكوك في اختصاص السلطة المركزية بإصدار جوازات السفر أو الوثائق المدنية، وتوفير سجلات جنائية للمواطنين. وبالنسبة إلى هايتي تدفق مئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة خلال إدارة بايدن، ما أضرّ بالمجتمعات الأميركية من خلال خلق مخاطر حادة على صعيد تأسيس شبكات إجرامية.
ويصف المرسوم إيران بأنها "دولة راعية للإرهاب تمتنع بانتظام عن التعاون مع حكومة الولايات المتحدة في تحديد المخاطر الأمنية، وقد امتنعت تاريخياً عن قبول عودة مواطنيها المُبعدين"، واعتبر أنْ لا "سلطة مركزية مختصّة أو متعاونة في ليبيا لإصدار جوازات السفر أو الوثائق المدنية، ويُفاقم الوجود الإرهابي التاريخي في أراضيها المخاطر من دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة، أما الصومال فينبع تهديد إرهابي مُستمر من أراضيها، وصنّفت الولايات المتحدة الصومال دولةً إرهابية. بدوره أصبح اليمن مسرحاً لعمليات عسكرية أميركية نشطة".
واللافت أنّ العديد من الدول المحظورة أميركياً تصنّف بين الدول الأكثر عرضة لخطر حالات الطوارئ الإنسانية، وتحتل السودان المركز الأول في قائمة لجنة الإنقاذ الدولية لمراقبة الطوارئ، وتحتل ميانمار المركز الثالث، وهايتي في المركز الثامن، والصومال في المركز العاشر، وبعدها أفغانستان وتشاد واليمن.
ويؤكد ناشطون ومسؤولون في منظمات إنسانية، أنّ "الحظر سيكون له آثار بعيدة المدى على حياة كثيرين، سواء في الولايات المتحدة أو حول العالم، وهو تراجع آخر عن القيم الأميركية بعد الأمر التنفيذي الذي أوقف إعادة توطين اللاجئين إلى أجلٍ غير مسمى".
ويلفت هؤلاء إلى أنه "في وقت يواجه المجتمع الدولي أكبر أزمة لاجئين على الإطلاق، في ظل تشريد الصراعات في أماكن مثل أوكرانيا والسودان الملايين، تشتد الحاجة إلى إعادة التوطين وسبل أخرى للوصول إلى بر الأمان، ما يحتّم توفير الولايات المتحدة اللجوء وليس إغلاق أبوابها أمامهم، وإظهار التمييز الضارّ. ومن المؤسف جداً أن يصبح هذا النوع من السياسات أمراً طبيعياً".
(العربي الجديد)
