يا صاحب الطير: عودة فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية
عربي
منذ 10 ساعات
مشاركة

تستعد فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية لإطلاق عملها الراقص الجديد "يا صاحب الطير" خلال الصيف الحالي، استكمالاً لمسيرتها الفنيّة النابعة من حكايات وأحوال المجتمع الفلسطيني بتحولاته المختلفة منذ تأسيس الفرقة عام 1979.
تنادي لوحات "يا صاحب الطير" على الفلسطيني أينما كان، ليسهر على طيره، لتحثّه على الانخراط في العمل المجتمعي والوطني في مواجهة الاحتلال الذي يمعن في انتهاك حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس والإبادة المستمرة في قطاع غزة.
اعتمدت فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية في بناء عملها الجديد على مجموعة أغنيات من الفلكلور الفلسطيني بمواضيعه المختلفة، ابتداءً من موسم الحصاد وحكايا النساء والرجال والمقاومة، مروراً بالريف والمخيم والمدينة الفلسطينية، وعادات الفلسطينيين وتقاليدهم، جامعةً هذه المقطوعات في ألبوم بعنوان "زاف"، بمعنى حلّق، بالتعاون مع الموسيقار سعد الحسيني. بالإضافة إلى مقطوعات الفلكور الفلسطيني ارتأت الفرقة إضافة أغنيات من التاريخ الفلسطيني الحديث، معتمدة على إرث الشاعر الشعبي محارب ذيب (1914- 1995) الذي أنشد شعراً مصاحباً للربابة يحكي قصص المقاومة والصمود والأفراح والأتراح في ريف فلسطين وباديتها.
بدا واضحاً خلال العرض التجريبي، الذي حضرته "العربي الجديد"، أن تنوع المقطوعات ورسائلها لم يعق وجود هوية تجمعها في صورة واحدة متعددة العناصر، فبُنيت المشاهد على اختلاف مواضيعها في مخيم للاجئين الفلسطينيين المحاصر بجدار الفصل العنصري.
ومن جهة أخرى، يبدأ العرض بوجود عشرات الراقصين والراقصات يحملون هواتفهم النقالة في لقطة فنيّة تبدو للمشاهد معاصرة، إلا أن الحنين للماضي وصورة الفلسطيني التراثية سادا بالتوازي على خشبة المسرح مع وصول العرض إلى ذروته وحتى لحظة الختام.

"قم اسهر على طيرك"

في حديث لـ"العربي الجديد"، أكّد مخرجا العرض، الفنانان نورا بكر وعطا خطّاب، أن بناء العرض اعتمد على النوستالجيا للأزمنة الموثقة بالفلكلور، إلا أن الفرقة تسعى من خلال العرض لتقديم هذه النوستالجيا بقالب معاصر يذّكر الفلسطينيين بما يجمعهم ويحثّهم على استرجاع نضالهم الجمعي الفاعل، ويأتي تأكيد هذا الفعل من خلال اختيار جغرافيا المخيم في بناء العناصر البصرية الداعمة للعمل الراقص.
يقول خطاب: "تتكثف الذاكرة الفلسطينية في مخيم اللاجئين كونه يجمع فلسطينيين من مدن وقرى مختلفة، فيأتي عملنا الفنّي لإبراز هذه الصورة وإبانة الخط العام الذي يجمع كل الناس. فقمنا بإعادة بناء وتخيّل شكل الحياة الاجتماعية في فلسطين مرتكزين على موال يا صاحب الطير الذي نؤمن أنه يحمل مقولة عامة تجمع كل القصص التي تطرحها الأغنيات الأخرى في العرض".
ويضيف خطاب أن "توثيق روابط الناس بموروثهم الثقافي ليس عملاً بديهياً، بل جهد جماعي تسعى الفنون لتكون جزءاً أساسياً في تعزيزه من خلال تثقيف الأجيال الأصغر سنّاً من الراقصين والراقصات ومجتمع الفرقة ككل. فالتراث مكوّن أساسي للهوية المعاصرة وتحاول الفرقة أن تقدمه للجمهور ببعد تقدمي نابع من الإيمان بأن هذه الطريقة أساسية في تطوير حركة الدبكة والرقص الفلسطيني ليبقى جاذباً لليافعين".
أما بكر فترى أن مقولة "يا صاحب الطير، قُم اسهر على طيرك" التي يقال في الرواية الشعبية أنها نُظمت في قرية بيت دجن بعد سرقة مستوطن إسرائيلي لطيور أحد الفلاحين في القرية، يمكن من خلالها استدعاء الماضي الذي يحفز على إعادة ترتيب الأولويات في الحاضر، ويأتي دور الفرقة باستخدام هذا الفلكلور لمحاكاة واقع الناس المعاش في عصرهم الحالي.

فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية: تأثير بمدى أبعد

بدأت فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية بالعمل على "يا صاحب الطير" عام 2023، ومع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة، توقف العمل على العرض لبضعة شهور، عملت خلالها الفرقة على تقديم الدعم والمساندة لأعضائها. يؤكد كل من خطاب وبكر أن دور الفرقة يتجاوز خشبة المسرح ويسعى للبناء مع المجتمع والأفراد، الأمر الذي استدعى التوقف عن العمل وفتح أبواب الحوار مع الراقصين والراقصات، وخاصة الأصغر سنّاً ممن لم يعيشوا تفاصيل الانتفاضتين (1987 و2000) وبدأوا بالتساؤل حول دور الثقافة والفنون في ظل الإبادة التي تجاوزت كل الحدود التي اخترقها الاحتلال بالماضي.
تقول بكر، التي انضمت إلى الفرقة عام 1989، إن تاريخ النضال الفلسطيني الطويل يدفع جيلها لتثقيف الأجيال الأصغر حول الثقافة والفنون كمكونات أساسية نابعة من المجتمع نفسه، وهو الأمر الذي استطاعت الفنون المحافظة عليه برفضها التمويل الأجنبي المشروط واعتمادها على التطوع وعلى المجتمع المحلي بالتمويل، مما جعل مقولات أعمالها الفنية من الواقع الفلسطيني وموجهة للجمهور الفلسطيني بالأخص دون التأثر بتوجهات الممولين.

ويعتبر خطاب أنه لا يمكن فصل الثقافة عن خصوصية منشأها وعليه فإن "الثقافة هي جزء من المعركة مع الاحتلال"، فبرأيه فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية تجاوزت سؤال الجدوى بمجرد إيمانها أن الفن يستمر بدعم من المجتمع عندما يتخلى الفنانون عن مظاهر التضخم التشغيلي للمؤسسات من حيث المباني وعدد الموظفين والفروع، العوامل التي يعتقد خطاب أنها تسهم بتأطير الثقافة بإطار أيديولوجي طبقي فتبتعد تلقائياً عن مجتمعها المحلي العام. مضيفاً أن قرب فرقة الفنون من هوية مجتمعها وعدم مركزيتها في مجتمع المدينة فقط، هو ما يجعل نحو 500 ــ 600 عضو يتطوعون في الفرقة بشكل سنوي ومتواصل.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية