الشرارة الكبرى.. ما مخاطر تبادل إسرائيل وإيران قصف منشآت نفط حساسة؟
عربي
منذ 9 ساعات
مشاركة

في تصعيد نوعي غير مسبوق بين طهران وتل أبيب، دخلت منشآت الطاقة، وعلى رأسها حقول الغاز ومصافي النفط، دائرة الاستهداف المباشر، في تطور قد يشعل حربا أخرى تهدد الاستقرار الإقليمي وسلاسل الإمداد العالمية للطاقة. فبينما صعدت إسرائيل هجماتها الجوية لتطاول مواقع حيوية كمصفاة عبادان وحقل بارس الجنوبي، جاء الرد الإيراني باستهداف مصافي الشمال الإسرائيلي في مدينة حيفا، والتي تُعدّ مركز التكرير الأهم في دولة الاحتلال. وهو ما آثار تساؤلات واسعة في الأوساط الاقتصادية الإقليمية والدولية عن الأثر الاقتصادي المباشر لهذا الاستهداف المتبادل لمنشآت نفطية استراتيجية وحساسة على الأسواق العالمية وخاصة سوق الطاقة.

هجوم إسرائيلي على منشآت طاقة إيرانية

في واحدة من أكثر الضربات تأثيرا على قطاع الطاقة، استهدفت طائرات إسرائيلية بدون طيار مجمع الغاز العملاق "بارس الجنوبي" في جنوب إيران، ما تسبب في اندلاع حريق واسع النطاق، أدى إلى تعليق مؤقت لإنتاج 12 مليون متر مكعب من الغاز يوميا من وحدة الإنتاج في المرحلة 14 من الحقل، وفقا لتقرير وكالة "تسنيم" شبه الرسمية، أمس السبت. وحقل "بارس الجنوبي" يُعد من أكبر حقول الغاز في العالم، ويقع في إقليم بوشهر، ويمثل المصدر الأساسي لإنتاج الغاز في إيران، ثالث أكبر منتج عالمي بعد الولايات المتحدة وروسيا، وفق رويترز.

ويمثل توقف إنتاج الغاز من وحدة واحدة فقط في "بارس الجنوبي" خسارة يومية تقارب 423 مليون قدم مكعب، وهو ما يُحدث فجوة كبيرة في تغذية السوق المحلي الإيراني، الذي يستهلك الغاز بكثافة في توليد الكهرباء والتدفئة والصناعة، نتيجة عدم قدرته على تصدير الغاز بسبب العقوبات. كما يشير تقرير "جيروزاليم بوست" إلى أن الحادث تسبب في ارتفاع أسعار الغاز الإقليمي بنحو 3% في التداولات الفورية، وسط مخاوف من اتساع نطاق الهجمات ليشمل البنية التحتية للطاقة الخليجية.

ولم تقتصر الهجمات الإسرائيلية على منشآت الغاز، بل امتدت إلى مصفاة "عبادان" التاريخية، التي تقع على مقربة من الحدود العراقية. وتُعدّ مصفاة عبادان من أقدم وأهم مصافي إيران، وتنتج أكثر من 400 ألف برميل يوميا من المنتجات النفطية المكررة، ما يجعلها شريانا اقتصاديا للجنوب الإيراني. وقد أدى الهجوم إلى إيقاف جزئي للتشغيل، وأثار مخاوف من عرقلة توزيع الوقود المحلي داخل إيران، خاصة في ظل محدودية البدائل السريعة.

الرد الإيراني واستهداف مصافي حيفا الإسرائيلية

وفي المقابل، استهدفت طهران مصافي النفط الإسرائيلية في حيفا شمالي البلاد، والتي تُعد من بين البُنى التحتية الأساسية لتكرير النفط في إسرائيل، إذ تستقبل قرابة 60% من احتياجات الدولة من النفط الخام، بحسب تقرير "نيويورك بوست". وأكدت شركات إسرائيلية أن الهجوم ألحق أضرارًا ببعض خطوط الأنابيب ومحطات التوزيع، ما تسبب في إرباك مؤقت في عمليات الضخ، دون توقف كامل. لكن الأثر الأوسع تمثل في قفزة أسعار الوقود محليًا بنسبة 7% خلال أقل من 24 ساعة، نتيجة الذعر والمضاربات في السوق الداخلي.

وانعكست هذه التطورات الميدانية مباشرة على أسواق الطاقة، إذ قفز سعر خام برنت بنسبة 9% يوم الجمعة ليصل إلى 91 دولارا للبرميل، وفق رويترز، وسط مخاوف من تعطل محتمل في الإمدادات إذا ما امتد التصعيد إلى مضيق هرمز أو منشآت الطاقة الخليجية. كما هبطت بورصة تل أبيب بنسبة 1.5% مع بداية جلسة الأحد بعد عودة التداول عقب عطلة نهاية الأسبوع، في أول رد فعل مالي مباشر على التهديدات لمنشآت الطاقة.

اضطرابات لوجستية 

وأدت الضربات المتبادلة إلى تعقيد الوضع اللوجستي في المنطقة، إذ أغلقت شركات شحن عملاقة موانئها مؤقتًا في الخليج العربي تحسبا لمزيد من التصعيد، كما تأخرت شحنات الوقود من البصرة وميناء جاسك الإيراني، بحسب "بلومبيرغ". وتعطل جزئيا عمل ميناء حيفا الإسرائيلي أيضا، خاصة في استقبال ناقلات المواد البترولية، ما زاد من مخاوف نقص الإمداد في السوق المحلي، وسط زيادة الطلب نتيجة التخزين الاحترازي.
وأثار التصعيد الإسرائيلي الإيراني قلقا أوروبيا متزايدا من احتمال تضرر الإمدادات البديلة للغاز الروسي، خاصة وأن قطر، التي تشارك إيران في حقل "بارس/الشمال"، تعتمد على الاستقرار الإقليمي لتصدير الغاز المسال إلى أوروبا. كما حذرت شركة "توتال إنرجيز" من مخاطر تعطل عملياتها غير المباشرة في الحقل، بحسب رويترز. هذه المخاوف قد تدفع أوروبا مجددا لتكثيف الاستيراد من الولايات المتحدة، ما يضغط على الأسعار العالمية ويفاقم أزمة الطاقة المستمرة منذ الحرب الأوكرانية.
وتكشف التطورات الأخيرة أن استهداف منشآت النفط والغاز ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو تهديد صريح لأمن الطاقة العالمي واستقرار الاقتصاد الإقليمي. فإيران، رغم العقوبات، لا تزال فاعلا مهما في سوق الغاز، واستهداف بنيتها التحتية يعطل التوازن المحلي ويزيد الضغط على احتياطاتها. أما إسرائيل، فإن تهديد منشآتها النفطية يزيد من عجزها التجاري، ويرفع تكلفة الاستيراد ويؤثر على ميزانية الدولة. 

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية