هكذا ستتضرر صناعة السلاح الإسرائيلية جراء صفعة معرض باريس الجوي
عربي
منذ 9 ساعات
مشاركة

في خطوة غير مسبوقة تعكس تصاعد التوتر بين باريس وتل أبيب، أغلقت السلطات الفرنسية أجنحة أربع شركات دفاعية إسرائيلية كبرى في اليوم الأول من معرض باريس الجوي لعام 2025. وكشف مسؤول في وزارة الأمن الإسرائيلية لوكالة رويترز، اليوم الاثنين، أنّ توجيهات صدرت من جهة أمنية فرنسية عليا طالبت فيها المشاركين بعدم عرض أي أسلحة هجومية أو حركية في قاعات العرض المفتوحة للزوار. وأوضح أنّ الشركات الإسرائيلية لم تمتثل لهذه التوجيهات، ما أدى إلى تدخل السلطات بشكل مباشر وإغلاق الأجنحة المخالفة. وقال متحدث باسم شركة جيفاس، المنظمة للمعرض، إنّ بعض الأجنحة أغلقت، لكنه أحجم عن الإدلاء بمزيد من التعليقات.

وشمل القرار الفرنسي كلاً من شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، ورافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة، وإلبيت للأنظمة، وهي من أكبر مزودي السلاح في المنطقة، وهي أيضاً شركات مدرجة في بورصات عالمية، وتعد استثماراتها في الابتكار العسكري عالية التكلفة وتعتمد على تدفق مستمر للعقود الخارجية لضمان العائد المالي والتدفقات النقدية، وأي خلل في قدرتها على الوصول إلى الأسواق الأوروبية، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة من شركات دفاع تركية وكورية وصينية، قد يؤثر على تقييمها الاستثماري ويضغط على أسعار أسهمها.

ضربة اقتصادية مدوية

ويشكل إغلاق أجنحة أربع شركات دفاعية إسرائيلية كبرى في اليوم الأول من معرض باريس الجوي، ضربة اقتصادية مدوية لصناعة السلاح الإسرائيلية، التي تعتمد على المعارض الكبرى نافذةً استراتيجية لاقتناص العقود والتوسع في الأسواق الأوروبية. فمعرض باريس لا يعد مجرد منصة استعراضية، بل هو نقطة التقاء رئيسية لمئات الوفود العسكرية والمشترين من أكثر من 80 دولة، تمثل في مجملها مليارات الدولارات من الإنفاق العسكري.

وتقدر القيمة السنوية لصادرات الصناعات الدفاعية الإسرائيلية بنحو 13 مليار دولار وفق بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية لعام 2024، تشكل الأسواق الأوروبية منها قرابة 25%. وتعد فعاليات مثل معرض باريس الجوي أساسية للترويج للأنظمة الدفاعية الجديدة، خاصة في قطاعات الطائرات بدون طيار، أنظمة الليزر، والدفاعات الجوية، التي أصبحت محط اهتمام عالمي في ظل تصاعد التهديدات غير التقليدية. ما يعني أن حرمان هذه الشركات من العرض المباشر أمام المشترين المحتملين قد يؤدي إلى خسائر عقود واتفاقيات يصعب تعويضها لاحقاً.

من الناحية التجارية، فإن غياب الشركات الإسرائيلية عن منصات العرض لا يقتصر على تراجع المبيعات المحتملة فقط، بل يمتد إلى فقدان فرص شراكات استراتيجية مع شركات تصنيع أوروبية وأميركية حاضرة في المعرض، وكثير من هذه الشراكات تبدأ بمحادثات على هامش مثل هذه الفعاليات، ثم تتطور إلى مشاريع بحث وتطوير مشترك، أو نقل تكنولوجيا، أو تصنيع مرخص، وحرمان الشركات الإسرائيلية من هذه المنصة يمثل تجميدا مؤقتا لهذه الفرص المحتملة.

توقيت حرج 

ويأتي القرار الفرنسي في توقيت حرج وحساس للغاية، إذ يتزامن مع تصاعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، والتي شهدت ضربات إسرائيلية جوية مكثفة ضد منشآت عسكرية إيرانية، وردوداً إيرانية تمثلت في وابل من الصواريخ والطائرات المسيرة. وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، اختارت الشركات الإسرائيلية الاستمرار في المعرض بوفود محدودة بعد إلغاء بعض الفعاليات، منها مؤتمر صحافي حول تقنيات الليزر كانت شركة رافائيل تعتزم تنظيمه. وأكدت الشركات الإسرائيلية أن مشاركتها كانت تهدف إلى الحفاظ على زخم العلاقات مع الشركاء الأوروبيين، وفتح قنوات بيع جديدة بعد إبرام صفقات مهمة مؤخرا مع دول مثل فنلندا ورومانيا. إلا أن الإغلاق المفاجئ بدد هذه التطلعات مؤقتاً.

أهمية معرض باريس الجوي

وتنطلق اليوم الاثنين فعاليات معرض باريس الجوي الذي ينظم كل عامين في مطار لوبورجيه شمال العاصمة الفرنسية، وهو أقدم ملتقى في مجال صناعة الطيران والدفاع بالعالم، وأكبر معرض في هذا المجال من حيث عدد الزوار والصفقات. ومن المقرر أن يفتتح فعالياته رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو خلال مراسم تتضمن تكريماً للنساء العاملات في مجال صناعات الطيران والفضاء. ويشارك في المعرض أكثر من 2400 جهة عارضة من أكثر من 50 دولة، بما في ذلك كبريات شركات الدفاع والتقنية والفضاء. كما يعتبر الحدث منصة مركزية لعقد صفقات تجارية تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات في كل دورة.

ويمتد تأثير المعرض إلى ما هو أبعد من الصفقات المباشرة، إذ يشكل ملتقى استراتيجيا للمشترين الحكوميين، ووكلاء الدفاع، وشركات الصناعات المتقدمة، ومراكز البحث. وتحظى كل دورة بتغطية إعلامية واقتصادية ضخمة، ويتم فيها الكشف عن أحدث الابتكارات في الطائرات المقاتلة، والطائرات بدون طيار، ومحركات الدفع النفاث، والتقنيات الدفاعية السيبرانية. لذلك فإن التواجد في المعرض يعني - حرفيا - الوصول إلى مركز القرار العسكري والاستثماري في العالم.

ومن الناحية الاقتصادية، تؤثر مشاركة الشركات في المعرض بشكل مباشر على سمعتها السوقية وقيمتها الاستثمارية وتوسعاتها الإقليمية. فوجود جناح فعال في باريس يمنح الشركات نقاط اتصال مع الوفود الرسمية وممثلي وزارات الدفاع من آسيا، وأفريقيا، وأوروبا الشرقية. كما يعد توقيع العقود داخل المعرض مسألة رمزية تستخدم لاحقاً في تسويق الصفقات إعلامياً وعلى صعيد الأسهم. وبالتالي فإن غياب أي شركة عن المعرض - سواء طوعاً أو قسراً- يعد خسارة مضاعفة للفرص والمكانة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية