طائرة سكاي ليرة الكهربائية... ابتكار لبناني يسعى للعالمية
عربي
منذ 7 ساعات
مشاركة

في زمن اليأس العام، وبينما تتهاوى القطاعات تباعاً في دولة منهكة، يطلّ مهندس لبناني من قلب العتمة بابتكار يُشبه الخيال. في معرض "صُنع في لبنان 2025" الذي أُقيم في مايو/أيار الماضي، فاجأ هشام حسامي الجمهور بنموذج "سكاي ليرة"، أوّل سيارة طائرة كهربائية مُبتكرة في لبنان، والأولى من نوعها في العالم العربي. مشهد الطائرة المعروضة كان أشبه برؤية من المستقبل، لكنّها مصنوعة بالكامل في حاضرٍ مأزوم وبإمكانات فردية.

من "ليرة" إلى "سكاي ليرة"

هشام حسامي ليس اسماً جديداً في ميدان الابتكار الصناعي. في مطلع 2023، صنع أوّل سيارة كهربائية لبنانية وأطلق عليها اسم "ليرة". كان المشروع آنذاك تحدياً بحدّ ذاته، لكن الرجل لم يتوقف. في أقل من عامين، انتقل من الأرض إلى السماء.

"سكاي ليرة" ليست مجرّد مركبة طائرة. إنها نظام نقل مستدام مصغّر، بسرعة تصل إلى 130 كيلومتراً في الساعة، وبإمكانها التحليق لمسافة 40 كيلومتراً دون توقف. الطائرة مزوّدة بثمانية محرّكات، ما يمنحها أماناً إضافياً، ففي حال تعطّل أحد المحركات، تبقى قادرة على الاستمرار بالمحرّكات السبعة المتبقية. أما المفاجأة الأكبر، فهي سهولة قيادتها. بحسب حسامي، "أي شخص يمكنه تعلم قيادتها خلال دقائق".

المفارقة أن هذا المشروع، رغم تعقيده التقني، صمّم ونفّذ وموّل بالكامل من قبل حسامي شخصياً. كل القطع التي استخدمها مستوردة، ومن دون أي دعم أو شراكة. يقول إن الطائرة أصبحت جاهزة خلال شهرين فقط. وبرغم ذلك، لا يخفي خيبته من غياب الدولة اللبنانية، لا لجهة التمويل فحسب، بل حتى في أبسط الأمور: "حتى الآن لا أملك إذناً لتجربة الطائرة. لا أريد شيئاً من الدولة، يكفوا أن يسهلوا عليّ الحصول على التراخيص".

في بلد تُغلق فيه أبواب الدعم البحثي والصناعي، يبقى هذا المشروع دليلاً صارخاً على أن الكفاءة الفردية قادرة على إحداث فرق، حتى من دون مؤسسات.

طموح عالمي

يراهن هشام حسامي على انطلاقة عالمية لابتكاره في غضون خمس سنوات، ويعمل على تسويقه وتصديره إلى الخارج، واضعاً اسم لبنان على خريطة الابتكار العالمي. بالنسبة له، "سكاي ليرة" ليست مجرّد طائرة، بل "علامة فارقة" في تاريخ الصناعة اللبنانية، وبداية محتملة لعصر جديد من النقل الذكي والمستدام في المنطقة.

تتجاوز أهداف حسامي حدود الطموح الفردي، فهو يرى في "سكاي ليرة" مشروعاً إنمائياً قادراً على تحريك العجلة الاقتصادية وفتح آفاق عمل جديدة، وتحويل لبنان من بلد مستهلك إلى بلد منتج ومُبتكر. يقول بثقة: "لبنان يحتاج لهذا النوع من المشاريع".

تُقدّر كلفة بيع "سكاي ليرة" بحوالي 50 ألف دولار داخل لبنان، وترتفع إلى نحو 65 ألف دولار عند تصديرها إلى الخارج. وتكمن أهميتها في وظيفتها وسيلة نقل سريعة، خصوصاً لنقل المرضى في الحالات الطارئة أو في المناطق النائية، فضلاً عن كونها وسيلة صديقة للبيئة تُساهم في تقليل الانبعاثات والحدّ من الاعتماد على الوقود الأحفوري، بما ينسجم مع الاتجاهات العالمية نحو الاستدامة.

قد يبدو المشروع طموحاً إلى حدّ الاستحالة في بلد بالكاد يدير مطاراته، ولا يمتلك قاعدة صناعية متماسكة. لكن هذه المفارقة تحديداً هي ما يجعل تجربة هشام حسامي لافتة، بل استثنائية، فهي تذكير حيّ بأن الطموح الفردي في لبنان لم ينطفئ بعد، وأن الحلم لا يزال قادراً على التحليق، حتى من دون إذن رسمي.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية