السودان.. الفن التشكيلي منذ بداياته
عربي
منذ 8 ساعات
مشاركة

تشكّل سنة 1946 نقطة التحوّل الأساسية نحو حداثة الفن السوداني، مع إنشاء مدرسة التصميم في كلية جوردون التذكارية بالخرطوم على يد الرسام الاسكتلندي الفرنسي جان بيير غرينلو، والتي خرّجت فنانين تبنّوا المعاصرة ضمن رؤى سعت إلى استلهام التراث، بموازاة تيارات متشابهة ظهرت في عدد من البلدان العربية آنذاك. 

لحظة التأسيس هذه يستعيدها معرض "السودان: سرد فني بصري، معرض للفنانين الرواد" الذي افتتح في مؤسسة ألماس للفنون بلندن، في السادس من الشهر الجاري ويتواصل حتى الثالث عشر من الشهر المقبل، ويضمّ أعمالاً لم يكن من السهل الوصول إليها في ظل الحرب الدائرة، كما أوضح بيان المنظّمين.

ويلفت البيان ذاته إلى أن المكتبة السودانية تفتقر إلى الكتب التي توثق وتؤرخ لحركة الفنون التشكيلية، باستثناء عدد قليل من المؤلّفات التي ترصد المشهد بشكل عام أو تتخصص في فنان معين، وفي مقدّمتها كتاب "الفن التشكيلي في السودان" (المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2004) والذي صدرت ترجمته الإنكليزية بالتزامن مع هذا المعرض حيث يتوفّر نسخ منها. 

تعكس الأعمال المعروضة مساهمة هؤلاء الرواد في تطوير حركة الفن الأفريقي المعاصر، بتنوّع مواضيع اشتغالاتهم والمستمدّة من المناظر الطبيعية والثقافة الشعبية بشكل أساسي، وكذلك وسائط تعبيرهم التي راوحت بين الرسم والنحت والحفر والطباعة والخزف، بدءاً من مدرسة الخرطوم التي دعا أعضاؤها إلى توظيف عناصر الفنون الإسلامية من زخرفة وهندسة وحروفيات إلى جانب رموز من الميثولوجيا السودانية القديمة عناصرَ تشكيلية في لوحتهم المسندية، في سياق التعبير عن خطاب حركات التحرر ضد الاستعمار التي سادت القارة الأفريقية ومعظم بلدان العالم الثالث في خمسينيات القرن الماضي.

يشتمل المعرض الذي يشرف عليه القيمان فتحي عثمان ويافل مبارك، على لوحات لعدد من أبرز فناني مدرسة الخرطوم، وفي مقدّمتهم عثمان وقيع الله (1925 – 2007) الذي استندت تجربته إلى الخط عبر تشكيلات حروفية معاصرة بعيداً عن وظائفه التقليدية، ستترك تأثيرها غير المباشر على تلامذته ومنهم إبراهيم الصلحي (1930) وأحمد شيرين (1931)، إذ اهتمّ الأول بالأشكال الزخرفية في الثقافة الأفريقية وولّد منها تعبيرات فنية متعددة ظلّت حاضرة في جميع مراحل تجربته التي انتقلت من تشخيصية واقعية إلى تجريد صوفي، بينما ذهب الثاني إلى مسار مختلف رغم اعتماده المرجعيات البصرية ذاتها في لوحته ومنسوجاته وجدارياته المصنوعة من الخشب.

تفتقر المكتبة السودانية إلى مؤلفات توثق الحركة التشكيلية

أما أعضاء المدرسة الكريستالية الذين تُعرض أعمال عدد منهم، فنزعوا إلى أن الشكل هو القيمة الأساسية للفن في نفي للموضوع الذي شغل تيارات أخرى، كما في تجربة كمالا إبراهيم إسحاق (1939) التي صوّرت الطقوس التي يمارسها السودانيون منذ مئات السنين مثل حفلات الزار وطرد الشياطين، وكانت النساء محور معظم أعمالها واللواتي يظهرن في حالة من الخوف الجماعي، بالإضافة إلى أعمال أخرى تحضر المرأة في المناظر الطبيعية الخضراء.

كما تعرض أعمال عمر خيري (1939 – 1999)، المعروف باسم جورج إدوارد سكونكور، الذي اخترع عوالم فانتازيا أسطورية لا صلة لها بالواقع، وآمن بضرورة التجريب على مستوى الخامة والأدوات منوعاً بين رسومات الحبر والرصاص وألوان الزيت والأكريليك على الورق والقماش والخشب، وكذلك لوحات الفنان الأميركي السوداني عامر نور (1936 – 2021)، التي وثّقت الحيوانات والمناظر الطبيعية والهندسة المعمارية في السودان.

إلى جانب لوحات تاج السر أحمد (1932 – 2015)، وحسين شريف (1934 – 2005) الذي زاوج بين الإخراج السينمائي والتشكيل، ومنحوتات محمد أحمد عبد الله أبارو (1935 – 2016) الخزفية، وكان من المأمول أن يضم المعرض أيضاً أعمال محمد عمر خليل، ومحيي الدين الجنيد، وبسطاوي بغدادي، ومجذوب رباح، وإبراهيم العوام، وصديق النجومي، وأحمد حامد العربي، ومحمد الحسن عبد الرحيم شايجي وآخرين.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية